لقاء الشرع ومبعوث ترمب يشعل التساؤلات: هل تنكسر الجدران حول سوريا؟
في تطور سياسي غير متوقع، جذب “لقاء الشرع ومبعوث ترمب” اهتمامًا إقليميًا ودوليًا واسعًا، بعد عقد اجتماع رسمي في إسطنبول بين الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص توماس باراك. الحدث جاء على خلفية تحولات دولية بدأت تُرخي بظلالها على الملف السوري، بدءًا من التصريحات الأميركية حول رفع العقوبات عن سوريا، وصولاً إلى محاولات إعادة دمج دمشق ضمن السياق الدبلوماسي الدولي.
اللقاء لم يكن بروتوكوليًا فحسب، بل حاملاً لمضامين استراتيجية تعكس تغيرًا في نبرة الخطاب الأميركي تجاه النظام السوري، وتفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مصير “العزلة السورية” التي استمرت لأكثر من عقد.
أبعاد اللقاء السياسية والاستراتيجية
لقاء الشرع مع المبعوث الأميركي تم في إسطنبول، وهو ما يثير تساؤلات حول الدور التركي في تيسير هذا النوع من اللقاءات في مرحلة ما بعد التوتر الإقليمي.
واشنطن بدورها أوضحت أن اللقاء جاء في إطار رؤية إدارة ترمب لما تسميه بـ”إعادة بناء سوريا المزدهرة”، حيث أكد باراك دعم بلاده للشعب السوري واستعدادها لدعم صندوق استثماري لإعادة إعمار الاقتصاد السوري.
هذه الخطوة تمثل تحولاً كبيرًا عن مواقف الإدارات السابقة، وقد تكون بوابة فعلية لتجاوز مرحلة الجمود في العلاقات الأميركية السورية. فهل نحن أمام لحظة إعادة تموضع إستراتيجية، أم أن المشهد لا يزال ضبابيًا؟
رفع العقوبات وتمكين الاستثمار في المرحلة الحالية
قرار وزارة الخزانة الأميركية بتقديم إعفاءات من قانون قيصر، والسماح بإجراء معاملات مالية كانت محظورة، يشير إلى وجود نية حقيقية لدى واشنطن لإحداث تحول في ملف العقوبات عن سوريا. الترخيص الجديد لا يقتصر على تسهيلات إنسانية، بل يتعداه إلى دعم الاستثمار وفتح المجال أمام القطاع الخاص.
وزارة الخارجية السورية من جانبها وصفت القرار بأنه خطوة إيجابية، ورحبت بأي تعاون مبني على الاحترام المتبادل. وبينما يرى البعض أن هذه الإجراءات قد تكون جزءًا من التطورات الأخيرة بسوريا باتجاه التطبيع، يرى آخرون أنها محاولة تكتيكية أميركية لعزل النفوذ الإيراني دون التورط في مواجهة مباشرة.
علاقة دمشق بإسرائيل والمقاتلين الأجانب
من بين الملفات التي طرحت خلال “لقاء الشرع ومبعوث ترمب”، مسألة المقاتلين الأجانب، والعلاقات غير المباشرة مع إسرائيل. وأوضح باراك أن تطبيع سوريا مع العالم يتطلب منها موقفًا واضحًا تجاه القضايا الإقليمية الحساسة، وعلى رأسها إنهاء وجود الفصائل الأجنبية المسلحة، وفتح قنوات اتصال عقلانية فيما يخص ملف الجولان.
الخطاب الأميركي الجديد يُعيد ترتيب أوراق التفاوض، ويطرح تساؤلات حول مدى استعداد دمشق لتقديم تنازلات سياسية مقابل مكاسب اقتصادية ودبلوماسية.
احتمالات إنهاء العزلة السورية
التطورات الأخيرة بسوريا تشير إلى أن العزلة الدولية المفروضة على دمشق بدأت تتفكك، ولو بشكل تدريجي. فتح السفارات العربية، والمشاركة في القمم الإقليمية، وانفتاح بعض الدول الأوروبية على الحوار، كلها مؤشرات تؤكد أن المشهد يتحول.
لكن يبقى السؤال: هل لقاء الشرع ومبعوث ترمب لحظة تأسيس لمسار دائم، أم مجرد خطوة تكتيكية؟ وهل ستتمكن دمشق من استثمار هذه اللحظة التاريخية في بناء علاقات متوازنة تحترم السيادة وتخدم مصالح المنطقة؟
تفاعل القوى الإقليمية والدولية مع اللقاء
أثار لقاء الشرع ردود فعل متباينة على الساحتين الإقليمية والدولية. تركيا بدت حريصة على تقديم نفسها كوسيط متوازن، فيما أبدت دول عربية ترحيبًا مشروطًا بالتحركات الجديدة، بينما حافظت أطراف أوروبية على مواقفها الحذرة.
إسرائيل من جهتها لم تصدر تعليقًا رسميًا، إلا أن وسائل إعلام عبرية ربطت اللقاء بمحاولة أميركية لفرض مسار جديد يشمل جميع اللاعبين في المنطقة، وعلى رأسهم تل أبيب. في حين اتخذت إيران موقف المتفرج، وسط شكوك متزايدة بشأن مستقبل نفوذها داخل الأراضي السورية.
مستقبل العلاقات الأميركية السورية
“لقاء الشرع ومبعوث ترمب” قد لا يكون إلا بداية لمسار طويل ومعقد. فالعلاقات بين دمشق وواشنطن شهدت تجاذبات طويلة، وتعقيداتها ترتبط بعوامل إقليمية ودولية متعددة.
لكن الجديد في هذه المرحلة أن إدارة ترمب تتحدث بوضوح عن نيتها لإنهاء “العقوبات عن سوريا” وفتح باب الاستثمار، وهو ما يمثل ضغطًا مباشرًا على كل من يعارض إعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والدولي.
في النهاية، فإن ما ستسفر عنه التطورات الأخيرة بسوريا سيكون مرهونًا بمدى استعداد الأطراف للانخراط الجدي في حوار متوازن، يأخذ في الاعتبار مصالح الشعوب واستقرار المنطقة ككل.
اقرأ ايضاً: الشيخ بن حميد في خطبة يوم عرفة 2025: تكليف ملكي يُلهب القلوب قبل الحج الأكبر