الخليج اليوم

انهيار الدولار يلوح في الأفق.. مورغان ستانلي يتوقع تراجعًا بنسبة 9% بحلول منتصف 2026

كشف تقرير حديث صادر عن بنك مورغان ستانلي، أحد أعرق المؤسسات المصرفية والاستثمارية العالمية، عن توقعات مثيرة بشأن مستقبل العملة الأمريكية. ووفقًا للتقرير، فإن انهيار الدولار بات احتمالًا واقعيًا، مع تقديرات بانخفاض قيمته بنسبة 9% خلال العامين القادمين ليصل إلى مستوى 91 نقطة مقابل سلة من العملات العالمية الرئيسية.

يشير هذا الانخفاض إلى أسوأ مستوى يُتوقع أن يصل إليه سعر الدولار منذ أزمة جائحة كورونا، ما يعكس حجم التحديات الاقتصادية المنتظرة، خاصة في ظل التقلبات السياسية العالمية وتوقعات الركود الاقتصادي.

وتعد هذه التوقعات من أقوى التحذيرات التي تصدر عن مؤسسة مصرفية بهذا الحجم، خاصة أن مؤشر الدولار يعد من أهم الأدوات التي يُقاس بها أداء الاقتصاد الأمريكي على الساحة العالمية.

انهيار الدولار يلوح في الأفق.. مورغان ستانلي يتوقع تراجعًا بنسبة 9% بحلول منتصف 2026


العوامل الاقتصادية المؤدية إلى تدهور سعر صرف الدولار

أشار التقرير إلى أن انهيار الدولار لا يعود فقط إلى توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي، بل إلى عدة عوامل جوهرية متشابكة، من أبرزها:

  • سياسات اقتصادية متذبذبة: خاصة في ظل الشكوك المتزايدة بشأن العودة المحتملة لدونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، وما يمكن أن تحمله هذه العودة من تحولات في السياسات التجارية والحمائية.
  • توجهات الاحتياطي الفيدرالي: تتوقع الأسواق أن يُقدم البنك المركزي الأمريكي على سلسلة من تخفيضات الفائدة، قد تصل إلى 175 نقطة أساس، وهو ما يؤدي إلى تقليل جاذبية الدولار كعملة استثمارية.
  • معدلات النمو المتباطئة: تتوقع مورغان ستانلي أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي إلى نمو بنسبة 1.5% في 2025، ثم 1% فقط في 2026، وهو ما يُضعف قوة الدولار أمام العملات المنافسة.

كل هذه العوامل تُرسّخ فرضية أن الدولار قد يفقد جزءًا كبيرًا من قيمته خلال العامين المقبلين، مما قد يؤثر على الأسواق الناشئة والمستثمرين الدوليين بصورة مباشرة.


العملات الرابحة في ظل تراجع الدولار الأمريكي

لا يحدث انهيار الدولار في فراغ، بل تترتب عليه موجات صعود مقابلة في عملات أخرى تعتبرها الأسواق العالمية أكثر أمانًا. ووفقًا لتقديرات مورغان ستانلي:

  • اليورو: من المتوقع أن يرتفع إلى 1.25 مقابل الدولار.
  • الجنيه الإسترليني: يُرجّح أن يصل إلى 1.45.
  • الفرنك السويسري والين الياباني: يتوقع أن يرتفعا بشكل ملحوظ، حيث يُقدّر سعر الين عند 130 ينًا مقابل الدولار بحلول 2026.

وتعكس هذه التقديرات تحوّلات كبيرة في حركة رؤوس الأموال العالمية، حيث من المرجّح أن يلجأ المستثمرون إلى هذه العملات كملاذات آمنة بدلًا من الاعتماد على الدولار.

انعكاسات انهيار الدولار على الأسواق المالية العالمية

قد يؤدي تراجع الدولار إلى عدد من التأثيرات الجوهرية على النظام المالي العالمي، من بينها:

  • زيادة تقلبات سوق الصرف الأجنبي: حيث تصبح أسعار العملات أكثر تأثرًا بالسياسة النقدية الأمريكية.
  • تغير مسارات الاستثمار العالمي: قد تتجه رؤوس الأموال نحو الأسواق التي تعتمد على اليورو أو العملات الآسيوية كعملات أساسية.
  • ارتفاع أسعار السلع المقوّمة بالدولار: مثل النفط والمعادن الثمينة، ما قد يزيد الضغط التضخمي على الدول النامية.
  • ضغوط على اقتصادات الدول المرتبطة بالدولار: خاصة تلك التي تُسعّر صادراتها أو ديونها بالعملة الأمريكية، ما يرفع كلفة التمويل الخارجي ويضعف استقرار عملاتها.

الموقف السياسي وتأثيره على مستقبل الدولار

لا يمكن فصل التوقعات الاقتصادية عن المشهد السياسي الأمريكي. فترقب عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يثير كثيرًا من القلق لدى المستثمرين، خصوصًا بسبب نهجه السابق في فرض الرسوم الجمركية، وتهديد الاتفاقيات التجارية الدولية.

وقد أشار تقرير مورغان ستانلي إلى أن السياسات التجارية “الانعزالية” قد تُضعف من جاذبية الأصول المقوّمة بالدولار، وتزيد من احتمالات إعادة هيكلة مراكز الاستثمار العالمية. وإذا ما تحققت هذه السيناريوهات، فإن الدولار الأمريكي قد يفقد مكانته كعملة الاحتياطي الأولى في العالم، لصالح سلة من العملات البديلة.


كيف يتعامل المستثمرون مع احتمالية انهيار الدولار؟

أمام هذا السيناريو المتشائم، ينصح الخبراء باتباع استراتيجيات وقائية تشمل:

  • تنويع المحافظ الاستثمارية: وتوزيع الأصول على عملات وأسواق مختلفة.
  • الاستثمار في الملاذات الآمنة: مثل الذهب، السندات الحكومية الأوروبية، والعقارات ذات العوائد المستقرة.
  • مراقبة التطورات السياسية الأمريكية: حيث أن أي تحول في الإدارة أو السياسات قد يؤثر بشكل مباشر على تحركات الدولار.

أيضًا، يُنصح المستثمرون بعدم اتخاذ قرارات متسرعة، خاصة في ظل وجود حالة من الغموض بشأن السياسة النقدية الأمريكية، حيث لا يزال موقف الفيدرالي الأمريكي ضبابيًا بشأن موعد أول خفض لأسعار الفائدة.


جدول مقارنة | أداء الدولار أمام العملات خلال السنوات الأخيرة

السنةاليورو مقابل الدولارالين مقابل الدولارمؤشر الدولار العام
2020 (كورونا)1.22103.591.3
20231.07148.2102.9
توقع 20261.2513091.0

في النهاية

رغم أن توقعات انهيار الدولار تبقى مجرد سيناريوهات مبنية على بيانات اقتصادية وسياسية حالية، فإنها تستحق اهتمامًا جادًا من كافة الفاعلين في السوق العالمي. فالدولار، الذي هيمن لعقود على النظام المالي الدولي، يواجه اليوم تحديات حقيقية قد تُعيد تشكيل الخريطة النقدية والمالية العالمية بأسرها.

ومع أن هذه التحولات قد تبدو تدريجية، إلا أن آثارها ستكون عميقة وطويلة المدى، مما يتطلب من الحكومات والمؤسسات والمستثمرين الاستعداد للتعامل مع واقع اقتصادي جديد أكثر تعقيدًا وتقلبًا من أي وقت مضى.

اقرأ ايضاً: الأخضر السعودي يطوي صفحة معسكر الخبر ويستعد بقوة لمواجهة البحرين في كأس اتحاد غرب آسيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!