الخليج اليوم

كيف أشعل ChatGPT أزمة جامعية؟ اكتشف فضيحة جامعة سنغافورة

في واقعة غير مسبوقة هزّت الوسط الأكاديمي في سنغافورة، تفجّرت أزمة داخل جامعة نانيانغ التكنولوجية (NTU)، إحدى أعرق الجامعات الآسيوية، بعدما اتُّهم ثلاثة طلاب باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعلى رأسها ChatGPT، في مهام دراسية داخل كلية العلوم الاجتماعية. وتم الكشف عن الحادثة خلال جلسة أكاديمية عُقدت في أبريل 2025، وامتدت تداعياتها لوسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية الأخرى.

الطلاب المتهمون كانوا قد شاركوا في مقرر دراسي حول الصحة والسياسات الوبائية، حين استخدم اثنان منهم ChatGPT لمساعدتهما في جمع المراجع وصياغة الأفكار، في حين استُخدمت أدوات تنظيمية من طرف الطالب الثالث، الذي أنكر استخدام الأداة في كتابة أي محتوى مباشر. رغم ذلك، تم منح الطالبين صفرًا في التقييم، وبدأت لجنة مستقلة التحقيق في طعن الطالب الثالث.

القضية أثارت جدلاً واسعًا حول حدود استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم، ومدى شرعية الاستعانة بها في الأعمال الأكاديمية، خاصةً في ظل عدم وجود سياسة جامعية واضحة.

كيف أشعل ChatGPT أزمة جامعية؟ اكتشف فضيحة جامعة سنغافورة

رد فعل الجامعة وإجراءات التقييم التأديبي

وفق تقارير إعلامية محلية من قناة CNA وصحيفة The Straits Times، تعاملت إدارة الجامعة مع الحادثة بجدية كاملة. تم استدعاء الطلاب الثلاثة لجلسات استماع داخلية، وتقرر إعطاء الطالبين الذين أقرّا باستخدام ChatGPT درجات “صفر”، رغم تأكيدهما على أن استخدامهما اقتصر على المساعدة في البحث والتنظيم، وليس في كتابة المقالات.

في المقابل، تم تحويل قضية الطالب الثالث، الذي أنكر الاتهامات، إلى لجنة مراجعة مستقلة تضم خبراء في الذكاء الاصطناعي والتعليم العالي. هذه اللجنة مُكلّفة بتقييم الأدلة التقنية، والتحقق من الاستخدام الفعلي للأداة في محتوى الواجبات.

الإدارة الجامعية أصدرت بيانًا داخليًا أكدت فيه أن استخدام ChatGPT أو غيره من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي غير مصرح به في بعض المقررات، وأي استخدام غير موثق قد يُعد خرقًا لقواعد النزاهة الأكاديمية.

الطلاب يدافعون عن أنفسهم: ChatGPT أداة تنظيم لا غش أكاديمي

الطلاب المتهمون، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، أصروا على أن ما قاموا به لا يرقى إلى “غش” أو “تضليل”، بل استخدام مشروع لأداة حديثة تُعتمد على نطاق واسع عالميًا. وأوضح أحد الطلاب أن ChatGPT استخدم في “تلخيص الأفكار”، وجمع بعض المعلومات المتعلقة بالسياسات الصحية العالمية، وهي معلومات متاحة علنًا، وليس لإنتاج فقرات جاهزة.

الطالب الثالث، الذي قدم طعنًا رسميًا، طلب مراجعة عملية التقييم بالكامل، مؤكدًا أنه استخدم فقط أدوات “توليد قائمة مراجع” وأنه لم يعتمد على ChatGPT في كتابة نصوص نهائية.

الدفاعات الطلابية تسلط الضوء على غياب توجيه واضح من الأساتذة فيما يخص استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث لم يكن هناك دليل واضح أو توجيه مكتوب يوضح ما يُسمح به أو يُمنع.


الخبراء القانونيون يطالبون بإطار تنظيمي واضح لاستخدام الذكاء الاصطناعي

فونغ وي لي، المحامي المتخصص في قوانين الإنترنت وحقوق الطلاب، صرّح لموقع This Week in Asia بأن الحادثة تعكس غياب بنية تشريعية واضحة في مؤسسات التعليم العالي للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أن الجامعات في آسيا، رغم اعترافها الضمني بأن أدوات مثل ChatGPT أصبحت جزءًا من المشهد الأكاديمي، لم تنشئ بعد أنظمة شفافة لتحديد ما هو مسموح أو ممنوع، مما يضع الطلاب في منطقة رمادية قانونيًا.

وأضاف فونغ أن غياب آليات الاستئناف السريعة والواضحة يزيد من تفاقم الأزمة، متسائلًا: “هل ننتظر تكرار مثل هذه الحوادث لنبدأ بوضع إجراءات تنظيمية دقيقة؟”.

اقرأ ايضاً: إحباط تهريب الإمفيتامين بجدة: ضبط 732,000 حبة “كبتاجون” قبيل دخولها السوق

الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي.. فجوة بين الواقع والتنظيم

تكشف أزمة جامعة نانيانغ عن فجوة حقيقية بين الواقع التكنولوجي في الفصول الدراسية، والأنظمة التنظيمية التقليدية التي ما زالت تحكم المؤسسات التعليمية. أدوات مثل ChatGPT تُستخدم في العديد من الجامعات الغربية كمساعد تعليمي، حيث توضع حدود واضحة لاستخدامها في مراحل العصف الذهني أو التخطيط دون الاعتماد عليها في إنتاج المحتوى.

في المقابل، معظم جامعات آسيا، بما في ذلك NTU، لم تحدّث لوائحها لتتماشى مع هذا الواقع الجديد، ما يجعل المعلمين والطلاب عرضة لتفسير شخصي للقواعد.

في استطلاع أجرته “QS Intelligence Unit” عام 2024، أظهر أن 68% من الطلاب في آسيا استخدموا أدوات توليد نصوص على الأقل مرة واحدة في مشاريعهم الدراسية، وأن 79% يعتقدون أن المؤسسات يجب أن توفر لوائح واضحة لاستخدام ChatGPT.


آثار الأزمة على السياسات الجامعية في سنغافورة وآسيا

تداعيات هذه الأزمة لم تقتصر على حدود جامعة نانيانغ. صحيفة Today Online نقلت عن مصادر داخل وزارة التعليم السنغافورية أن الحكومة تتابع الحادثة باهتمام، وتدرس تقديم توصيات وطنية للجامعات حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال الأكاديمية.

من المتوقع أن تتجه جامعات أخرى في سنغافورة، مثل جامعة سنغافورة الوطنية (NUS)، إلى مراجعة سياساتها الخاصة، خاصة بعد الضغوط الطلابية المتزايدة للمطالبة بتوضيح الإطار التنظيمي لاستخدام ChatGPT في الأبحاث والمشاريع.

وعلى الصعيد الآسيوي، بدأت جامعات كبرى في كوريا الجنوبية واليابان إطلاق لجان بحثية لصياغة أدلة إرشادية تحكم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على جوانب الشفافية، الإبلاغ، والأخلاقيات.

خلاصة وتحليل نهائي

أشعلت أدوات مثل ChatGPT شرارة النقاش مجددًا حول توازن ضروري بين الابتكار والأخلاقيات الأكاديمية. واقعة جامعة نانيانغ تؤكد أن المؤسسات التعليمية بحاجة ماسة إلى اللحاق بركب التطور التقني، ليس فقط بإتاحة التكنولوجيا، بل بسنّ قوانين واضحة تُجنّب الطلاب الوقوع في أخطاء غير مقصودة.

وفي الوقت الذي يُتوقّع فيه أن تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي جزءًا دائمًا من التجربة التعليمية، فإن الخطوة التالية هي تحديد دورها بوضوح في المناهج، وتدريب المعلمين والطلاب على استخدامها بشكل مسؤول.

اقرأ ايضاً: زجاجات ممنوعة قرب الحدود.. كوريا الجنوبية تعتقل 6 أمريكيين من أجلها!

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!