كارثة صامتة: دراسة تحذر من تدهور صحة أطفال أمريكا جسديًا ونفسيًا
كشف مستشفى الأطفال في فيلادلفيا عن دراسة لفتت الأنظار عالميًا، تُظهر تدهور صحة أطفال أمريكا خلال 16 عامًا (2007–2023)، مع تصاعد واضح في الأمراض النفسية والبدنية. نشر البحث في JAMA، مؤكدًا أن الأطفال الأميركيين أصبحوا أكثر عرضة للأمراض المزمنة بما يصل إلى 20% مقارنة بعام 2011. لكن ما زاد القلق هو المقارنة الدولية المزعجة: الأطفال بالولايات المتحدة أكثر عرضة للوفاة بنسبة 80% مقارنة بـ 18 دولة متقدمة. وسط هذه الأزمة، يدعو الباحثون لإعادة تقييم البيئة المحيطة بالأطفال، بينما تعترض مشكلات الثقة في اللقاحات جهود الرعاية الصحية. فما مواطن الخلل، وما الحل؟ مقالنا يغوص بعيدًا في أعماق القصة لتقديم رؤى محدثة ومعلومات جديدة تكشف الخفايا.
تطور الأمراض المزمنة والبدنية
شهدت معدلات الإصابة بأمراض مزمنة مثل السمنة، والبلوغ المبكر، والصرع (إذا توفرت بيانات موسعة) في الأطفال الأمريكيين ارتفاعًا ملحوظًا بين 2007 و2023. على سبيل المثال، ارتفع معدل السمنة من 17% إلى 21%، بينما تضاعفت نسب البلوغ المبكر للفتيات (من 9% إلى حوالي 15%). هذه الزيادة تترتب عليها آثار على جودة الحياة وقد تؤثر في المستقبل على الأمراض القلبية والسكري.
لكن الجديد: دراسة أجريت عام 2024 أكدت أن 12% من الأطفال يعانون من اضطرابات في النوم مرتبطة بسوء التغذية ونمط الحياة المرن أثناء الجائحة ، وارتفاع عدد الأطفال المصابين بقصور الانتباه بنسبة 10% بين عامي 2018 و2022 .
اقرأ ايضا: مدرب النصر الجديد.. ما سر تأخر الإعلان الرسمي حتى الآن؟
تفاقم الصحة النفسية
زاد معدل القلق والاكتئاب بين الأطفال والمراهقين من 26% إلى 40% هذا العام. ووفقًا لمنظمة الصحة الأمريكية، فإن 1 من كل 5 مراهقين يعانون مستويات متوسطة إلى شديدة من القلق . كما سجلت معدلات الاصابة بالتوحد ارتفاعًا يبلغ حوالي 30% بين عامي 2011 و2023، وذلك نتيجة للكشف الأفضل والتوعية المتزايدة.
الحديث الجديد: بيانات من الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال أظهرت ارتفاعًا بنسبة 60% في تدهور صحة أطفال أمريكا بسبب محاولات إيذاء النفس عام 2022 مقارنة بعام 2019 ، ما يؤذن بتفشي مشكلة أكثر خطورة لم تُسلَّط عليها الأضواء.
مقارنة عالمية: فالولايات المتحدة خارج المأمول
الدراسة الدولية سلطت الضوء على أن الأطفال الأمريكيين أكثر عرضة للوفاة بنسبة 80% مقارنة بأقرانهم في 18 دولة متقدمة. يمثل ذلك ما يعادل 315,000 حالة وفاة زائدة. والعامل الأبرز؟ انتشار الأسلحة النارية: الأطفال في أمريكا أكثر عرضة للوفاة بسبب حوادث إطلاق النار بمعدل أعلى 15 مرة منهم في دول مثل كندا وأستراليا واليابان .
المعطيات الجديدة تشير إلى أن البلدان ذات التدابير الطبية الشاملة وقوانين السلاح الصارمة، مثل ألمانيا وسويسرا، شهدت انخفاضًا مستمرًا في وفيات الأطفال بنسبة 20% خلال العقد الماضي، مما يؤكد ضرورة مراجعة التشريعات الأمريكية .
غذاء، كيميائيات وتقنيات
حذر الباحثون من أن تلوث الهواء والماء، فضلاً عن التعرض للمواد الكيميائية في المنتجات اليومية، يلعب دورًا في تفاقم الأمراض البدنية و تدهور صحة أطفال أمريكا.
في 2022، أشارت دراسة لوكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) إلى أن التعرض لمركبات مثل الفثالات ومركبات الفلور والبيرفلورو قد رفع حالات السمنة وتوحد الطفولة بنسبة تقارب 12% .
وتطرّقت أيضًا إلى دور التكنولوجيا: الاستخدام المفرط للشاشات مرتبط اضطرابات نوم لدى 33% من الأطفال عام 2023، بمقارنة بـ21% عام 2017 .
سياسات الصحة العامة والعقبات
ينبّه الخبراء إلى أن التشكيك في سلامة اللقاحات وتراجع معدلات التلقيح المثبّتة، كالحصبة والشلل، قد يؤدي إلى تفكك جهود السيطرة على الأمراض، وهذا يظهر كعقبة أمام محاولات تحسين الصحة العامة . وقد أعيد تسجيل تفشيات محلية للحصبة في أكثر من 15 ولاية منذ 2021.
كما تشير التقارير إلى أن التمويل الحكومي لأنشطة تعزيز صحة الأطفال لم يرتفع منذ 2018، مما أثر سلبًا على البرامج الوقائية المدرسية المتعلقة باللياقة والتغذية .
التوصيات والمستقبل
انطلاقًا من هذه النتائج، يدعو الباحثون لتبني عدة توصيات عاجلة تشمل:
- تشديد تشريعات حيازة الأسلحة لحماية الأطفال
- تنظيم الصناعات وتقنين المواد الكيميائية
- تعزيز البرامج المدرسية داخل البيئة الحضرية
- إنشاء حملات صحية قوية للتوعية بتقليل استخدام الشاشات
- دعم الصحة النفسية للأطفال في علم النفس المدرسي
كما ينصح الباحثون الصناديق الخيرية بالتركيز على دعم الأبحاث المستقلة حول تأثيرات المواد الكيميائية والتكنولوجيا على الطفل.
في النهاية
تدهور صحة أطفال أمريكا جسديًا ونفسيًا لا يجب تمريره مرور الكرام؛ إنه يدق ناقوس خطر يستدعي ثورة في سياسات الصحة والتربية. البريطانيون وغيرهم أثبتوا أن التغيير ممكن. الوقت الحالي هو الفرصة المثالية لإعادة بناء جيل صحي قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
اقرأ ايضا: ترامب يشعل حرب الرسوم مجددًا: لا تراجع عن تعريفات 1 أغسطس