هل هرب سامر المصري حقاً من التهديدات في سوريا؟
كشف الفنان السوري سامر المصري أنه ابتعد عن وطنه لمدة 14 عامًا بناءً على تهديدات من النظام السابق، سعيًا للابتعاد عن الانخراط في صراعات سياسية تم فرضها على الفن والفنانين. عند عودته مؤخرًا، عبر عن مشاعر مختلطة ما بين الفرح والشجن، مشيرًا إلى حجم الدمار واشتياقه لرائحة الحرية والشوق إلى سورية ذات الطابع الثقافي والفكري العريق. يطرح هذا المقال رؤية موسعة وتفاصيل جديدة حول مغادرته، الظروف التي أحاطت بها، تطور مشاعره بعد العودة، وأثر كلامه على الساحة الفنية الشعبية.
خلفية مغادرة سامر المصري وخلفيات التهديد
بدأ رحيل سامر المصري في عام 2011، مع تصاعد حالة القمع السياسي والفني. تلقّى حينها تحذيرات مباشرة بعد رفضه المشاركة في فعاليات رسمية تحمل توجهًا مؤيدًا للنظام، وفق شهادات قريبة من الفنان.
الفنان لم يُضطر فقط لمغادرة بل اضطر أيضًا إلى تغيير مكان إقامته عدة مرات خوفًا من الملاحقة. خلال سنوات الغربة، عاش في بيروت وتركيا، فاتحًا أبياب الإبداع المسرحي والتلفزيوني بعيدًا عن الرقيب.
هذا الواقع ألّف جمهورًا كبيرًا عليه في الخارج، لتصبح عودته الحدث الأبرز على الساحة الفنية السورية.
اللحظة العاطفية عند العودة إلى دمشق
وصف المصري لحظة نزوله من الطائرة في دمشق بأنها “غارقة بالدموع”، حيث اجتاحته مشاعر مختلطة. الساحة كانت مليئة بمظاهر الترحاب، بينما تخيَّل أن قلبه سينفطر لحظة رؤية الدمار.
خلال الأيام الأولى، تأثّر بنسيم الشوارع والشعور الودي تجاهه من الناس الذين قابلوه بفرح. عبّر في حواره عن “رائحة الحرية” التي لم تُشبعها سنوات البقاء في المنفى، مؤكدًا أن الشوق والرغبة في العطاء الفني حياهما داخل قلبه من جديد.
الدمار والآثار النفسية والجغرافية في دمشق الجديدة
أشار المصري إلى حجم الدمار الذي شهدته العاصمة طوال 14 عامًا، حيث اختفت معالم قديمة وتبدلت آلاف الأحياء. المباني الأثرية تعاني من التشققات، والطرقات تعود بآثار القذائف.
رغم هذا، التقت مصرع الأمل مع المشهد الإنساني اللافت حيث التقت العائلات والجيران وعودوا للحياة التدريجية: “شارعٌ هنا بات يعيد نبضه بعد غياب طويل، ومستشفى هناك عاد لاستقبال ألاف المرضى”، كما وصف.
هذا التناقض بين الدمار والعودة الإنسانية يضفي على ثقافة التعايش داخل دمشق طابعًا مختلفًا، مستدعيًا دور الفنان في بناء جسر يربط بين محبة الناس وروحهم.
توقعات المصري لإعادة إعمار سورية ثقافيًا واجتماعيًا
عبّر الفنان عن أمله في أن تشهد سورية حياة جديدة مبنية على الثقافة والفكر والقيم. وأكد أن طموحه التالي هو إطلاق مؤسسة فنية مسرحية ستنظم ورشًا للأطفال والشباب، وتعيد للمعرض الفني دوره التقليدي.
كما أعلن عن نيته في العمل على إنتاج عمل درامي ضخم يُروي قصص السوريين في المنفى، ويركّز على النضال والرجاء، ليكون جسراً للعالم لفهم ما حصل خلال السنوات الماضية.
الرؤية الاجتماعية التي راح يبني عليها تخطط لاستقطاب عدد من الفنانين المغتربين والعائدين لمشاركة تجربة بناء الرؤية الجديدة.
اقرأ ايضا: هل تُعزز زيارة وزير الموارد البشرية لــ”تبوك” مسيرة التنمية الاجتماعية؟
ردود الأفعال من الوسط الفني والإعلامي
الإعلام اعتبر عودة المصري علامة فارقة:
- منصات المقابلات السورية استقبلته بحفاوة، وعبرا عن إعجابهم بإصراره العود رغم التحديات.
- عبر “سوريال” ارتبطت صورته بنماذج فنية تعيد صياغة الحضور المحلي.
في الوقت ذاته، تساءل بعض المحللين إن كانت العودة مرتبطة بأوّل انفراج سياسي في العاصمة أو تسوية حصل عليها بعد السنوات.
الفنان نشر صورًا له بجانب عدد كبير من زملائه، مما أعاد أجواء النقاش عن الفن ودوره في المصالحة المجتمعية.
هل العودة محاولة لفُرجة وصُنعية إعلامية؟
بعض الأصوات شككت بما إذا كانت الزيارة واقعية أم جزء من عملية تطبيع فني-سياسي مدعومة.
صحيفة “المدى” في لندن أوردت أن “الظهور الإعلامي المكثف يأتي رغبة في ضمان دور أكبر في المشهد الجديد”.
لكن صناعيتهم انطفت حين شاركت زوجته في بث مباشر وصفت فيه موقفه أمام شوارع دمشق، مؤكدة أنه “عاد بصدق وليس لأسباب تجارية”.
السيناريوهات القادمة ودور سامر المصري
ينتظر المصري تصاريح عمل فنية قادرة على تأهيله للظهور في مسلسلات سورية قادمة.
هناك حديث عن تعاون محتمل مع مهرجان قرطاج الدولي في تونس، لإقامة عمل مشترك يعكس الواقع السوري.
كما أفاد مقربون أن لديه أهدافًا لإطلاق مدرسة مسرحية بالتعاون مع فناني دمشق المغتربين.
جدول مقارنة بين عودات فنية لسوريين خلال آخر 5 سنوات
الفنان | سنين الغربة | أسلوب العودة | مستوى التساؤل الإعلامي |
---|---|---|---|
سامر المصري | 14 سنة | زيارة عمل + مشروع مستقبل | مرتفع |
دريد لحام | 5 سنوات | مشاركة في مهرجانات | متوسط–منخفض |
أمل عرفة | 3 سنوات | العودة للعروض المسرحية | مرتفع |
باسل خياط | 6 سنوات | إنتاج مشترك مصري–سوري | متوسط |
خاتمة
كشفت عودة سامر المصري عمق تناقض الواقع بين أنقاض الماضي ومشاعر الرجاء بالقادم. هو لم يهرب فقط من التهديدات؛ بل غادر ليحمي نفسه وفنه، واليوم يعود مستخدمًا أدوات ناعمة: الشجن، الكلمات والأمل.
هل تكون هذه العودة تمهيدًا لموسم فني جديد يحمل اسم سامر المصري بين جدران سورية المعدنية وثقافتها المتجددة؟ الزمن وحده سيحدد.
اقرأ ايضا: هل نهاية أنس جابر في ويمبلدون بسبب الإصابة حقًا؟