الخليج اليوم

هل تُنفّذ إسرائيل مخطط أرورا تهجير سكان غزة؟

في ظل التوترات المستمرة في قطاع غزة، ظهرت تقارير مثيرة للجدل كشفت عنها صحيفة “فاينانشيال تايمز” حول ما يعرف بـ”مخطط أرورا”، وهو مشروع يهدف إلى تهجير سكان غزة بشكل منظم إلى خارج القطاع. المخطط الذي ارتبط باسم شركة بوسطن للاستشارات BCG، فتح الباب واسعًا للتساؤل حول الجهود الإسرائيلية والأمريكية في إعادة تشكيل التركيبة السكانية لغزة، وما إذا كان تهجير سكان غزة أصبح ضمن سياسات ما بعد الحرب. في هذا التقرير، نرصد آخر التطورات، ونكشف النقاب عن تفاصيل جديدة ومثيرة حول هذا المخطط، مع التزامنا بتقديم معلومات دقيقة وحديثة من مصادر دولية وعربية.

"هل تُنفّذ إسرائيل مخطط أرورا تهجير سكان غزة؟"

خلفية مخطط “أرورا”: جذور الفكرة وأطرافها الفاعلة

بدأ الحديث عن مخطط “أرورا” منذ أكتوبر 2024، في وقت كانت فيه الأنظار تتجه إلى الوضع الإنساني المتدهور في غزة. لكن هذا المشروع، الذي أعدته مؤسسة استشارات أمريكية، تم تصميمه كمسار بديل يعيد رسم واقع سكان غزة. تشير تقارير جديدة إلى أن الفكرة انطلقت من غرف تفكير مقربة من البيت الأبيض، بدعم إسرائيلي واضح، وتعاون غير مباشر مع جهات أمنية أمريكية.

حسب تحقيق نشره موقع The Intercept الأمريكي في يونيو 2025، فإن الوثائق المسرّبة تؤكد أن شركة BCG أعدّت نماذج لإعادة توطين أكثر من 500 ألف فلسطيني، تحت غطاء تقديم مساعدات إنسانية. وتم تصنيف المشروع باسم “أرورا” – نسبة إلى الشفق القطبي – في محاولة لإبعاده عن الأضواء السياسية.

ورغم انسحاب الشركة رسميًا، فإن متابعين للملف يرون أن “تهجير سكان غزة” هو مسار لا يزال قيد التنفيذ غير المباشر، خاصةً مع تصاعد الضغوط الأمنية والمعيشية على السكان.

تمويل المشروع: من يدفع ثمن التهجير؟

كشفت وثائق مالية مسربة، اطلعت عليها جهات إعلامية غربية مثل Politico وThe Guardian، أن قيمة العقد الأولي الذي وقعته BCG بلغ نحو 4 ملايين دولار، وهو جزء من تمويل أوسع يشمل حزمة تقدر بـ 12 مليار دولار مخصصة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.

تشير التحليلات إلى أن جزءًا من هذا التمويل يأتي من صندوق أميركي خاص تحت اسم Gaza Recovery Trust Fund، تديره شخصيات على صلة بمراكز صنع القرار في واشنطن وتل أبيب. ويُعتقد أن المساهمين في هذا الصندوق يشملون شركات تقنية وأمنية، وبعض مؤسسات الإغاثة التي تغطي على أهدافها الحقيقية.

وبحسب تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن المخطط تضمن تخصيص 9 آلاف دولار لكل فرد يتم تهجيره، ما يعني أن تنفيذ المشروع بالكامل قد يكلف نحو 5 مليارات دولار. ويظل السؤال: هل تهجير سكان غزة مجرد ملف إنساني، أم مشروع جيوسياسي متكامل؟

أقرًا أيضًا: هل تم القبض على مهربي القات في عسير؟ ضبط 6 مخالفين وتهريب 100 كيلوغرام قات!

الأبعاد الجيوسياسية: تهجير سكان غزة وتغيير الخريطة

لم يعد التهجير القسري مجرد إجراء أمني أو إنساني، بل أصبح جزءاً من ترتيبات إقليمية تهدف لتفكيك الكيانات الوطنية، وفقًا لمراقبين دوليين. ويؤكد تقرير صادر عن مركز الأبحاث الأوروبي EuroMed Rights أن تهجير سكان غزة يُعد خطوة استراتيجية تهدف إلى إضعاف القضية الفلسطينية وتغيير ديموغرافي شامل.

وبينما تروج إسرائيل لفكرة “ممر إنساني” لخروج المدنيين، يراها باحثون في معهد الشرق الأوسط وسيلة ضغط لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم. كما تشير تقارير إلى ضغوط تُمارس على مصر لاستقبال موجات تهجير محتملة في سيناء، وهو ما ترفضه القاهرة رسميًا.

ووفق تحليلات مراكز مثل RAND Corporation، فإن عمليات التهجير الجماعي لا تؤدي بالضرورة إلى الاستقرار، بل تخلق أزمات إقليمية تمتد لأجيال، وتزيد من تعقيد العلاقات بين الدول المضيفة والمجتمعات الجديدة.

الموقف الدولي والعربي من مخطط أرورا

أثار الحديث عن مخطط أرورا لتهجير سكان غزة موجة رفض واسعة النطاق. فقد عبرت الأمم المتحدة، من خلال بيان صادر عن وكالة الأونروا في يونيو 2025، عن قلقها من أي محاولات لإعادة توطين قسري لسكان غزة خارج أراضيهم، مؤكدة أن مثل هذه الخطوات تنتهك القانون الدولي.

أما على المستوى العربي، فقد أعلنت مصر والأردن وقطر رفضها الكامل لأي خطة تهدف إلى تهجير سكان غزة قسرًا. وأكدت جامعة الدول العربية في اجتماع طارئ عقد بالقاهرة في مايو الماضي، أن أي خطة من هذا النوع تُعد جريمة ضد الإنسانية.

من جانبها، التزمت تركيا وماليزيا بموقف داعم للفلسطينيين، معلنة رفضها لأي مساهمة مباشرة أو غير مباشرة في مشاريع تهدف لتفريغ غزة من سكانها.

الموقف الإسرائيلي والأمريكي: دعم أم تراجع؟

فيما تسربت معلومات حول دعم البيت الأبيض للمشروع في بداياته، بدأت الإدارة الأمريكية في يونيو 2025 بالتنصل من أي علاقة مباشرة بخطة أرورا، بعد تصاعد الانتقادات الدولية. وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة “تدعم إعادة إعمار غزة ضمن إطار يحترم السيادة الفلسطينية”.

أما إسرائيل، فقد نفت رسميًا وجود أي خطط لترحيل سكان غزة، لكنها لم تنكر دعمها لمؤسسة “غزة الإنسانية” التي ورد اسمها ضمن المخطط. ويؤكد مراقبون أن الدعم الإسرائيلي غير المباشر يتمثل في خلق بيئة أمنية خانقة تدفع السكان إلى الهجرة القسرية.

يُذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُعلّق بشكل مباشر على المشروع، لكنه صرح في أكثر من مناسبة بأن “غزة بحاجة إلى إعادة تأهيل سياسي وسكاني”، وهي تصريحات تثير الكثير من المخاوف.

مستقبل سكان غزة في ظل المشاريع الدولية

يبقى تهجير سكان غزة واحدًا من أكثر الملفات الشائكة في المنطقة. فبين خطط مشبوهة، وتصريحات متناقضة، يعيش أهالي غزة تحت حصار مزدوج: عسكري وإنساني. وتزداد المخاوف من أن يتحول هذا التهجير من مشروع ورقي إلى واقع ملموس، خاصة مع تردي الأوضاع المعيشية في القطاع.

يشير تقرير صادر عن البنك الدولي في يونيو 2025 إلى أن نسبة الفقر في غزة تجاوزت 80%، فيما يعاني 65% من السكان من انعدام الأمن الغذائي. في هذه البيئة، تصبح عروض “إعادة التوطين مقابل المال” وسيلة ضغط خفية يصعب مقاومتها.

ويبقى التحدي الأبرز أمام المجتمع الدولي هو الحفاظ على حق سكان غزة في البقاء على أرضهم، وعدم السماح بتمرير مشاريع تؤسس لنكبة جديدة تحت غطاء إنساني.


 مقارنة بين سيناريوهات إعادة التوطين المقترحة

العنصرالسيناريو 1: تهجير جزئيالسيناريو 2: تهجير واسع النطاقالسيناريو 3: دعم البقاء داخل غزة
عدد المستهدفين100 ألف شخص500 ألف شخص0
التكلفة الإجمالية المقدرةمليار دولار5 مليارات دولار7 مليارات دولار لإعادة الإعمار
الدول المستقبلة المحتملةمصر، الأردن، كندامصر، الأردن، كندا، أوروبالا ينطبق
الأثر السياسيتوتر محدودتفكيك القضية الفلسطينيةدعم الصمود الوطني
الموقف الدولي المتوقعرفض جزئيرفض شاملدعم حقوق الإنسان

في النهاية

تكشف الوثائق والتقارير الأخيرة أن مخطط أرورا ليس مجرد فكرة عابرة، بل مشروع متكامل قد يُعيد تشكيل مستقبل غزة. وبينما تتعالى الأصوات الرافضة، تظل الحقائق على الأرض مؤشراً على أن “تهجير سكان غزة” ليس مجرد سيناريو محتمل، بل خطر حقيقي يجب التصدي له دوليًا وعربيًا. على المجتمع الدولي أن يتحرك، ليس فقط لمنع تنفيذ المخطط، بل لحماية الحق الأساسي للفلسطينيين في البقاء على أرضهم.

أقرًا أيضًا: أيمكن أن يفجر قرار أوبك+ الجديد أزمة نفطية في أغسطس؟

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!