من الرياض إلى العالم.. توقيع ميثاق المياه العالمي وإطلاق أكبر منظمة دولية للمياه
شهدت العاصمة السعودية الرياض انطلاق حدث استثنائي في تاريخ العمل الدولي، تمثّل في توقيع ميثاق المياه العالمي، وتدشين أعمال المنظمة العالمية للمياه، التي وُلدت من رحم التحديات البيئية المعاصرة. هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل يأتي في سياق رؤية المملكة برؤية 2030 وسعيها نحو خلق مبادرات دولية فعالة ومستدامة في مجال المياه. الحدث الذي رعاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يجسّد توجهًا استراتيجيًا نحو بناء منصات عالمية تُعزز الحلول التقنية والبحثية لقضايا المياه، ويعكس تحولًا سعوديًا نوعيًا في صدارة المبادرات الكوكبية ذات الأثر التنموي الواسع.
ميثاق المياه العالمي ومعايير جديدة للتعاون الدولي
الميثاق الذي تم توقيعه بحضور دولي لافت، يُعد نقلة نوعية في مفهوم الشراكات المائية، حيث يهدف إلى وضع إطار شامل للتنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في إدارة الموارد المائية. يرسخ ميثاق المياه العالمي مبادئ الشفافية، التمكين، التمويل المستدام، والتقنيات الخضراء. ويُشكل المرجعية الدولية الجديدة في التعاطي مع أزمات المياه، ليس فقط من منظور بيئي، بل اقتصادي وتنموي أيضًا، في ظل تغيّرات مناخية متسارعة.
أهداف المنظمة العالمية للمياه وانطلاقتها من الرياض
المنظمة التي أُطلقت رسميًا من الرياض، تهدف إلى بناء منظومة تنسيقية شاملة بين الدول والمنظمات العاملة في قطاع المياه، مع التركيز على دعم الدول النامية فنيًا وتقنيًا وتمويليًا. وتشمل أولوياتها: تعزيز الابتكار في تقنيات المياه، دعم البحوث العلمية، إنشاء مشروعات مستدامة، وتيسير التمويل الأخضر. وقد تعهدت المملكة بدعم المنظمة ماليًا ولوجستيًا لمدة خمس سنوات كاملة، في خطوة تؤكد ريادتها وحرصها على قيادة التغيير.
السعودية ودورها في قيادة التحول العالمي في إدارة المياه
المملكة العربية السعودية لم تكتفِ بإطلاق المنظمة أو استضافة مقرها فقط، بل تبنّت دورًا قياديًا فاعلًا في صياغة رؤيتها ورسالتها. فبحسب وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، فإن المملكة ترى في ميثاق المياه العالمي حجر الأساس لمنصة دولية تنطلق منها الحلول المستدامة. المملكة خصصت برامج استثمارية، ومبادرات تمويل، ودعمت الهندسة البيئية المرتكزة على الاقتصاد الدائري، وجعلت من المياه ركيزة أساسية لاستقرار المجتمعات وتحقيق الأمن الغذائي.
التحديات العالمية للمياه في ظل التغيرات المناخية
بحسب تصريحات وزير البيئة والمياه والزراعة، فإن العالم يواجه جملة من التحديات المتراكبة، تبدأ من ندرة المياه ولا تنتهي عند تلوثها أو ضعف البنية التحتية لتوزيعها. التغيرات المناخية، الكوارث الطبيعية، والنمو السكاني كلها تؤثر بشكل مباشر على أمن المياه. وهنا يأتي دور ميثاق المياه العالمي الذي يعالج التحديات بنظرة كلية تتبنى الابتكار، الخصخصة المضمونة، التمويل الذكي، والتنوع الجغرافي في الحلول. كل هذا يعزز فكرة أن المياه لم تعد فقط موردًا، بل أصبحت محركًا رئيسيًا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
الدول المؤسسة ودلالات الانطلاقة الدولية للمنظمة
شهد الحفل توقيع 8 دول على الميثاق كأعضاء مؤسسين، وهي: المملكة العربية السعودية، الكويت، قطر، إسبانيا، اليونان، السنغال، باكستان، وموريتانيا. اختيار هذا التشكيل يعكس توازنًا جغرافيًا وثقافيًا فريدًا، ويعزز فرص تبادل الخبرات والابتكار المشترك. كما أن توقيع دول أوروبية وإفريقية وآسيوية على ميثاق المياه العالمي يعكس قبولًا واسعًا لفكرة التعددية المائية والتنسيق عبر القارات.
ميثاق المياه العالمي ومستقبل العمل المناخي والمائي
الميثاق لا يكتفي بمعالجة الحاضر، بل يضع أسسًا لرؤية مستقبلية طموحة تستهدف التكيف مع التغير المناخي وتوسيع مظلة الحماية للمجتمعات المتأثرة. بدمج أدوات الحوكمة، الاقتصاد الدائري، التمويل الأخضر، والابتكار التكنولوجي، يفتح ميثاق المياه العالمي الباب أمام تطوير سياسات أكثر استدامة وعدالة. كما يشكل فرصة استراتيجية لربط قطاع المياه بأهداف التنمية المستدامة، وأجندة الأمم المتحدة لعام 2030.
اقرأ ايضاً: تنظيم الدعم السكني الجديد يهز الشارع السعودي.. ومهام الأمن الغذائي تدخل حيّز التنفيذ