هل ينجح اتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا قبل الموعد؟ فرنسا تعلّق بثقة
في ظل اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة لتطبيق رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات أوروبية واسعة النطاق، تعيش العواصم الأوروبية حالة من الترقب الحذر. وتتصدر فرنسا المشهد الدبلوماسي في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل حلول 9 يوليو 2025، التاريخ المحدد لبدء تنفيذ هذه الإجراءات العقابية.
وأكد وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد في مقابلة صحفية أن اتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا لا يزال ممكنًا، مضيفًا أن واشنطن تُبدي انخراطًا جادًا في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وتأتي هذه التصريحات في وقت كثفت فيه بروكسل من جهودها للتوصل إلى حلول وسط، وسط إشارات إيجابية من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي أعربت عن تفاؤلها بإمكانية تفادي التصعيد.
التحرك الفرنسي يأتي ضمن استراتيجية أوروبية أشمل تهدف إلى حماية الأسواق الداخلية من موجة ضرائب أمريكية قد تؤثر على قطاعات حيوية، بدءًا من السيارات وحتى الصناعات المعدنية المتقدمة.
مسار المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
دخلت محادثات اتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا مرحلة دقيقة، مع بروز ملفات جديدة ضمن النقاشات الثنائية، خصوصًا ملف الطاقة والغاز الطبيعي المسال. ووفقًا لتصريحات لومبارد، فإن أوروبا مستعدة لزيادة وارداتها من الغاز الأمريكي، مستغلّة ثلاثة مشاريع لتسييل الغاز في خليج المكسيك يتوقع بدء تشغيلها في الربع الأول من 2026.
تسعى بروكسل إلى إقناع واشنطن بأن توسيع العلاقات التجارية في مجال الطاقة يمكن أن يكون بديلاً مثاليًا عن فرض رسوم جمركية مفرطة. ويُعتبر هذا الطرح جذّابًا لإدارة ترامب التي ترغب في تعزيز الصادرات الأمريكية من الغاز والطاقة.
لكن التحديات لا تزال قائمة، إذ تتباين وجهات نظر الدول الأوروبية بشأن مدى تقديم تنازلات إضافية، بينما تصرّ واشنطن على ضرورة رفع بعض القيود التي تواجه الشركات الأمريكية في السوق الأوروبية.
الموقف الأمريكي وسياسات الرسوم الجمركية لترامب
منذ عودته إلى البيت الأبيض، تبنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجة أكثر تشددًا في العلاقات التجارية. ففي أبريل 2025، أعلن عن مجموعة من التعريفات الجمركية العقابية التي تستهدف حلفاء تجاريين، ضمنهم الاتحاد الأوروبي، متذرعًا بوجود حواجز تؤثر على الصادرات الأمريكية.
تشمل هذه التعريفات:
- 50% على واردات الحديد والألمنيوم.
- 25% على السيارات الأوروبية.
- ضرائب محتملة على الأدوية، الرقائق الإلكترونية، والطائرات.
الهدف الرئيسي من هذه السياسات هو الضغط على الاتحاد الأوروبي لتقليل الضوابط التنظيمية وفتح أسواقه بشكل أكبر. وتواجه إدارة ترامب انتقادات واسعة داخل الكونغرس، خاصة من الديموقراطيين، الذين يعتبرون هذه الإجراءات ضارة بالعلاقات مع الحلفاء.
الموقف الأوروبي وتكتيكات لتفادي الانتقام الأمريكي
في مواجهة التهديدات الأمريكية، لجأ الاتحاد الأوروبي إلى إجراءات قانونية وتحضيرات اقتصادية بديلة. فوفقًا للوزير الفرنسي، تم بالفعل تعليق حزمة أولى من الإجراءات المضادة على واردات أمريكية بقيمة 22 مليار يورو، بانتظار نتيجة المحادثات.
وفي حال فشل التوصل إلى اتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا، تعتزم بروكسل إطلاق حزمة ثانية أكثر شمولًا، تشمل فرض رسوم انتقامية على منتجات غذائية، طائرات خاصة، وحتى التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة.
الخطوة اللافتة في السياسة الأوروبية الحالية هي التركيز على المفاوضات الوقائية بدلاً من التصعيد المباشر، ما يعكس تحولًا في إدارة الأزمات التجارية مقارنة بفترات سابقة، لا سيما في عهد المفوضية الجديدة بقيادة فون دير لاين.
اقرأ ايضاً: انكشاف خلية إرهابية في تعز- كيف نفّذتها اللجنة الأمنية؟
السيناريوهات المتوقعة قبل 9 يوليو
مع اقتراب الموعد الحاسم، تتباين التوقعات بشأن ما إذا كان اتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا سيرى النور قبل تطبيق القرارات الأمريكية. وتتراوح السيناريوهات بين:
السيناريو | التفاصيل | الاحتمال |
---|---|---|
التوصل إلى اتفاق شامل | تشمل الغاز والسيارات وبعض التنازلات التنظيمية | متوسط |
تمديد المفاوضات | تأجيل تطبيق الرسوم لمدة 60 يومًا بموافقة الطرفين | مرتفع |
فشل المفاوضات والتصعيد | فرض واشنطن رسوم كاملة ورد أوروبي فوري | محتمل |
الاحتمال الأقرب للواقع، بحسب محللين في صحيفة Le Monde الفرنسية، هو الاتفاق الجزئي مع تعهدات بالتوسع لاحقًا، خصوصًا في ظل الاهتمام المتبادل بتفادي أزمة اقتصادية جديدة تؤثر على السوقين.
الانعكاسات المستقبلية على التجارة العالمية
أبعد من تأثيره المحلي، فإن اتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا سيشكل اختبارًا عالميًا لقدرة الحلفاء التقليديين على تجاوز الخلافات التجارية في عصر تتنامى فيه السياسات الحمائية. فشل الاتفاق قد يُشعل نزاعات متتابعة تشمل دولًا أخرى كالصين وكندا.
كما أن القطاعات الصناعية المتقدمة في ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا، ستكون الأكثر عرضة للاضطراب، ما يهدد سلاسل التوريد، خصوصًا تلك المعتمدة على المكونات المستوردة من السوق الأمريكية.
من جهة أخرى، فإن أي اتفاق يُحقق مرونة في التعامل مع الغاز والطاقة، قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التحالف التجاري عبر الأطلسي، وربما يشكل نواة لتعاون أوسع يشمل الجوانب البيئية والتكنولوجية.
اقرأ ايضاً: لماذا رفض رونالدو المشاركة في كأس العالم للأندية؟ السبب الحقيقي يصدم الجميع!