اشتعال حرب شوارع في لوس أنجليس بين الشرطة والمحتجين.. تصعيد خطير يهز المدينة
شهدت مدينة لوس أنجليس، إحدى أكبر مدن الولايات المتحدة وأكثرها تنوعًا، واحدة من أعنف موجات الاحتجاجات في تاريخها الحديث، تحولت خلالها الشوارع إلى ساحة مواجهات مباشرة بين قوات الشرطة والمتظاهرين الغاضبين. جاءت هذه الاحتجاجات كرد فعل على سياسات الهجرة التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي، وأسفرت عن اشتباكات عنيفة، واعتقالات جماعية، وانتشار مكثف لقوات الحرس الوطني.
أبرز ما يميز هذا الحدث هو تحوله من احتجاج سلمي إلى حرب شوارع في لوس أنجليس، وسط تنديد واسع من شخصيات سياسية بارزة، وتحركات عاجلة من السلطات المحلية، وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا. التقرير التالي يستعرض كافة الأبعاد السياسية، الأمنية، والاجتماعية لهذا التصعيد المفاجئ والخطير.
تحركات أمنية مكثفة وتحول المدينة إلى ساحة اشتباكات
في اليوم الثالث للاحتجاجات، وصلت الأمور إلى نقطة الانفجار، حيث انتشرت وحدات الحرس الوطني في عشرات المواقع داخل لوس أنجليس، مزوّدة بعربات مدرعة، وعتاد مكافحة الشغب، وطائرات استطلاع بدون طيار لمراقبة الحشود. وقد أصدر قسم شرطة لوس أنجليس “LAPD” تعليمات بفرض حظر تجوال جزئي في بعض المناطق، تزامنًا مع إعلان حالة طوارئ محلية.
المواجهات العنيفة التي اندلعت شملت استخدام الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية، بينما عمد المحتجون إلى إحراق سيارات، وتحطيم نوافذ بعض المؤسسات الحكومية، وإغلاق الطرق الرئيسية، مثل الطريق السريع I-10 الذي يربط شرق المدينة بغربها.
تحولت مناطق مثل داون تاون لوس أنجليس إلى بؤر مشتعلة، حيث تمركزت وحدات الحرس الوطني على مداخل المنشآت الفيدرالية، وسط هتافات غاضبة من المتظاهرين المطالبين بوقف ترحيل المهاجرين. كان هذا ذروة ما يمكن وصفه بـحرب شوارع في لوس أنجليس.
الاحتجاجات كمؤشر على فشل السياسات الفيدرالية للهجرة
لا يمكن فصل ما يحدث عن الخلفية السياسية العميقة التي تغذي الغضب الشعبي. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي نشر أكثر من 2000 جندي من قوات الحرس الوطني في لوس أنجليس، بعد تنفيذ عمليات توقيف جماعية لمهاجرين غير موثقين، ما أعاد للذاكرة مشاهد قاسية من فترات توتر سابقة.
احتجاجات الأمس جاءت نتيجة مباشرة لهذه السياسات، حيث يتهم المتظاهرون الإدارة الفيدرالية بالتمييز العرقي، وانتهاك حقوق الإنسان، خصوصًا أن بعض المعتقلين تم نقلهم إلى مراكز احتجاز دون إجراءات قانونية واضحة، وفق ما أفادت به منظمات حقوقية أمريكية.
تكرار سيناريو التصعيد الأمني في مدينة متعددة الأعراق والثقافات كـ لوس أنجليس يجعل من حرب شوارع في لوس أنجليس انعكاسًا مباشرًا لاحتقان داخلي ممتد منذ سنوات.
اقرأ ايضاً: عرض الهلال لبرونو يُذهل الجميع.. لكنه يرفض بثقة ويصدم الجمهور
موقف حاكم كاليفورنيا من الأحداث الجارية
برز حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، كلاعب رئيسي في المواجهة الدستورية ضد الحكومة الفيدرالية، حيث أصدر بيانًا رسميًا يرفض نشر الحرس الوطني دون تنسيق مع الولاية. واعتبر أن هذه الخطوة غير قانونية، وتمثل تعديًا على صلاحيات الولاية، مؤكدًا أنه بصدد اتخاذ إجراءات قانونية ضد قرار الحكومة المركزية.
طالب نيوسوم بسحب القوات الفيدرالية فورًا، متهما إدارة الرئيس الأمريكي بتأجيج الوضع بدل تهدئته، وقال في تصريحات رسمية: “نحن لا نحتاج إلى مزيد من الجنود في الشوارع، بل نحتاج إلى استجابة سياسية تعالج أسباب الأزمة وليس أعراضها”.
الدعم الذي تلقاه نيوسوم من شخصيات سياسية بارزة، مثل أعضاء الكونغرس من كاليفورنيا، جعله رمزًا لمعارضة فدرالية متصاعدة، ورمزًا للمقاومة المدنية السلمية في وجه عسكرة التعامل مع الأزمات الاجتماعية، خاصة في ظل أجواء حرب شوارع في لوس أنجليس.
ردود الفعل الدولية والإعلامية على تصاعد الأزمة
حظيت الأزمة بتغطية واسعة من وسائل الإعلام الدولية، حيث وصفتها صحف مثل The Guardian وThe New York Times بأنها أكبر موجة احتجاجات في المدينة منذ احتجاجات حياة السود مهمة “Black Lives Matter”. كما انتقدت منظمة العفو الدولية ما وصفته بـ”الاستخدام المفرط للقوة ضد مدنيين سلميين”.
في المقابل، دافعت بعض وسائل الإعلام اليمينية عن القرارات الفيدرالية، معتبرة أنها خطوة ضرورية لحماية الممتلكات العامة من التخريب. إلا أن التقارير المحايدة أشارت إلى وجود حالات موثقة لاستخدام غير متناسب للقوة، وهو ما يُثير المخاوف من اتساع رقعة التوتر إلى مدن أمريكية أخرى إذا لم تتم معالجة جذور الأزمة.
بالتالي، فإن حرب شوارع في لوس أنجليس تحولت إلى عنوان عالمي يعكس الصراع الداخلي العميق في الولايات المتحدة حول قضايا الهجرة، الحقوق المدنية، وصلاحيات الدولة.
تحليل ميداني وتوقعات المرحلة المقبلة
تشير التحليلات الميدانية إلى أن وتيرة الاحتجاجات لن تهدأ في المدى القريب، خاصة مع تعنت الطرفين. فالإدارة الفيدرالية تصر على فرض الأمن “بأي ثمن”، فيما تواصل الحركات الحقوقية تحشيد الدعم للشارع.
وفي حال استمرت هذه المواجهة، فمن غير المستبعد أن تطبّق الإدارة الفيدرالية قانون العصيان المدني “Insurrection Act”، ما يتيح استخدام الجيش مباشرة لفرض النظام، وهو ما يُعد سابقة خطيرة في سياق العلاقات بين الولايات والحكومة المركزية.
الخبراء يحذرون من أن تطور الأمور على هذا النحو قد يؤدي إلى تعقيد المشهد الدستوري الأمريكي، ويضعف من ثقة الجمهور بالحكومة، لا سيما أن مشاهد حرب شوارع في لوس أنجليس تعكس انعدام التفاهم بين السلطات والمجتمع المحلي.
في النهاية
ما تشهده لوس أنجليس اليوم ليس مجرد احتجاجات عابرة، بل هو اختبار حقيقي لمفاهيم الحريات المدنية، والعدالة الاجتماعية، والتوازن بين السلطة والمجتمع. الأحداث الأخيرة تسلط الضوء على هشاشة التوافق السياسي في ظل الاستقطاب الحاد، وتؤكد على ضرورة البحث عن حلول جذرية، بدلًا من اللجوء إلى القمع.
ويبقى الأمل معقودًا على أصوات العقل، من قادة المجتمع والسياسيين، لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء جسور حوار حقيقي، يضمن العدالة والاستقرار في مجتمع متعدد الهويات والثقافات.
وفي كل الأحوال، ستبقى حرب شوارع في لوس أنجليس حدثًا مفصليًا في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، يستدعي التأمل والمراجعة، قبل أن تتحول الأزمات إلى نزاعات لا تُحمد عقباها.
اقرأ ايضاً: حديث الشرع عن زوجته يُبكي القلوب.. عاشت معه في المغارات وتفاصيل تُروى لأول مرة