انسحاب صادم بعد المجازر.. شركة أمريكية تتخلى عن توزيع المساعدات في غزة
في تطور مثير للقلق، أعلنت شركة بوسطن الاستشارية (BCG) انسحابها من مشروع توزيع المساعدات في غزة، الذي كانت تديره بالتعاون مع مؤسسة غزة الإنسانية (GHF). جاء هذا القرار في أعقاب مجازر ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية. يثير هذا الانسحاب تساؤلات جدية حول مستقبل توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، خاصة في ظل الانتقادات الدولية المتزايدة لطريقة إدارة هذه العمليات.
تأسيس مؤسسة غزة الإنسانية ودور BCG
تأسست مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) في فبراير 2025 كمبادرة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، خاصة بعد حصار استمر 11 أسبوعًا. تم التعاقد مع شركة بوسطن الاستشارية (BCG) لتصميم وإدارة العمليات اللوجستية للمشروع، بما في ذلك إنشاء أربعة مراكز توزيع في جنوب غزة. كان الهدف المعلن هو تسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين، لكن المشروع واجه منذ بدايته انتقادات حادة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى، التي اعتبرت أن هذا النموذج يفتقر إلى الحيادية ويخدم أهدافًا سياسية.
اقرأ ايضاً: قرار صارم قبل الحج.. المنع 10 سنوات من دخول السعودية لمخالفي تصريح الحج
أسباب الانسحاب المفاجئ لـ BCG
في 30 مايو 2025، أعلنت شركة BCG عن إنهاء عقدها مع مؤسسة GHF وسحب فريقها من تل أبيب، مشيرة إلى الحاجة لمراجعة داخلية بعد اكتشاف أن بعض الأعمال اللاحقة لم تحظَ بموافقة الجهات المعنية. هذا الانسحاب جاء بعد استقالة المدير التنفيذي للمؤسسة، جيك وود، الذي أشار إلى صعوبة التوفيق بين أهداف المشروع والمبادئ الإنسانية الأساسية. تسبب هذا الانسحاب في إضعاف قدرة المؤسسة على الاستمرار، خاصة وأن BCG كانت تلعب دورًا محوريًا في تصميم وتنفيذ العمليات.
مجازر الاحتلال وتأثيرها على توزيع المساعدات
شهدت مواقع توزيع المساعدات في غزة، وخاصة في رفح، حوادث دامية حيث فتحت قوات الاحتلال النار على المدنيين الذين كانوا يحاولون الحصول على المساعدات، مما أدى إلى مقتل 27 فلسطينيًا وإصابة العشرات. هذه الحوادث أثارت غضبًا دوليًا، حيث طالبت الأمم المتحدة بإجراء تحقيقات مستقلة، واعتبرت أن مثل هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب. كما زادت هذه المجازر من الضغط على المؤسسات الإنسانية لإعادة النظر في طرق توزيع المساعدات وضمان سلامة المستفيدين.
الانتقادات الدولية للمشروع
واجه مشروع توزيع المساعدات الذي تديره GHF انتقادات واسعة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى، التي أعربت عن مخاوفها من أن يكون هذا النموذج أداة لتسييس المساعدات واستخدامها كوسيلة ضغط سياسي. كما أعربت عن قلقها من أن يؤدي هذا النموذج إلى تهجير قسري للفلسطينيين، خاصة مع استخدام تقنيات المراقبة البيومترية في مراكز التوزيع. هذه الانتقادات دفعت العديد من الجهات إلى رفض التعاون مع GHF، مما زاد من عزلة المشروع وصعوبة استمراره.
مستقبل توزيع المساعدات في غزة
بعد انسحاب BCG والانتقادات الدولية المتزايدة، يواجه مشروع توزيع المساعدات في غزة تحديات كبيرة. تتمثل أبرز هذه التحديات في الحاجة إلى إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي وضمان حيادية وشفافية العمليات. كما أن هناك حاجة ملحة لتطوير نموذج توزيع يضمن سلامة المستفيدين ويحترم المبادئ الإنسانية الأساسية. في هذا السياق، قد يكون من الضروري إعادة النظر في دور المنظمات الدولية التقليدية، مثل الأمم المتحدة، في إدارة وتنسيق عمليات توزيع المساعدات في غزة.
ضرورة إعادة تقييم نهج توزيع المساعدات في غزة
تكشف الأحداث الأخيرة عن الحاجة الماسة لإعادة تقييم نهج توزيع المساعدات في غزة، لضمان وصولها إلى المحتاجين دون تعريضهم للخطر أو استخدامهم كأدوات في صراعات سياسية. يتطلب ذلك تعاونًا دوليًا حقيقيًا يضع المبادئ الإنسانية في صلب أي مبادرة، ويضمن أن تكون المساعدات وسيلة للنجاة وليس سببًا لمزيد من المعاناة.
اقرأ ايضاً: تنبيه عاجل من وزير الحج: لا مغادرة لمشعر عرفات مشيًا.. لضمان سلامة ضيوف الرحمن