هل تعيد «بوابة دمشق» مجد الدراما السورية؟
في خطوة يُنتظر أن تُحدث تحولاً جذريًا في المشهد الفني والإعلامي بسوريا، أُعلن عن تدشين مشروع “بوابة دمشق”، المدينة المتكاملة للإنتاج الإعلامي والفني، الذي أثار اهتمام الوسط الفني العربي، وأعاد تسليط الضوء على الدراما السورية التي لطالما كانت من أقوى صناعات التلفزيون في العالم العربي. المشروع، الذي يُعد الأول من نوعه في سوريا، يعكس رؤية استراتيجية لإعادة الدراما السورية إلى الصدارة إقليميًا وعالميًا. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل المشروع، أهميته، أبعاده الاقتصادية والفنية، والتحديات التي تواجهه، إلى جانب دور النجوم السوريين في دعم هذا التحول.
قطاع الإنتاج الدرامي السوري: تراجع مؤقت أم أزمة ممتدة؟
كانت الدراما السورية في العقد الأول من القرن 21 واحدة من أكثر الصناعات التلفزيونية تألقًا، منافسةً لنظيرتها المصرية واللبنانية، وتصدّرت أعمال مثل “باب الحارة” و”الولادة من الخاصرة” و”الزير سالم” قوائم المشاهدة في رمضان لسنوات. لكن مع تصاعد الأزمة السورية عام 2011، تعرض قطاع الإنتاج الدرامي لانتكاسة كبيرة، تمثلت في:
- هجرة جماعية للفنانين والمنتجين والمخرجين.
- تراجع التمويل المحلي بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي.
- غياب البيئة الآمنة والمستقرة للتصوير.
رغم ذلك، استمر بعض صناع الدراما السورية في تقديم أعمال مشتركة بالتعاون مع شركات إنتاج في لبنان والخليج، مما حفظ للدراما السورية حضورًا نسبيًا على الساحة.
البنية التحتية والتمويل والمواصفات التقنية
مشروع “بوابة دمشق” يمثل نقلة نوعية على مستوى البنية التحتية للدراما السورية. يمتد المشروع على مساحة تبلغ مليوني متر مربع، وهو ما يعادل تقريبًا ضعف مساحة مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر. من أبرز المواصفات التي تميّز المشروع:
- استوديوهات داخلية وخارجية مزوّدة بأحدث تقنيات التصوير.
- نماذج معمارية تحاكي مدنًا تاريخية مثل القدس، مراكش، القيروان، ودمشق القديمة.
- دعم حكومي عبر وزارة الإعلام، وشراكات مع شركات إنتاج محلية وعربية.
- تكلفة إجمالية تقدّر بـ 1.5 مليار دولار أمريكي.
الهدف من المشروع هو خلق بيئة إنتاجية شبيهة بهوليوود الشرق، تُوفر مساحات تصوير ضخمة، وفِرق عمل تقنية وفنية مؤهلة، وبنية تحتية حديثة قادرة على استيعاب أكثر من 25 عملاً دراميًا سنويًا.
أقرًا أيضَا: هل عاد عادل إمام للأضواء؟.. الزعيم يخطف الأنظار في عقد قران حفيده!
تأثير “بوابة دمشق” على سوق الدراما السورية والعربية
مع تدشين المشروع، يُتوقع أن تستعيد الدراما السورية موقعها القيادي في المنطقة. وبحسب إحصاءات غير رسمية من نقابة الفنانين في سوريا، هناك أكثر من 4000 فنان وفني عاطل عن العمل منذ أكثر من 5 سنوات، ما يجعل هذا المشروع بوابة حقيقية لتوفير آلاف الوظائف.
كما يُراهن المستثمرون على استقطاب شركات إنتاج من الخليج ومصر وتركيا للاستفادة من البنية التحتية الجديدة. وجود مدينة بهذا الحجم والتقنيات في دمشق يوفّر خيارًا جديدًا ومنافسًا لمراكز الإنتاج في بيروت أو القاهرة.
في المقابل، يُتوقع أن يشهد السوق الإعلامي العربي تنوعًا أكبر في الأعمال، وتراجعًا في ظاهرة احتكار شركات إنتاج بعينها للمحتوى الرمضاني أو الموسمي.
دعم جماهيري وفني للمشروع
يحظى مشروع “بوابة دمشق” بدعم واضح من كبار نجوم الدراما السورية، أبرزهم المخرج الليث حجو، والفنان مكسيم خليل، والنجمة إيناس حقي، والمخرج جود سعيد، والنجمة رشا شربتجي، التي أثنت على شمولية المشروع وتقنياته الحديثة.
الفنانون يرون أن هذا المشروع لا يقتصر على استوديوهات تصوير، بل هو بمثابة عودة إلى الجذور، ورسالة مفادها أن الدراما السورية قادرة على النهوض رغم الصعوبات. كما يطمح النجوم إلى أن يكون المشروع بوابة لاكتشاف المواهب الجديدة من داخل سوريا، وإعادة الروح لمؤسسات التعليم الفني والإعلامي.
مدينة الإنتاج الإعلامي في الشرق الأوسط: مقارنات وتنافسية
عند مقارنة “بوابة دمشق” بمدن إنتاج إعلامي أخرى في المنطقة مثل مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، وTwoFour54 في أبوظبي، نلاحظ ما يلي:
المدينة | المساحة | تكلفة الإنشاء | عدد الاستوديوهات | مستوى التقنية |
---|---|---|---|---|
بوابة دمشق | 2 مليون م² | 1.5 مليار دولار | +15 | تقنيات حديثة |
مدينة الإنتاج (مصر) | 1 مليون م² | 500 مليون دولار | 10 | تقنيات جيدة |
توفور54 (أبوظبي) | 1.5 مليون م² | 1 مليار دولار | 12 | تقنيات متقدمة |
المقارنة تُظهر أن المشروع السوري يأتي بمواصفات منافسة ومتفوقة في بعض النواحي، خصوصًا في التنوع المعماري، والتكامل بين البنية التحتية والهوية الثقافية.
التحديات المستقبلية: هل تنجح بوابة دمشق في ظل الوضع الإقليمي؟
رغم الحماسة التي تحيط بالمشروع، إلا أن هناك تحديات حقيقية قد تؤثر على فعاليته:
- البيئة السياسية والأمنية في سوريا ما زالت غير مستقرة نسبيًا.
- حاجة مستمرة لدعم مالي طويل الأجل، خصوصًا في التشغيل والتسويق.
- المنافسة الشرسة من منصات البث الحديثة مثل Netflix وShahid.
لكن برغم هذه التحديات، يظل الأمل قائمًا بأن تصبح بوابة دمشق مركزًا لإعادة تشكيل هوية الدراما السورية، وخلق محتوى ينافس عالميًا.
في النهاية
يمثّل مشروع “بوابة دمشق” فرصة ذهبية لنهضة الدراما السورية بعد سنوات من التراجع. في ظل وجود الإرادة السياسية والدعم الفني والمجتمعي، قد تتحول هذه المدينة من مجرد مشروع استثماري إلى رمز ثقافي ووطني يعيد سوريا إلى صدارة المشهد الدرامي العربي. إن الدراما السورية، التي كانت يومًا ما منارات الفن العربي، تستحق أن تُنفض عنها غبار الحرب، وتعود بحكاياتها وصوتها وصورتها إلى كل بيت عربي.
أقرًا أيضًا: هل ورث أبناء عمرو دياب موهبته؟ مفاجأة “جنا وعبد الله” تشعل حفل الساحل الشمالي