الخليج اليوم

مجزرة طرابلس تهز ليبيا: العثور على 77 جثة في موقع مروّع

مجزرة طرابلس تهز ليبيا، في واقعة هي الأبشع منذ شهور، أعلنت مصادر أممية عن اكتشاف 77 جثة في مناطق خاضعة لسيطرة جماعة مسلحة في العاصمة الليبية طرابلس. الجثث، التي تنوعت حالاتها بين التفحم والدفن في أماكن مجهولة، عُثر عليها في مقار رسمية ومرافق صحية، ما أثار موجة من القلق الدولي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا، التي لا تزال تعاني من هشاشة أمنية منذ سنوات.

تفاصيل اكتشاف الجثث في طرابلس

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه تلقى معلومات موثقة تفيد بالعثور على 10 جثث متفحمة داخل مقر تابع لـ”جهاز دعم الاستقرار” في حي أبو سليم، إضافة إلى 67 جثة أخرى وُجدت في ثلاجات مستشفى أبو سليم ومستشفى الخضراء.

المكتب أشار كذلك إلى تقارير تتحدث عن مواقع دفن سرية في منطقة حديقة الحيوان، حيث يُعتقد أن تلك المناطق كانت تُستخدم من قبل ذات الجهاز كمواقع للاحتجاز أو التصفية. ولم يتم تحديد هويات الضحايا حتى اللحظة، ما يزيد من غموض الجريمة ويعقّد إجراءات التوثيق والتحقيق الجنائي.

مجزرة طرابلس تهز ليبيا: العثور على 77 جثة في موقع مروّع

الأمم المتحدة تعرب عن صدمتها وتطالب بتحقيق عاجل

أصدر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، بيانًا أعرب فيه عن “الذهول والقلق العميقين” إزاء المعلومات المتعلقة بالاكتشافات. ووصف تورك ما جرى بأنه “انتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان”، مؤكدًا أن المؤشرات الأولية تؤكد وقوع عمليات تصفية جسدية خارج نطاق القانون.

وطالب مكتب المفوض الأممي السلطات الليبية بضرورة:

  • فتح تحقيق فوري وشفاف تشرف عليه جهات مستقلة.
  • حماية الأدلة الجنائية في مواقع الجثث.
  • تسهيل وصول فرق الطب الشرعي الدولية إلى أماكن الدفن.
  • تقديم تحديثات دورية للمجتمع الدولي حول مجريات التحقيق.

ارتباط الحادثة بمقتل قائد فصيل مسلح

جاءت هذه المجزرة بعد أسابيع من مقتل قائد “جهاز دعم الاستقرار”، عبدالغني الككلي، الذي لقي مصرعه منتصف مايو خلال اشتباكات مسلحة بين فصائل في طرابلس. الككلي، المعروف بنفوذه الواسع في العاصمة، كان يتزعم واحدة من أقوى الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وكانت له سجون ومواقع احتجاز غير رسمية تخضع لإدارته المباشرة.

مقتل الككلي فجّر اشتباكات عنيفة داخل طرابلس، وهو ما يُرجّح أن يكون قد أدى إلى انهيار سلاسل القيادة داخل الجهاز، وفتح الباب أمام اكتشاف فظائع كانت مخفية تحت سطح الصراع السياسي والعسكري.

مخاوف حقوقية من استمرار الإفلات من العقاب

قالت مصادر حقوقية محلية إن ما تم الكشف عنه ليس سوى “رأس جبل الجليد”، مشيرة إلى أن جرائم مماثلة ربما تكون وقعت خلال السنوات الماضية ولم يتم توثيقها بسبب التعتيم الأمني وغياب المؤسسات الرقابية الفاعلة.

وأشارت تلك المصادر إلى أن تكرار هذه الأحداث ناتج عن انعدام المساءلة القانونية، واستمرار وجود جماعات مسلحة تمارس سلطات سيادية دون رقابة حكومية أو تشريعية. وطالبت بضرورة:

  • تفكيك الميليشيات ودمج عناصرها في أجهزة أمنية رسمية تخضع للمساءلة.
  • وضع آلية دولية للرصد والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان داخل ليبيا.
  • دعم منظمات المجتمع المدني الليبية لضمان الشفافية والمحاسبة.

التداعيات السياسية للمجزرة على المشهد الليبي

على الصعيد السياسي، من المتوقع أن تُحدث مجزرة طرابلس تأثيرًا كبيرًا على مسار العملية السياسية الليبية، خاصة مع اقتراب جولة مفاوضات جديدة بين الأطراف المتنازعة برعاية الأمم المتحدة.

ويُتوقع أن تُستخدم هذه الواقعة كورقة ضغط لإعادة النظر في تركيبة السلطة الأمنية داخل العاصمة، وربما تُعجّل بقرارات أممية لفرض رقابة صارمة على الجماعات المسلحة.

كما تضع هذه الكارثة الحكومة الليبية، سواء في طرابلس أو الشرق، أمام اختبار شفافيتها وجديتها في التعامل مع ملفات حقوق الإنسان، وإعادة بناء الثقة الداخلية والدولية في مؤسسات الدولة.

تمثل مجزرة طرابلس صدمة جديدة في تاريخ ليبيا الحديث، تعكس هشاشة الوضع الأمني وغياب مؤسسات الرقابة، في ظل استمرار الانقسام السياسي وانتشار الجماعات المسلحة. وما لم تتحرك الجهات الوطنية والدولية سريعًا لفتح تحقيق نزيه وشامل، فإن الخوف من تكرار مثل هذه المآسي سيبقى قائمًا، وسيدفع المدنيون الثمن مجددًا.

وفي وقت تتجه فيه الأنظار نحو طرابلس، تنتظر أسر الضحايا جوابًا واضحًا: من قتل هؤلاء؟ ولماذا؟ ومتى ستتوقف آلة القتل غير المحاسَبة في ليبيا؟

اقرأ ايضاً: أزمة النصر تتصاعد: 5 أسباب تُثبت أن النادي يُدار بغير أهله

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!