رسالة بخط اليد تفجّر المشهد.. ترمب يشعل حربًا مفتوحة ضد “الاحتياطي الفيدرالي”!
شهد يعكس تصاعد التوتر بين البيت الأبيض والمؤسسات الاقتصادية الأمريكية، وجّه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب رسالة مكتوبة بخط يده ينتقد فيها بشدة سياسة “الاحتياطي الفيدرالي”، وخصوصاً قراراته المتعلقة بأسعار الفائدة. لم تكن هذه المرة الأولى التي يصعّد فيها ترمب من هجومه على المؤسسة النقدية الأهم في الولايات المتحدة، ولكن الرسالة الأخيرة فتحت فصلاً جديدًا في الصراع الاقتصادي والسياسي الذي تتشابك فيه الحسابات الانتخابية بالسياسات المالية. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل الهجوم الجديد، الخلفيات الاقتصادية، التداعيات المحتملة، بالإضافة إلى مقارنة مع رؤى اقتصادية عالمية مشابهة، في محاولة لفهم إلى أين يتجه الصدام بين ترمب و”الاحتياطي الفيدرالي”.
خلفية الصراع بين ترمب و”الاحتياطي الفيدرالي”
منذ بداية ولايته في 2017، دخل ترمب في سجال علني ومتكرر مع “الاحتياطي الفيدرالي”، مطالبًا بخفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد وزيادة التوسع الاستثماري، خصوصًا مع تصاعد تأثير الحرب التجارية مع الصين في تلك الفترة. وفي المقابل، كان الفيدرالي يتحرك بحذر للسيطرة على التضخم دون المساس باستقرار الأسواق المالية. تعمق هذا الخلاف عندما عيّن ترمب جيروم باول لرئاسة المؤسسة، ثم بدأ بمهاجمته في تصريحات متكررة، معتبرًا أن قراراته “غير مسؤولة” وتضر بالاقتصاد.
تشير التقارير الحديثة إلى أن ترمب يخطط في حال عودته للرئاسة إلى إدخال تعديلات جوهرية على استقلالية “الاحتياطي الفيدرالي”، ما يثير قلق المستثمرين وخبراء الاقتصاد في الداخل والخارج.
رسالة ترمب الأخيرة.. تصعيد جديد ضد السياسات النقدية
أثارت رسالة ترمب التي وجهها بخط يده إلى رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والمالية، إذ طالب فيها بتخفيض “سريع وكبير” لأسعار الفائدة، معتبرًا أن التأخر في اتخاذ هذا القرار أدى إلى تكبّد الاقتصاد الأمريكي خسائر ضخمة.
وفقًا لتحليل نشرته صحيفة The Wall Street Journal بتاريخ 4 يوليو 2025، فإن الرسالة تتضمن اتهامات مباشرة لباول بأنه “العائق الأكبر أمام انتعاش الاقتصاد”. وعبّر ترمب عن استيائه من عدم تجاوب الفيدرالي مع التحديات الجديدة التي فرضتها التوترات الجيوسياسية وأسعار الطاقة.
المحللون يرون أن تلك الرسالة هي جزء من استراتيجية إعلامية جديدة لترمب هدفها الضغط على المؤسسة النقدية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصةً وأن مؤشرات النمو الاقتصادي بدأت تتباطأ في بعض القطاعات الحيوية مثل البناء والعقارات.
مؤسسة مستقلة في مواجهة الضغوط السياسية
من أهم المبادئ التي يقوم عليها “الاحتياطي الفيدرالي” منذ تأسيسه عام 1913 هي استقلاليته عن السلطة التنفيذية، وهو ما يجعله في موقع حساس عند مواجهة ضغوط سياسية مباشرة.
في هذا السياق، أكدت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ماري دالي، في تصريح حديث لمجلة Bloomberg Economics، أن الفيدرالي “لن يتأثر بأي ضغط سياسي خارجي”، وأنه يتبع مؤشرات الأداء المالي والتضخم لاتخاذ قراراته.
تاريخيًا، حاولت إدارات أمريكية متعددة التأثير على قرارات البنك المركزي، لكن تمسك الأخير باستقلاليته كان دائمًا حاسمًا في حفظ مصداقية السياسة النقدية. وقد أظهرت دراسات أجراها مركز الدراسات الاقتصادية في جامعة هارفارد أن الدول ذات البنوك المركزية المستقلة تحقق نموًا مستدامًا أعلى مقارنة بالدول التي تخضع سياستها النقدية للتأثير السياسي.
التأثير على الأسواق والاستثمار.. ما وراء السجال؟
السوق الأمريكي يتأثر بعمق بأي تصريح أو تحرك مرتبط بـ”الاحتياطي الفيدرالي”. وفي أعقاب الرسالة التي كتبها ترمب، شهدت مؤشرات الأسهم تقلبات حادة، حيث تراجعت مؤشرات S&P 500 وناسداك بنسبة 1.2% و1.5% على التوالي خلال يوم واحد فقط.
يعزو المحللون هذا التأثر إلى مخاوف المستثمرين من دخول السياسة النقدية في نفق الخلافات السياسية، مما يضعف الثقة في استقرار السوق. كما أن أسعار الذهب شهدت ارتفاعًا بنسبة 0.7%، وهو ما يعكس توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
الرهون العقارية والقروض التجارية التي تعتمد على أسعار الفائدة الأساسية تواجه ضغطًا متزايدًا نتيجة التوتر بين البيت الأبيض و”الاحتياطي الفيدرالي”. إذ أشار تقرير لبنك JPMorgan إلى أن الشركات الصغيرة بدأت بالفعل في تأجيل مشاريع توسعية في ظل عدم وضوح مستقبل أسعار الفائدة.
أقرًا أيضًا: قفزة صادمة في مبيعات الأجهزة اللوحية في الإمارات: 1.8 مليار درهم خلال عام واحد
جيروم باول.. الرجل الذي يقف في وجه العاصفة
جيروم باول، الذي عُين في 2018، وواجه واحدة من أكثر الفترات تحديًا في تاريخ الفيدرالي، بما في ذلك جائحة كورونا والتضخم المتسارع، أصبح اليوم في مرمى انتقادات سياسية متصاعدة.
أبرز ما يميز باول، وفق تقرير نشرته Financial Times في يوليو 2025، هو تمسكه بالنهج العلمي والتدريجي في التعامل مع التغيرات الاقتصادية. وقد حظي بدعم مجلس الشيوخ في عدة مناسبات، مما ساعده في التصدي لضغوط البيت الأبيض.
وفي خطابه الأخير في مؤتمر جاكسون هول، شدد باول على أن أي خفض لسعر الفائدة سيكون مشروطًا بتراجع التضخم واستقرار السوق. وقال: “نعمل من أجل مصلحة الاقتصاد، لا من أجل إرضاء السياسيين”.
تداعيات مستقبلية محتملة لصدام ترمب مع “الاحتياطي الفيدرالي”
من المتوقع أن يزداد هذا الصدام حدّةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، خاصة مع تصاعد الخطاب الشعبوي في الحملات الانتخابية. وإذا ما واصل ترمب ضغوطه على “الاحتياطي الفيدرالي”، فإن ذلك قد يؤدي إلى:
- تراجع ثقة المستثمرين الدوليين بالدولار الأمريكي.
- احتمالية سحب رؤوس الأموال الأجنبية من أسواق الدين.
- تصعيد الخلافات داخل المؤسسة نفسها بين صقور وحمائم السياسة النقدية.
في المقابل، ترى مؤسسات بحثية مثل Brookings Institution أن الاستقلالية الدستورية لـ”الاحتياطي الفيدرالي” ستشكل عائقًا حقيقيًا أمام أي محاولة لتقويض دوره أو تغيير بنيته التنظيمية.
مقارنة بين سياسات الفيدرالي في عهد أوباما، ترمب، وبايدن
الرئيس الأمريكي | متوسط أسعار الفائدة | التضخم السنوي | التدخلات السياسية في الفيدرالي |
---|---|---|---|
باراك أوباما | 0.25% | 1.6% | منخفضة |
دونالد ترمب | 1.75% | 2.1% | مرتفعة جدًا |
جو بايدن | 5.25% (حتى 2025) | 3.2% | معتدلة |
في النهاية
يبدو أن المواجهة بين دونالد ترمب و”الاحتياطي الفيدرالي” لم تصل إلى نهايتها بعد، بل تدخل مرحلة أكثر حساسية مع اقتراب موسم الانتخابات. وبينما تسعى الأسواق للاستقرار، وتتمسك المؤسسة بسيادتها واستقلالها، يواصل ترمب الضغط مستخدمًا كل أدواته الإعلامية والسياسية. الأيام القادمة ستكشف هل ستصمد “الاحتياطي الفيدرالي” في وجه العاصفة السياسية، أم أن ترمب سيعيد تشكيل المشهد النقدي الأمريكي بالكامل.
أقرًا أيضًا: صفقة مدوية في عالم الكرة: فيناربـهجة تضم لاعب النصر السعودي.. هل يبدأ نجمنا الجديد مغامرة فـرصة ذهبية؟