هجوم سيبراني على بنكي سبه وباسارغاد في إيران: أزمة خدمات عميقة تهز النظام المصرفي
تعرضت إيران لهجوم إلكتروني خطير استهدف اثنين من أبرز مؤسساتها المالية: بنك سبه وبنك پاسارغاد، ما أدى إلى تعطّل في الخدمات المصرفية، واندفاع غير معهود نحو النقد الورقي. الحكومة، عبر المتحدثة فاطمة مهاجراني، أكدت أن الهجوم أفضى إلى اضطراب مؤقت في الأداء، تلا ذلك ارتفاع غير مسبوق في طلب السحب من العملاء. هذا الهجوم الإلكتروني يُعد الأحدث في سلسلة التوترات المتواصلة في المنطقة، وسط تحليلات تربط بينه وبين تصاعدات البحث في “الحرب على إيران“، تصاعد نفوذ الحرب الإلكترونية في نطاق الحرب بين إسرائيل وإيران واشتداد فرص حرب إسرائيلية إيرانية إلكترونية ضمن الصراع الدائر. فما حقيقة هذا الهجوم؟ من خلفه؟ وما تأثيره المستمر على المستخدمين وخطط إيران الأمنية والاقتصادية؟ نكشف الستار في الأقسام التالية:
انهيار الخدمات المصرفية… كيف بدأ الهجوم؟
أكدت مصادر مصرفية أن “هجوم سيبراني على بنكي سبه وباسارغاد” بدأ بخلل في نظم التحويل الإلكتروني قبل أن يمتد إلى أعطال متكررة في تطبيقات الدفع البنكي. تحليل أولي من خبراء أمن معلومات، استعرضته شبكة “سايبر سيكيوريتي إيكونوميكس العالمية”، أشار إلى:
- استهداف نقطي لأجهزة الخادم المغذية لأنظمة السويفت الداخليّ.
- تسجيل نشاط غير اعتيادي ازدادت معه عمليات تحقق الدخول عبر الشبكات البنكية المحلية بنحو 420% خلال 24 ساعة.
- الشرق الأوسط يُعد مقصدًا متزايدًا لهذه الهجمات، وتحديدًا بنوك إيرانية، منذ عام 2023.
الهجوم دفع بالبنوك للاستعانة بشركات دولية لترميم الأنظمة ضمن خطة طوارئ شاملة، تضمنت أيضًا تقليل سرعة الإنترنت إلى ما وصفته مهاجراني بأنه “إجراء مؤقت لمنع مزيد من الاختراقات”.
هل فزعت المودعين؟ تدفّق نحو النقد الورقي
في ظل الخلل البنكي، بدأ تدفّق واضح نحو سحب الأوراق النقدية، بحسب ما أعلنته مهاجراني، مع تسجيل ارتفاع في طلب السحب تجاوز 38% مقارنةً بالأسبوع الماضي. عملاء بنكي سبه وباسارغاد لجأوا لآلات الصرف اليدوي بعد تعطّل الخدمات الرقمية، مما أثار مخاوف بشأن نزيف السيولة:
- الإقبال المطَّرد على المصارف أدى لنقص سلبي في الصناديق داخل الفروع.
- البنك المركزي أعلن أنه سيتم ضخ كميات إضافية من العملة خلال الساعات القادمة لحل أزمة السيولة.
- تقدير رسمي لوزارة الاقتصاد يبشّر باسترجاع الخدمات الرقمية خلال 72 ساعة.
ومع ذلك، يشير محللون إلى أن الهجوم الإلكتروني الأخير لا يقتصر على تعطيل فني، بل يمثل تهديدًا معنويًا قد يفاقم هروب الودائع إلى الخارج إذا استمر مشهد تعطّل البنوك.
من يقف خلف الهجوم؟ اتهامات متبادلة وظلال استخباراتية
حتى الآن، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها رسميًا عن هجوم سيبراني على بنكي سبه وباسارغاد، لكن مراقبين يرجّحون أن تكون جهات أجنبية مدعومة من أجهزة استخبارات تقف وراء العملية.
تشير تقارير صادرة عن مركز “إنتل سايبر” في برلين إلى:
- تشابه تقني مع هجمات استهدفت مرافق نووية إيرانية سابقًا.
- استخدام خوادم تقع في أوروبا الشرقية وأخرى مشفّرة بطبقات متعددة لإخفاء هوية المنفذين.
- توقيت الهجوم يتزامن مع عمليات إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، ما يُفسّر ارتباطه بتصعيد تكنولوجي متبادل.
هذا السيناريو يدفع بعض المسؤولين الإيرانيين للربط بين هذا الهجوم وتطوّر “الحرب بين إسرائيل وإيران”، إذ لم يعد الصراع تقليديًا بل انتقل إلى مرحلة الحرب الإلكترونية الشاملة، تمهيدًا لاحتمال اندلاع حرب إسرائيلية إيرانية بأبعاد جديدة.
تحديات أمن المعلومات في البنوك الإيرانية
إن هجوم سيبراني على بنكي سبه وباسارغاد كشف عن ضعف واضح في نظم الحماية الرقمية للبنوك الإيرانية، إذ بيّن تقرير أولي صادر عن جامعة شريف التكنولوجية أن:
- أكثر من 62% من البنوك الإيرانية لا تستخدم تقنيات “Zero Trust” الأمنية.
- 40% من الأنظمة البنكية لم تُحدّث منذ أكثر من 18 شهرًا.
- غالبية منصات التطبيقات البنكية لا تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد الأنشطة غير الطبيعية.
ورغم هذه الأرقام المثيرة للقلق، تعهّدت وزارة الاتصالات الإيرانية بإطلاق “برنامج الأمن الرقمي 2025″، يتضمن تدريب موظفي البنوك، وربط الأنظمة البنكية بمركز سيبراني موحّد تحت إشراف مباشر من الحكومة.
انعكاسات الهجوم على الاقتصاد والتجارة الإلكترونية
أثار هجوم سيبراني على بنكي سبه وباسارغاد ارتباكًا في المعاملات الرقمية بين الشركات والمستهلكين، لا سيما في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث:
- تعطّلت عمليات الدفع الإلكتروني في أكثر من 1800 موقع تجاري داخل إيران.
- انخفض عدد المعاملات البنكية اليومية بنسبة 48% خلال اليومين الأخيرين.
- لوحظ هبوط بنسبة 5.2% في قيمة الريال الإيراني أمام الدولار في السوق السوداء.
هذا التأثير المباشر يعيد الحديث عن أهمية بناء منظومة سيبرانية مستقلة داخل الاقتصاد الإيراني، وتخفيف الاعتماد على الأنظمة الغربية أو المستوردة التي يسهل اختراقها.
هل تنتقل إيران إلى “الإنترنت الوطني”؟ المخاوف تتصاعد
أكدت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، أن إيران لن تلجأ للإنترنت الوطني إلا في حالات طارئة جدًا. هذا التصريح جاء ردًا على تقارير تحدثت عن توجه الحكومة لعزل شبكات البنوك عن الإنترنت العالمي.
لكن خبراء أمن المعلومات يرون أن “الإنترنت الوطني” لا يكفي كوسيلة للحماية، بل قد يُفاقم من عزلة إيران التقنية ويؤثر سلبًا على ثقة المستخدم المحلي والمستثمر الأجنبي.
إجمالًا، تُشير الاتجاهات الحكومية الحالية إلى تعزيز الدفاع السيبراني دون التخلّي الكامل عن الانفتاح الرقمي، في محاولة لتحقيق توازن بين الأمان والفعالية.
جدول مقارنة بين الوضع قبل وبعد الهجوم السيبراني
المؤشر | قبل الهجوم | بعد الهجوم |
---|---|---|
عدد المعاملات اليومية | 3.2 مليون | 1.65 مليون (-48%) |
أداء تطبيقات البنوك | مستقر | معطّل جزئيًا |
نسبة السحب النقدي من الفروع | 12% من إجمالي السيولة | 38% من إجمالي السيولة |
استجابة البنك المركزي | طبيعية | ضخ إضافي للسيولة + تحديثات |
خسائر مباشرة مقدّرة | غير مسجّلة | تقديرات أولية: 6.7 مليون دولار |
في النهاية
يمثل هجوم سيبراني على بنكي سبه وباسارغاد تطورًا مقلقًا في الحرب التقنية التي تخوضها إيران ضمن بيئة أمنية إقليمية غير مستقرة. وبينما تحاول الدولة امتصاص الصدمة ومعالجة ثغرات أنظمتها الرقمية، تبقى التساؤلات مفتوحة حول الجهة المنفذة، والجهوزية الإيرانية لهجمات قادمة.
ما حدث لا يمكن فصله عن السياق الأوسع المرتبط بـ الحرب على إيران، والتي لم تعد محصورة في ساحات القتال التقليدي، بل وصلت إلى أجهزة الصراف الآلي وتطبيقات البنوك المحمولة. فهل تملك طهران القدرة على الصمود في ساحة الحرب السيبرانية؟ أم أننا أمام بداية لفصل جديد من المواجهة الرقمية الأكثر عنفًا في تاريخ المنطقة؟
اقرأ ايضاً: تدمير مباني الطرد المركزي قرب طهران.. ضربة إسرائيلية موجعة تهز العمق النووي الإيراني