اختفى تمامًا خلف عاصفة ضبابية.. برج إيفل يتوارى عن أنظار باريس
في مشهد خيالي أشبه باللوحات الفنية، اختفى مساء الثلاثاء برج إيفل تمامًا خلف جدار ضباب كثيف أعاد العاصمة الفرنسية إلى أجواء متهلهلة ورومانسية في آن واحد. مع تشكّل عاصفة ضبابية غير معتادة تركزت في الأمس، اختفى معلم باريس الأيقوني—رمز المدينة الضبابية—عن الأبصار، تاركًا سكان العاصمة وزوارها في حيرة وتأمل. فما خلف هذا الضباب؟ وما تأثيره على الحياة اليومية، والطقس في باريس وعلى دور الزوار؟ سنغوص في تفاصيل هذه الظاهرة ونستعرض خلفياتها وتداعياتها.
كيف نشأ الضباب فجأة فوق باريس؟
شهدت الأيام الماضية ارتفاعًا في نسبة الرطوبة وأجواءًا غير مستقرة في المنطقة المحيطة بـ “ميتيو فرانس”، مع تدفق رطب من الأطلسي واجتماع للهواء البارد في طبقات الجو السفلية. وفق AccuWeather، سجّلت الرطوبة صباح الأربعاء نحو 93%، وغطت السماء بسحب منخفضة تجاوزت 91% ما أدى لانخفاض الرؤية إلى أقل من 1 كلم .
هذا المناخ شجّع على تشكّل الضباب بشكل كثيف خصوصًا عند جسر سينا وبالمنطقة الجنوبية الغربية للبرج، حيث أدت الرياح القوية بخاصة خلال العواصف المسائية إلى تشتيت الضباب وتحويله إلى طبقة عائمة أثارت شكوكًا بين تصوّرنا “خيالي” وواقع الطقس، مؤقتًا.
سكون ونمط حياة مؤثر
تحدث شهود عيان في Reddit عن مشاهد غير معتادة في منطقة Champ de Mars، حيث قال أحدهم:
“Paris is the only place where the Eiffel tower disappears when it rains too much.”
وأكّد آخر أن الشوارع خلت من الجُمهور ليلاً، بسبب الرياح التي هبت بسرعة طالت 40–50 كم/س، وأدت لرؤية برج إيفل الجزئية بمسافة قصيرة فقط. الفوتوغرافيا والهواة تحرّكوا لتوثيق المشهد: بين الأضواء الخافتة والغيوم السفلية، بدا البرج وكأنه معلق في الضباب، مشهد جذب التفاعل القوي عبر التلفزيون والإعلام.
اقرأ ايضاً: الرئيس الإيراني يعتذر للأمير تميم وموقف مفاجئ بشأن قطر.. تصريحات تكشف قناعة جديدة
تأثير الطقس على السياحة والزيارات
يربط السياح برج إيفل بالغروب المنوّر الأطياف، لكن الضباب الكثيف أثر بشكل مباشر على المخططين والزوار:
- تأجلت أو ألغيت بعض عمليات الصعود إلى الأعلى بسبب تدنّي الرؤية—حسب Ville de Paris.
- تم إغلاق الطوابق المرئية بإجراءات وقائية مؤقتة بعد إعلان حالة تحذير (Yellow Warning) بإقليم باريس، طبقا لـ AccuWeather و The Weather Channel .
- صنعت إدارة الجولات الليلية مشاكل في أوقات الوصول وخفض عدد الزوار، ما أدى إلى خسارة أيام إجازة لبعض الشركات المحلية مثل المقاهي والمتاجر <> في المنطقة المحيطة.
برج إيفل والضباب عبر العصور
ليس الضباب بظاهرة استثنائية في باريس؛ فنحو 80–100 يوم سنويًا تسيطر فيها طبقات ضبابية خفيفة إلى متوسطة الشدة. لكن الظهور الدرامي كما حدث مؤخرًا، لم يُشاهد بقوّة كهذه منذ سنوات. يعود آخر تمويه جذري مماثل للبرج إلى يناير من العام 2017، مما جعله يبدو وكأنه “معلق في السحب” .
تاريخيًا، صنعت صور الضباب الفضاء الأمثل للشعراء والمبدعين الفرنسيين القادمين من مدرسة Impressionism والـ Symbolism، ومثال ذلك لوحات Monet الضبابية في Monet’s Gare Saint-Lazare (1877). كان برج إيفل موطنًا لتلك اللوحات الحضرية.
أثر الظاهرة على النقل والبنى التحتية
عصفت بعواصف الليلة الماضية عشرات الأشجار قرب ضفاف سين، ما تسبب في إصابات طفيفة وإرباك المرور، وفق تقارير The Sun التي ذكرت وفاة طفلين على الأقل في أنحاء فرنسا بسبب العواصف . أقرب شارع إلى برج إيفل كان مغلقًا مؤخرًا لتنظيف مخالفات سقوط الأشجار.
أما في السماء، فسجلت رحلات الهليكوبتر فوق باريس تأخيرات مع طقس كثيف. التحكم الجوي اضطر لتعديل مسارات الطيران فوق العاصمة لتفادي ارتفاع الرطوبة القريبة من 1000 م . تأثّرت أيضًا سيارات الأجرة والنقل البحري –إلى حد منع التأجير وسط الضباب الذي يقلل الرؤية.
هل تتكرر الظاهرة؟
تشير توقعات AccuWeather وForecast إلى استمرار حالة الغيوم والضباب خلال الأيام القادمة، مع احتمال هبّة واحدة جديدة صباح الجمعة قبل تحسن تدريجي للطبيعة والرؤية . المتوقع أن تنخفض نسبة الرطوبة إلى أقل من 70% بحلول نهاية الأسبوع ما يعيد الرياح لتصرفها الطبيعي.
لكن المتخصصين في المناخ يشيرون إلى احتمال زيادة حالات الضباب والرطوبة خلال السنوات القادمة، نتيجة للتغير المناخي، الأمر الذي قد يجعل “إخفاء البرج” حدثًا أكثر تواترًا.
باريس بين الأمطار والسحر الضبابي
ظاهرة اختفاء برج إيفل خلف العاصفة الضبابية لم تكن خبرًا بصريًا فقط، وإنّما رسالة قوة للطبيعة في قلب الحضارة. لها تأثيرات فنية، نقلية، سياحية، ومناخية. وبالنسبة لمن يعيشون تحت السحب، فإن الرمز الأيقوني صار أقرب إلى الحلم المعلق فوق السحاب.
اقرأ ايضاً: سعر البتكوين يرتفع بقوة ويتجاوز 105 آلاف دولار وسط هدوء التوترات الدولية