تنفيذ حكم القتل تعزيراً بقاتل والدته يهز السعودية ويشعل مواقع التواصل
في مشهد أثار الرأي العام السعودي والعربي، أعلنت وزارة الداخلية السعودية صباح الثلاثاء 8 يوليو 2025 عن تنفيذ حكم القتل تعزيراً بحق خالد بن قاسم اللقماني، بعد إدانته بقتل والدته بطريقة وحشية طعناً بأداة حادة. الجريمة المروعة لم تكن مجرد حادثة فردية، بل تحوّلت إلى قضية رأي عام تجاوزت حدود المملكة، حيث اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العالمية والعربية بردود أفعال غاضبة ومستنكرة، مشددة على ضرورة تطبيق العدالة الرادعة في مثل هذه القضايا.
تأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد الجدل حول تطبيقات القتل تعزيراً في الأنظمة القضائية العربية، وخصوصاً السعودية التي تعتمد هذا النوع من العقوبات في الجرائم ذات الطابع الشديد الفظاعة. نسلط في هذا التقرير الضوء على تفاصيل القضية، خلفيات الحكم، تأثيراته المجتمعية، وردود الأفعال المحلية والدولية، مع التطرق إلى مفهوم “القتل تعزيراً” من منظور قانوني وشرعي، إضافة إلى توثيق حالات مماثلة في السنوات الأخيرة.
مفهوم القتل تعزيراً في القانون السعودي
القتل تعزيراً هو أحد العقوبات الشرعية التي يتم تطبيقها في النظام القضائي السعودي، ويقع ضمن ما يسمى بالعقوبات التعزيرية التي يملك فيها القاضي سلطة تقديرية واسعة في حال عدم ورود نص شرعي محدد للعقوبة. يختلف القتل تعزيراً عن القصاص أو الحد، حيث لا يُشترط توافر شروط معينة مثل رضى أولياء الدم أو وجود حد شرعي.
يُستخدم هذا النوع من العقوبات في الجرائم التي يرى فيها القاضي أنها تمثل تهديداً بالغاً للأمن العام أو تخرق القيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية، مثل جرائم الإرهاب، تهريب المخدرات، الزنا مع المحارم، أو كما في هذه الحالة – جريمة قتل الأم مع سبق الإصرار.
وتتم المصادقة على هذا النوع من الأحكام بعد مروره بجميع مراحل التقاضي، من المحكمة الابتدائية إلى الاستئناف ثم المحكمة العليا، ويُنفذ بعد صدور أمر ملكي بالموافقة على تنفيذ الحكم.
تفاصيل الجريمة وتطورات القضية
الجريمة وقعت في المدينة المنورة، حيث أقدم خالد بن قاسم اللقماني على قتل والدته مدنية بنت مسلم البلادي بطعنات متكررة بأداة حادة داخل منزل العائلة. الجريمة ارتكبت بدم بارد وبنية مسبقة، وفقًا لتحقيقات النيابة العامة، ما دفع المحكمة المختصة إلى اعتبارها جريمة فاحشة تستوجب القتل تعزيراً.
وبعد القبض على الجاني، جرى التحقيق معه على مدار أشهر، وأحيل إلى المحكمة التي وجدت أن الجريمة تنطبق على معايير التعزير بالقتل نظرًا لوحشيتها، وكون المجني عليها والدته التي كانت سببًا في حياته، ما يزيد من فظاعة الجريمة.
الحكم مر بجميع مراحل التقاضي، حيث تم تأييده من محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا، قبل أن يصدر أمر ملكي بتنفيذه في 13 محرم 1447 هـ، الموافق 8 يوليو 2025.
أقرًا أيضًا: فرص واعدة في الاستثمار في الشارقة.. وفد الغرفة يفتح أبواب الهند أمام رؤوس الأموال
ردود الأفعال المجتمعية والإعلامية
أثار تنفيذ حكم القتل تعزيراً في هذه القضية موجة من التعاطف مع الضحية والغضب من الجاني، حيث تصدر وسم #القتل_تعزيراً مواقع التواصل في السعودية. كتب نشطاء: “كيف يقتل إنسان أمه؟ لا بد أن يكون عبرة لغيره”، بينما طالب آخرون بتوسيع دائرة التوعية النفسية والتربوية.
وسائل الإعلام العربية والعالمية غطّت القضية، من بينها صحيفة The Independent البريطانية التي عنونت خبرها: “السعودية تنفذ حكم الإعدام في رجل قتل والدته”، فيما نقلت BBC Arabic تفاصيل القرار، مبرزة أن السعودية تُعدّ من الدول القليلة التي تطبق القتل تعزيراً في الجرائم الأسرية.
القتل تعزيراً: مقارنة دولية وإقليمية
الدولة | نوع العقوبات القصوى | موقفها من القتل تعزيراً |
---|---|---|
السعودية | القصاص، الحد، التعزير | معمول به في الجرائم الخطيرة |
مصر | الإعدام شنقاً قانوناً مدنياً | لا تُطبق القتل تعزيراً |
إيران | الإعدام تعزيراً وفق الفقه الشيعي | معمول به في بعض الحالات |
الولايات المتحدة | الإعدام حسب الولاية | لا يوجد مفهوم “تعزير” |
تُظهر المقارنة أن القتل تعزيراً يُعتبر من الخصوصيات القضائية الإسلامية المرتبطة بالفقه السني، وتُطبقه السعودية على وجه الخصوص في القضايا التي تُهدد أمن الدولة أو تتعلق بالقيم العليا مثل قتل الأصول.
الجانب الشرعي والاجتماعي للجريمة
من منظور شرعي، تُعدّ جريمة قتل الوالدين من أبشع الجرائم التي ورد فيها نصوص واضحة من القرآن والسنة تحرّمها وتعتبرها كبيرة من الكبائر. وقد قال الله تعالى: “ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما”، فكيف بمن يقتل والدته عمدًا؟
المجتمع السعودي، المحافظ بطبيعته، يتعامل مع مثل هذه الجرائم بصفر تسامح، خصوصًا إذا مست القيم الأسرية والدينية. وتنفيذ القتل تعزيراً بحق الجاني، وفق ما أكده علماء الشريعة، هو إحقاق للعدل ومنع للفتنة.
أظهرت دراسة صدرت عام 2024 من مركز “رؤية” للدراسات الاجتماعية في الرياض، أن 84% من السعوديين يؤيدون القتل تعزيراً في الجرائم الأسرية، معتبرين أن التساهل فيها يفتح باباً خطيراً على الأسر والمجتمع.
حالات سابقة مشابهة في السعودية
ليست هذه المرة الأولى التي يُنفذ فيها حكم القتل تعزيراً في جرائم أسرية بالسعودية، فقد شهدت السنوات الأخيرة عدة حالات مشابهة، منها:
- 2023: تنفيذ القتل تعزيراً في شاب قتل والده في مكة بسبب خلاف مالي.
- 2021: صدور حكم بالقتل تعزيراً في شاب أقدم على قتل شقيقته بدافع “الشرف”.
- 2019: تنفيذ الحكم في أب قتل أبناءه الثلاثة بسبب مشاكل نفسية.
كل هذه القضايا تعكس سياسة المملكة الحاسمة في مواجهة الجرائم العائلية، باستخدام القتل تعزيراً كأداة للردع وحماية البنية الأسرية.
في النهاية
إن تطبيق حكم القتل تعزيراً بحق قاتل والدته في المدينة المنورة لم يكن مجرد إجراء قانوني، بل رسالة واضحة من الدولة إلى كل من تسوّل له نفسه المساس بأقرب الناس إليه. هذا النوع من الجرائم يهزّ الضمير الإنساني، ويستلزم ردعًا يليق بفداحة الجرم.
التغطية الإعلامية الواسعة، وردود الأفعال المتعاطفة مع الضحية، والمساندة الواسعة لتنفيذ الحكم، كلها تشير إلى وعي المجتمع السعودي بخطورة هذه الظواهر، ورفضه القاطع لأي محاولة لتبريرها. ويبقى القتل تعزيراً، رغم الجدل المحيط به، واحدًا من أقسى الأدوات القانونية في مواجهة الفجائع الإنسانية داخل الأسرة.
أقرًا أيضًا: فرص واعدة في الاستثمار في الشارقة.. وفد الغرفة يفتح أبواب الهند أمام رؤوس الأموال