أخبار العالمالخليج اليوم

سوريا تنتفض من تحت الركام.. هل يفتح رفع العقوبات عن سوريا باب الإعمار أخيرًا؟

بعد التطورات الأخيرة بسوريا وفي تحول مفصلي قد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بعد لقاء الشرع مع ترمب عن رفع العقوبات عن سوريا في خطوة وُصفت بأنها بداية مسار جديد لإنهاء الحصار المستمر منذ عقود. وبين ترحيب دمشق ومراقبة حذرة من المجتمع الدولي،

يُطرح السؤال الحاسم: هل يمثل رفع العقوبات عن سوريا لحظة انطلاق حقيقية نحو إعادة الإعمار؟

ترتبط قضية رفع العقوبات عن سوريا بجملة من الملفات الحساسة، أبرزها البنية التحتية المدمرة، والقطاع المصرفي المتوقف، والشلل الذي أصاب الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومع عودة الحديث عن فرص تمويل وإعفاءات، يتجدد الأمل في تعافي الاقتصاد السوري.

رفع العقوبات عن سوريا

ما هي العقوبات التي تم رفعها عن سوريا؟

يشمل القرار الأمريكي رفع الحظر عن عدد من الكيانات الاقتصادية الحيوية في سوريا، مثل البنك المركزي، وعدد من الوزارات الحكومية، إلى جانب شركات النفط والغاز والخطوط الجوية السورية. كما تم شطب شخصيات بارزة من قوائم العقوبات، الأمر الذي يُسهل عمليات التبادل التجاري والتحويلات المالية.

بحسب وزارة الخزانة الأمريكية، فإن هذه الخطوة تمثل “تجميدًا” وليس إلغاءً دائمًا، لكنه يُعد تمهيدًا لتحول أعمق يتم الإعداد له بالتعاون مع الكونغرس.

اقرأ ايضا: تفاعل سوري واسع مع الأمير محمد بن سلمان.. «حركته العفوية» تشعل الترند وتخطف الأضواء

كيف يمكن أن يسهم رفع العقوبات عن سوريا في إعادة الإعمار؟

رفع العقوبات عن سوريا يُعد بمثابة صمام أمان اقتصادي يفتح المجال أمام شركات البناء والطاقة للعودة إلى السوق السورية، ويُزيل العقبات أمام تمويل مشروعات البنية التحتية.

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن أكثر من 60٪ من الموازنات الحكومية كانت تُستنزف سابقًا في تجاوز الحصار، وهو ما سيتغير الآن.

كما يمكن أن تستعيد سوريا تدريجيًا شراكاتها مع دول كالصين، روسيا، وإيران، والتي أبدت استعدادها للمشاركة في جهود إعادة الإعمار بمجرد تهيئة المناخ الاستثماري.

دور الاستثمارات في مرحلة ما بعد رفع العقوبات عن سوريا

وفقًا لتقرير صادر عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإن رفع العقوبات عن سوريا لا يُعد كافيًا لجذب رؤوس الأموال، بل يجب أن يترافق مع خطوات إصلاحية واضحة تضمن الشفافية، وتقلل من الفساد، وتمنح المستثمرين ضمانات قانونية.

ومع ذلك، فقد بدأت بعض الشركات من لبنان والعراق وتركيا باتخاذ خطوات تمهيدية لإعادة الدخول إلى السوق السورية، مستفيدة من التسهيلات الجديدة وتراجع القيود الجمركية.

الموقف الدولي من قرار رفع العقوبات عن سوريا

الترحيب السوري لم يكن كافيًا لتوحيد الموقف الدول ففي الوقت الذي دعت فيه روسيا والصين إلى دعم الخطوة والبناء عليها، عبّرت دول أوروبية عن قلقها من أن يكون هذا القرار دون شروط سياسية، خصوصًا فيما يتعلق بملف اللاجئين وحقوق الإنسان.

من جانبه، أكد الاتحاد الأوروبي أن موقفه من العقوبات سيبقى مرهونًا بتحقيق تقدّم حقيقي في عملية التسوية السياسية وفق قرار مجلس الأمن 2254.

رفع العقوبات عن سوريا

العقوبات وقطاع الطاقة

أحد أبرز آثار رفع العقوبات عن سوريا يتجلى في قطاع الطاقة، حيث يُتوقع أن تعود شركات النفط الحكومية للعمل بكفاءة أعلى، وأن تستأنف بعض الحقول الإنتاجية المعطّلة. ووفقًا لبيانات وزارة النفط السورية، فإن الإنتاج اليومي قد يصل إلى 350 ألف برميل يوميًا في حال تم توفير المعدات والاستثمارات اللازمة.

كما سيفتح رفع العقوبات عن سوريا الباب لتجديد عقود مع شركات من روسيا وإيران، إلى جانب إمكانية التعاون مع شركات آسيوية حال تحسُّن الأوضاع السياسية.

هل بدأ الاقتصاد السوري يتعافى؟

تشير بيانات أولية من المصرف المركزي السوري إلى أن حجم التحويلات الخارجية ارتفع بنسبة 27٪ في الأسبوع التالي لإعلان القرار الأمريكي. كما سجل سعر صرف الليرة السورية تحسنًا طفيفًا أمام الدولار، مما يعكس حالة من التفاؤل الحذر لدى المواطنين.

ومع دخول فصل الصيف، يُتوقع أن يشهد قطاع السياحة الدينية والداخلية انتعاشًا تدريجيًا، خاصة بعد إعلان وزارة السياحة عن خطة جديدة لاستقطاب الزوار من دول الجوار.

الاستثمارات الخليجية المحتملة بعد رفع العقوبات عن سوريا

بعد توسط الأمير محمد بن سلمان فتح قرار رفع العقوبات عن سوريا باب التوقعات  بشأن عودة رؤوس الأموال الخليجية إلى السوق السوري، لا سيما مع وجود مؤشرات سابقة على اهتمام بعض الشركات العقارية والمصرفية الإماراتية والسعودية بالدخول إلى قطاعات البنية التحتية والإسكان.

بحسب تقرير صادر عن مؤسسة “بلوم للاستشارات”، فإن الاستثمارات الخليجية المحتملة في سوريا قد تتجاوز 4 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من إعادة الإعمار، خصوصًا في مشاريع المدن الصناعية، والطاقة الشمسية، وإعادة تأهيل المطارات والموانئ.

وتشير تحركات رجال الأعمال العرب في المؤتمرات الاقتصادية الأخيرة، ومنها منتدى موسكو الاستثماري، إلى وجود رغبة فعلية في الاستفادة من المرحلة الجديدة التي خلقها رفع العقوبات عن سوريا، لكن التحديات القانونية والضمانات المصرفية لا تزال عقبة أمام التفعيل الفوري.

المخاوف من تغوّل الشركات الدولية بعد رفع العقوبات عن سوريا

بينما تبتهج بعض الأوساط بالقرار، هناك تحذيرات من أن يؤدي رفع العقوبات عن سوريا إلى دخول شركات عابرة للحدود بأساليب احتكارية، مستغلة حاجة البلاد الماسة للإعمار والسيولة.

تحذيرات أطلقها خبراء في الاقتصاد السياسي، تؤكد ضرورة إصدار قوانين تضمن عدم التبعية الاقتصادية، وتحفظ موارد الدولة من الاستنزاف. ويقترح البعض سن تشريعات تحدد نسب التملك، وتمنح الأفضلية للمستثمر المحلي، خصوصًا في قطاعات مثل التعدين والاتصالات.

تجارب سابقة في دول خرجت من أزمات مماثلة أظهرت أن غياب الحوكمة قد يؤدي إلى تحول مرحلة الإعمار إلى سوق مفتوح للاستغلال وليس لبناء حقيقي.

التحديات القانونية والتنظيمية أمام بيئة الأعمال

رفع العقوبات عن سوريا لا يعني بالضرورة أن البيئة جاهزة للاستثمار. العديد من المستثمرين يشترطون وجود قوانين ناظمة واضحة، وسلطة قضائية تضمن فض النزاعات، وإجراءات مصرفية قابلة للتنفيذ دوليًا.

بحسب دراسة صادرة عن مركز “أبحاث الشرق الأوسط”، فإن 67% من الشركات الأجنبية التي أبدت استعدادها للدخول إلى سوريا تنتظر حزمة إصلاحات قانونية تشمل تحديث قوانين الاستثمار، تفعيل المحاكم الاقتصادية، وإنشاء هيئة ضمان مخاطر خاصة بالشراكات الدولية.

هذه التحديات يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة في المرحلة المقبلة لضمان أن يؤدي رفع العقوبات عن سوريا إلى نتائج ملموسة وليس مجرد انفتاح نظري.

الدور الإقليمي الجديد لسوريا بعد رفع العقوبات

سياسيًا، رفع العقوبات عن سوريا يعيد رسم ملامح علاقاتها الإقليمية. فقد بدأت بالفعل مؤشرات على تقارب اقتصادي بين دمشق وعواصم عربية كانت بعيدة عنها، مثل عمّان والقاهرة، تمهيدًا لتفعيل خطوط التبادل التجاري والبري.

كما يتوقع مراقبون أن تشهد المرحلة المقبلة عودة تدريجية للتمثيل السوري في بعض المؤسسات الاقتصادية العربية، كاتحاد الغرف التجارية، والبنك العربي للتنمية.

هذه التحولات تشير إلى أن رفع العقوبات عن سوريا لا يحمل فقط بعدًا اقتصاديًا بل يُعيد تشكيل موقعها في التوازنات الإقليمية.

كيف يمكن للمواطن السوري الاستفادة فعليًا من القرار؟

السؤال الذي يتردد في الشارع السوري هو: متى يشعر المواطن البسيط بتأثير رفع العقوبات عن سوريا؟

الخبراء يؤكدون أن الأثر لن يكون فوريًا، لكنه سيكون تراكميًا، يبدأ من تحسن تدريجي في توفر السلع الأساسية وانخفاض أسعار بعض الخدمات مثل الإنترنت، الكهرباء، والنقل. كما يمكن أن يؤدي تدفق الأموال والاستثمارات إلى توفير فرص عمل جديدة خصوصًا في قطاع البناء والسياحة.

لكن كل هذا مرتبط بمدى التزام الحكومة بالإصلاحات، وقدرتها على ضبط السوق، ومنع الاحتكار والاستغلال.


في النهاية

رفع العقوبات عن سوريا يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، لكنه في الوقت نفسه اختبار حقيقي لقدرة الدولة على إدارة هذه المرحلة بأدوات جديدة تعتمد الشفافية، والكفاءة، والشراكة المستدامة. تبقى الكرة الآن في ملعب صناع القرار.

اقرأ ايضاً: ترمب يودع الرياض بإشارة إلى القلب.. تفاعل واسع مع رد الأمير محمد بن سلمان بسيادة الصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
لطلب الاعلان على الموقع - اتصل بنا
اتصل بنا
Hello
Can we help you?