في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة في المنطقة، يبرز اقتصاد السعودية كواحد من أبرز النماذج التي تتجه نحو التنويع والاستدامة. ومع اقتراب عام 2025، تتزايد التساؤلات حول المسارات التي قد تسلكها البوصلة الاقتصادية للمملكة، لا سيما في ضوء رؤية السعودية 2030 ومبادراتها الطموحة.
كما أن توفر منصة الشرق مصدرًا غنيًا لمتابعة أخبار اقتصاد اليوم للسعودية وتحليل المؤشرات الحيوية التي تؤثر على السوق. كما تتيح للمستثمرين والمهتمين الوصول إلى أحدث بيانات مؤشر السوق المالية السعودية لفهم التوجهات الاستثمارية الحالية والمستقبلية.
من خلال رصد أداء قطاعات مثل الطاقة المتجددة، السياحة، التقنية، والبنية التحتية، يمكن ملاحظة التغيرات الاستراتيجية في الأولويات الاقتصادية. وتؤكد تقارير الشرق بزنس أن التوجه نحو اقتصاد غير نفطي بات أكثر وضوحًا، بدعم من السياسات المالية والإصلاحات المؤسسية التي تستهدف رفع كفاءة الإنفاق وتنمية القطاع الخاص.
مسيرة النمو والتحول الاقتصادي
يواصل الاقتصاد السعودي غير النفطي نموه بوتيرة سريعة، حيث تشير التوقعات إلى أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي حوالي 4.4% في عام 2025. هذا النمو مدعوم بقوة بالاستهلاك والاستثمار، مع تراجع في صافي الصادرات. وقد أظهر الاقتصاد السعودي بالفعل نموًا بنسبة 2.7% في الربع الأول من عام 2025، مع ارتفاع الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.2%، مما يؤكد فعالية استراتيجيات التنويع.
صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد السعودي بـ 3% في عام 2025، فيما يرتفع هذا النمو إلى 3.7% في عام 2026. وتتفق العديد من المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع هذه التوقعات الإيجابية، وإن كانت بعضها قد خفضت توقعاتها الأولية بسبب التوترات الجيوسياسية وتقلبات سوق النفط.

رؤية 2030: محركات النمو غير النفطي
حققت رؤية السعودية 2030 تقدمًا ملحوظًا، حيث تجاوزت 93% من مؤشراتها مستهدفاتها أو اقتربت منها بنهاية عام 2024. تركز الرؤية على ثلاثة محاور استراتيجية: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح. ويعتبر الاقتصاد المزدهر ركيزة أساسية، حيث تسعى المملكة لبناء اقتصاد ينعم فيه الجميع بفرص متعددة للنجاح.
الاستثمارات الضخمة في القطاعات غير النفطية هي المحرك الرئيسي لهذا التحول. وقد قفزت مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 53.2% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2025، بزيادة قدرها 5.7 نقاط مئوية عن التقديرات السابقة، مدعومة بشكل خاص بالنشاط المتزايد للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
المشاريع العملاقة: قاطرة التنمية
تُعد المشاريع العملاقة في السعودية محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي وتتوقع أن تساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف رؤية 2030 بحلول عام 2025 وما بعده. من أبرز هذه المشاريع:
- مشروع نيوم (NEOM): مدينة ذكية مستقبلية تركز على السياحة والتكنولوجيا والاستدامة، وتضم مكونات مثل “ذا لاين” و”أوكساچون” و”تروجينا”. يهدف إلى تعزيز الاقتصاد وخلق مئات الآلاف من الوظائف.
- مشروع البحر الأحمر: وجهة سياحية فاخرة تركز على السياحة البيئية، وتتضمن أكثر من 90 جزيرة ومنتجعات فاخرة.
- مشروع القدية: وجهة ترفيهية ضخمة تقع بالقرب من الرياض، تهدف لجذب الملايين من الزوار وتوفير عشرات الآلاف من الوظائف.
- مدينة الملك سلمان للطاقة (SPARK): مركز عالمي للطاقة والصناعات المرتبطة بها يهدف لجذب الاستثمارات وخلق فرص عمل في قطاع الطاقة المتجددة والنفط.
كما أن مبادرات أنسنة المدن وتطوير البنية التحتية، مثل مشاريع المترو في المدن الكبرى، تساهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة.
نظرة إلى الموازنة والإنفاق الحكومي
تتوقع المملكة إنفاق 342 مليار دولار في ميزانية 2025، مع استمرار جهود تقليل الاعتماد على النفط وزيادة مصادر الدخل الأخرى. ويعكس هذا الإنفاق الحكومي الضخم التزام المملكة بدعم مشاريع التنمية والبرامج الاجتماعية، وتحسين جودة الحياة والخدمات للمواطنين.
في الختام، يتجه الاقتصاد السعودي في عام 2025 نحو مسار واعد يعكس طموحات رؤية 2030. فمع التركيز على تنويع مصادر الدخل، ودفع عجلة النمو في القطاعات غير النفطية، وتنفيذ مشاريع عملاقة، تواصل المملكة تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية وعالمية، قادرة على التكيف مع التحديات واغتنام الفرص الجديدة.