الخليج اليوم

تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع يثير الجدل.. موقف مفاجئ يسلّط الضوء على تغير السياسة

في خطوة مفاجئة أعادت ترتيب المشهد السياسي في الشرق الأوسط، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتصريح لافت حول لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، مشيدًا بشخصيته وفرص بلاده المستقبلية. جاء تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع من قلب العاصمة السعودية الرياض، خلال قمة جمعت زعماء إقليميين، وحرّك دوائر التحليل السياسي والإعلامي في آن واحد.

وصف ترمب اللقاء بأنه كان «جيداً جداً»، واعتبر الشرع «رجلًا قويًا يمتلك فرصًا واسعة»، في إشارات فسّرها محللون بأنها قد تمهد لمرحلة جديدة من التعامل الأمريكي مع الملف السوري بعد سنوات من العزلة السياسية والعقوبات المشددة.

في هذا التقرير، نستعرض خلفيات هذا اللقاء، وردود الأفعال الإقليمية والدولية، ودلالات تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع ضمن سياق السياسة الأمريكية المتغيرة.

من هو أحمد الشرع وما رمزية ظهوره السياسي؟

يُعد أحمد الشرع من الوجوه الجديدة على الساحة السياسية السورية، بعد توليه الحكم أواخر عام 2023 عقب انهيار نظام بشار الأسد، ويحمل الشرع خلفية إدارية واقتصادية، إذ ترأس سابقًا عدة مؤسسات إصلاحية ومالية في الداخل السوري، مما أكسبه دعمًا دوليًا جزئيًا باعتباره خيارًا إصلاحيًا محتملًا.

وتمثل مشاركته في قمة الرياض أول ظهور دولي كبير له، وهو ما أضفى على تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع أهمية مضاعفة، إذ قرأ كثير من المراقبين الإشادة الأمريكية كإشارة إلى نية واشنطن في إعادة فتح قنوات التعاون مع الحكومة السورية الجديدة.

الدور السعودي في ترتيب اللقاء ودعم الشرع

وفق تقارير مسربة من دوائر دبلوماسية، فإن الرياض لعبت دورًا محوريًا في التمهيد لهذا اللقاء، ضمن إطار سياسة إعادة تموضعها في الملف السوري وقد سبق هذا اللقاء جهود سعودية ملموسة في دعم الاستقرار السوري عبر المساعدات الإنسانية والوساطات الإقليمية.

وكان ولي العهد السعودي قد أكد في تصريحات سابقة أن دعم سوريا بعد الحرب “هو دعم للاستقرار العربي الشامل”، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات هو خطوة ضرورية لإعادة بناء الدولة السورية.

في هذا السياق، لم يكن تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع مجرد مجاملة سياسية، بل يُنظر إليه كجزء من تفاهم سعودي أمريكي أوسع حول الملف السوري.

رفع العقوبات عن سوريا وتغير الاستراتيجية الأمريكية

يشير مراقبون إلى أن تعليق العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن سوريا يُمثّل تحولًا نوعيًا في السياسة الأمريكية، التي كانت لعقود تتبنى نهج العزل والضغط الاقتصادي.

وفي تعليقه على هذه الخطوة، قال ترمب: “إن رفع العقوبات يمنح السوريين فرصة جديدة للحياة”، وهي عبارة أثارت اهتمام الإعلام، وفسرها البعض على أنها إشارة إلى نهاية مرحلة من الجمود السياسي.

وقد ارتبط تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع مباشرةً بإعلانه هذا، مما يعزز فرضية أن اللقاء لم يكن بروتوكوليًا، بل جزءًا من خطة شاملة لإعادة رسم العلاقة بين واشنطن ودمشق.

ردود أفعال دولية وإقليمية على التصريحات الأمريكية

بعد ساعات من تصريحات ترمب، توالت ردود الأفعال من عواصم عدة. فقد رحبت الخارجية الروسية بما وصفته بـ”انفتاح أمريكي نادر تجاه سوريا”، في حين أبدت فرنسا تحفظها، مشيرة إلى ضرورة مراقبة التزامات النظام السوري الجديد.

على الجانب العربي، عبّرت دول مثل الإمارات ومصر عن دعمها لأي خطوات تعيد سوريا إلى الحاضنة العربية، بينما فضّلت الأردن والعراق انتظار تفاصيل التنفيذ العملي لرفع العقوبات.

وقد تصدّر تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع عناوين كبريات الصحف، مثل New York Times وThe Guardian، وأصبح محل تحليل لدى مراكز الأبحاث الأمريكية مثل Brookings وCSIS، ما يشير إلى الأهمية الاستراتيجية للتصريح.

التأثير المحتمل على مستقبل سوريا وإعادة الإعمار

يرى خبراء أن أي تخفيف للعقوبات سيفتح المجال أمام تدفق استثمارات جديدة إلى سوريا، خصوصًا في قطاعات البنية التحتية والطاقة، التي دُمّرت خلال سنوات الحرب.

كما أن تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع خلق حالة من التفاؤل في الأسواق المالية الإقليمية، حيث ارتفعت مؤشرات الثقة بالعملة السورية مؤقتًا، وتحدثت تقارير عن تحركات مبدئية من شركات إماراتية وسعودية لاستكشاف فرص في الداخل السوري.

من جانب آخر، فإن هذه الخطوة قد تدفع ببرنامج إعادة الإعمار المتوقف إلى الأمام، بشرط وجود ضمانات دولية بعدم تكرار التجاوزات التي حدثت في عهد النظام السابق.

موقف المعارضة السورية من التصريحات الأخيرة

جاء تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع كإشارة صادمة للعديد من أطياف المعارضة السورية، التي كانت تعوّل على استمرار الضغوط الأمريكية كوسيلة ضغط سياسية على النظام الجديد في دمشق. وقد تباينت ردود الفعل بين الترحيب الحذر والرفض الصريح.

أصدرت بعض الكتل المعارضة، مثل هيئة التنسيق الوطنية، بيانات دعت فيها إلى “عدم التسرع في بناء الثقة مع أي سلطة سورية ما لم تلتزم بالإصلاحات السياسية الشاملة”، بينما عبّرت جهات أخرى، كالمجلس السوري الديمقراطي، عن قلقها من أن تتحول الوعود الدولية إلى مجرد تطبيع سياسي دون ضمانات حقوقية.

في المقابل، رأت بعض الشخصيات المستقلة أن تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع قد يُستخدم كورقة ضغط من قبل واشنطن لدفع النظام نحو التفاوض الجاد، لا بوصفه تفويضًا مفتوحًا.

وتشير بعض التحليلات إلى أن واشنطن قد تكون بصدد اختبار نوايا القيادة السورية الجديدة قبل الانتقال إلى مراحل أعمق من التعاون.

الإعلام المحلي والدولي وتحليل لغة الجسد والرمزية

رغم اقتصار اللقاء على تصريحات إعلامية محدودة، فإن الصور ومقاطع الفيديو التي تم تداولها لاحقًا حظيت بتحليلات عميقة، سواء في الإعلام العربي أو الغربي. ركزت بعض القنوات على لغة الجسد بين ترمب والشرع، والتي وُصفت بأنها “ودية بشكل غير متوقَّع”، مما عكس نوعًا من التقدير الشخصي، لا البروتوكولي فقط.

في هذا السياق، برزت برامج تحليلية على قنوات مثل CNN وSky News، حاولت تفكيك أبعاد تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع في ضوء الحركات غير المنطوقة. ورأى بعض المختصين أن مصافحة ترمب الطويلة مع الشرع، وتكرار الإيماءات المؤكدة، توحي برسالة أمريكية مدروسة هدفها طمأنة الحلفاء الإقليميين.

أما الإعلام السوري الرسمي، فقد احتفى باللقاء بشكل واسع، معتبرًا إياه «انتصارًا للسياسة الواقعية» و«اعترافًا بوزن دمشق الجديد في الإقليم».

وبرزت تغطيات واسعة للحدث في التلفزيون الرسمي والصحف الحكومية، مع التركيز على إشادة ترمب بالشخصية القيادية للشرع.

فرص التحول إلى مسار سياسي جديد

الملف السوري عالق منذ أكثر من عقد، لكن تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع قد يكون بداية لمرحلة جديدة تتجاوز المحاصصات الدولية التقليدية. إذ تشير بعض المصادر أن الأمم المتحدة تدرس تعديل مسار جنيف ليتماشى مع مخرجات التحولات الإقليمية الجديدة.

كما أبدت بعض الدول الأوروبية، مثل إيطاليا والنمسا، رغبتها في إعادة التواصل مع الحكومة السورية الجديدة، خاصة في ملفات الهجرة ومكافحة الإرهاب. ويعزز هذا التحرك من احتمالية تبلور مسار سياسي جديد يقوم على الواقعية والتدرج، لا المواجهة الشاملة.

ومع أن كثيرين يعتقدون أن رفع العقوبات لن يكون شاملاً وسريعًا، فإن تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع قد يمهد لبدء تفاوض عملي حول صيغة جديدة لعلاقة سوريا بالغرب، تشمل الأمن، وإعادة الإعمار، والمصالحة الوطنية.

الموقف الإسرائيلي والمخاوف الإقليمية

في مقابل الترحيب النسبي من بعض الدول، عبّرت إسرائيل عن قلقها من التحول المفاجئ في الموقف الأمريكي.

وذكرت تقارير عبرية أن الحكومة الإسرائيلية طلبت إيضاحات من إدارة ترمب بشأن فحوى اللقاء، وما إذا كان يشمل نقاشات تتعلق بتقليص النفوذ الإيراني في سوريا.

وتُشير تحليلات إلى أن تل أبيب تخشى أن تؤدي إعادة دمج دمشق في المشهد الإقليمي إلى منح إيران منفذًا سياسيًا جديدًا.

وقد يكون هذا ما يفسر تحفظ بعض الأطراف الغربية على مضمون تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع.

ومن جهته، رد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بأن “رفع العقوبات لا يعني إطلاقًا التغاضي عن المخاوف الأمنية، بل هو فرصة مشروطة بالإصلاحات والتعاون”.

ماذا بعد.. سيناريوهات محتملة وخريطة التوقعات

مع توالي المواقف الدولية، أصبح المشهد السوري مفتوحًا على عدة سيناريوهات، أبرزها:

  • الانفتاح المشروط

وهو الأكثر ترجيحًا، حيث تستمر الولايات المتحدة في تخفيف القيود تدريجيًا مقابل خطوات واقعية من القيادة السورية الجديدة.

  • إحياء مسار تفاوضي جديد

بدعم عربي وغربي، يشمل المعارضة الداخلية، وربما تمثيلًا أوسع لمكونات المجتمع السوري.

  • التطبيع الإقليمي المحدود

حيث تُبادر دول الخليج ومصر إلى خطوات عملية في ملفات الإعمار، دون انتظار موافقة أوروبية كاملة.

في كل هذه السيناريوهات، يظل تعليق الرئيس الأمريكي على لقاء الشرع لحظة مفصلية، وضعت حجر الأساس لتغيير قواعد اللعبة في الملف السوري.

اقرأ ايضاً: كيف تتابع أخبار مصر أولاً بأول عبر منصة الوفاق نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
لطلب الاعلان على الموقع - اتصل بنا
اتصل بنا
Hello
Can we help you?