عون يرفض التدخلات الخارجية في لبنان: القرار لنا وحدنا
في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون موقفًا واضحًا برفض التدخلات الخارجية في لبنان، مؤكدًا على ضرورة تحكيم سلطة القانون والحفاظ على السيادة الوطنية. جاءت هذه التصريحات خلال زيارة رسمية إلى بغداد على رأس وفد رسمي ضم كبار المستشارين ومدير الأمن العام.
وأكد عون أن لبنان لا يسعى إلى استعداء أي طرف، لكنه يتمسك بمبدأ “السيادة أولاً” كأساس للتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، مشيرًا إلى أن النظام العربي المشترك هو السبيل الأنجح لضمان المصالح المتبادلة دون تدخلات مباشرة في الشؤون الداخلية.
من جانبه، أعرب رئيس الحكومة العراقية عن دعم بلاده الكامل لاستقرار لبنان وسيادته، داعيًا إلى تطبيق القرار الأممي 1701 وانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني.
قراءة في أبعاد زيارة عون إلى العراق
زيارة الرئيس عون إلى العراق تأتي في توقيت دقيق، إذ يسعى لبنان إلى استعادة زمام قراره وسط أزمة اقتصادية خانقة وانقسامات سياسية داخلية. العراق من جانبه يُعد شريكًا استراتيجيًا، لا سيما بعد سلسلة من الاتفاقيات التي تم توقيعها في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها اتفاق تزويد لبنان بالوقود مقابل خدمات طبية وسلع.
اللقاء مع القيادة العراقية يحمل طابعًا سياسيًا واقتصاديًا في آنٍ معًا، ويعكس مسعى لبناني لتوسيع دائرة التعاون مع دول الجوار العربي بعيدًا عن المحاور السياسية الحادة والتبعية الإقليمية.
واقع التدخلات الخارجية في لبنان وتأثيرها على السيادة
تُعد التدخلات الخارجية في لبنان من أبرز التحديات التي تعيق تطور النظام السياسي فيه. فقد شهدت البلاد عبر عقود تدخلات مباشرة وغير مباشرة من أطراف خارجية، تركت أثرًا عميقًا على استقراره واستقلال قراره الوطني.
لبنان لم يعد فقط ساحة لصراع داخلي بين الأحزاب والطوائف، بل تحوّل إلى منصة لتبادل الرسائل بين أطراف دولية وإقليمية كإيران والسعودية والولايات المتحدة وفرنسا، كلٌّ يسعى لترسيخ نفوذه عبر وكلاء محليين.
هذا الواقع المعقد يُقوض ثقة المواطن اللبناني بمؤسساته، ويؤدي إلى حالة من العجز السياسي المتكرر، خاصة عند تشكيل الحكومات أو إدارة الأزمات.
القرار الدولي 1701 ودوره في حماية السيادة اللبنانية
يشكل القرار الأممي 1701 أحد المحاور الأساسية في النقاش حول التدخلات الخارجية في لبنان. صدر القرار عقب الحرب بين حزب الله وإسرائيل عام 2006، وينص على وقف كامل للأعمال القتالية، وسحب كافة القوى غير الحكومية من جنوب لبنان، وبسط سيطرة الجيش اللبناني هناك بالتعاون مع قوات اليونيفيل.
الدعوة العراقية لتطبيق القرار جاءت لتدعم رؤية لبنانية رسمية لتثبيت الهدوء في الجنوب ومنع أي اختراق إسرائيلي أو تصعيد مسلح، ولكن تنفيذه الكامل لا يزال معلقًا بفعل التوازنات الداخلية وتعقيداتها.
الاقتصاد اللبناني بين الحاجة للدعم ورفض التبعية
في ظل انهيار العملة الوطنية وتراجع الاحتياطيات النقدية، يواجه لبنان ضغوطًا هائلة تجعله عرضة للابتزاز الخارجي. برامج الدعم من بعض الجهات الدولية والعربية تأتي مشروطة بإصلاحات سياسية صارمة، ما يضع الدولة في مأزق: إما قبول الشروط وفقدان جزء من السيادة، أو رفضها والاستمرار في المعاناة الاقتصادية.
لبنان اليوم بحاجة إلى نموذج تنموي بديل، يُبنى على إنتاج محلي فعّال، شراكات إقليمية عادلة، وتحقيق الشفافية المالية بعيدًا عن التحاصص الطائفي والسياسي الذي طالما أفشل مبادرات الإصلاح.
دور الجيش اللبناني في تحصين الاستقرار الداخلي
من أبرز المؤسسات الوطنية التي تحظى بثقة دولية وشعبية في آنٍ واحد هو الجيش اللبناني. فقد أظهر التزامًا بالحياد والدفاع عن وحدة البلاد رغم التحديات السياسية والأمنية المحيطة به.
وبينما تعمل قوى خارجية على تقويض دور المؤسسات الرسمية لصالح أذرع غير رسمية، فإن تقوية الجيش تمثل الخطوة الأولى نحو تقليص التدخلات الخارجية في لبنان. الدعم الدولي يجب أن يُمنح للجيش لا للميليشيات، في إطار مشروع وطني يعيد الاعتبار للدولة ومؤسساتها الشرعية.
تحليل المقارنة بين أشكال التدخلات الخارجية وتأثيراتها على لبنان
نوع التدخل | الدول المعنية | التأثير على لبنان |
---|---|---|
دعم سياسي مباشر | فرنسا، إيران، أمريكا | تأثير على تأليف الحكومات واتجاهات السياسات |
تمويل مشاريع بنى تحتية | دول الخليج، الاتحاد الأوروبي | ضغط لتحقيق مصالح اقتصادية على حساب القرار السيادي |
تدخل إعلامي | وسائل إعلام مدعومة خارجيًا | تغذية الانقسام الطائفي والتحريض السياسي |
دعم عسكري أو أمني | إيران، إسرائيل | تفكك السلطة الأمنية وازدواجية القرار الدفاعي |
خلاصة الموقف اللبناني وتوصيات المرحلة المقبلة
موقف الرئيس جوزيف عون من بغداد يُمثل صرخة سياسية واضحة في وجه التدخلات الخارجية في لبنان، ويرسّخ نية واضحة لتكريس السيادة الفعلية على الأرض والمؤسسات. غير أن تحويل هذا الموقف إلى واقع ملموس يتطلب توافقًا داخليًا، ودعمًا دوليًا مشروطًا باحترام استقلال لبنان.
المرحلة القادمة يجب أن تركز على إعادة هيكلة الدولة من الداخل، تعزيز الشفافية والمساءلة، وتبني سياسة خارجية متوازنة تعيد للبنان دوره التاريخي كدولة محايدة وفاعلة في محيطها العربي والدولي.
الأسئلة الشائعة
ما هي أهمية القرار 1701 في السياق اللبناني؟
يمنع وجود ميليشيات مسلحة غير الدولة جنوب البلاد، ويعزز سيطرة الجيش اللبناني، ما يساعد في تقليص التدخلات الخارجية.
لماذا تعتبر التدخلات الخارجية في لبنان تحديًا دائمًا؟
لأنها ترتبط بمصالح أطراف إقليمية ودولية تسعى للنفوذ عبر قوى داخلية، مما يعطل مؤسسات الدولة ويعمق الانقسامات.
هل الدعم الاقتصادي الخارجي مفيد للبنان؟
نعم، إذا أتى دون شروط سياسية أو تدخل في السياسات الداخلية، أما إن كان مشروطًا فإنه يقوّض السيادة الوطنية.
ما هو دور الجيش اللبناني في ظل هذه الظروف؟
يمثل ضمانة وطنية، ويجب دعمه ليكون القوة الأمنية الوحيدة المسؤولة عن الأمن والدفاع.
كيف يمكن للبنان أن يقلل من التأثيرات الخارجية؟
من خلال الوحدة الداخلية، تعزيز مؤسسات الدولة، وإنهاء الانقسام السياسي والطائفي.
اقرأ ايضاً: القبض على عصابة سندات الأضاحي الوهمية في مكة.. 4 مقيمين في قبضة الأمن