مال وأعمال

هل تواصل أسعار النفط الارتفاع بعد قفزة برنت والخام الأمريكي الأسبوعية

تشهد أسعار النفط تقلبات ملحوظة في ظل مزيج من العوامل الجيوسياسية، والضغوط الاقتصادية العالمية، وتقلبات العرض والطلب. بعد تسجيل خام برنت والخام الأمريكي مكاسب أسبوعية قوية تجاوزت 3% و2.2% على التوالي، يبرز تساؤل أساسي في أسواق الطاقة: هل تواصل أسعار النفط الارتفاع أم أن هذه القفزة مجرد موجة عابرة؟ تستعرض هذه المقالة آخر تطورات السوق، والعوامل المؤثرة في اتجاهات أسعار النفط العالمية، مع نظرة تحليلية مستقبلية تستند إلى بيانات وتوقعات محدثة.

هل تواصل أسعار النفط الارتفاع بعد قفزة برنت والخام الأمريكي الأسبوعية

العوامل الجيوسياسية وتأثيرها على أسعار النفط

تؤثر التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط بشكل مباشر، حيث تُعتبر من أبرز محركات السوق. العقوبات الغربية المتزايدة على روسيا بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا تسببت في انكماش الإمدادات الروسية للأسواق الأوروبية، مما عزز من أسعار برنت.

من جهة أخرى، ما تزال مفاوضات الملف النووي الإيراني متعثرة، وهو ما يؤجل عودة كميات كبيرة من النفط الإيراني إلى السوق العالمية. في نفس السياق، التوترات في الشرق الأوسط ولا سيما في مضيق هرمز، الذي تمر منه نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، ترفع من حالة الترقب والمخاطر، ما يدفع الأسعار للارتفاع.

وبحسب وكالة “Energy Intelligence”، فإن الأسواق تتفاعل بشكل حساس مع أي تصعيد سياسي في الدول المنتجة، ما يجعل الاستقرار السياسي عاملاً حاسماً في تحديد اتجاه أسعار النفط.

أداء خام برنت والخام الأمريكي في الأسواق العالمية

في الأسبوع الثاني من يوليو 2025، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت لتتجاوز حاجز 70 دولارًا للبرميل، فيما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ارتفاعًا إلى حدود 68 دولارًا.

وتعكس هذه القفزة تفاعل الأسواق مع توقعات انخفاض الإمدادات، لا سيما بعد تصريحات من مسؤولي أوبك+ حول احتمال تمديد قيود الإنتاج الحالية. كما ساهم انخفاض عدد الحفارات النشطة في الولايات المتحدة، بحسب بيانات “Baker Hughes”، في تأكيد وجود قيود على جانب العرض.

ووفقًا لتقرير نشرته منصة “OilPrice” يوم 12 يوليو 2025، فإن الفارق السعري بين برنت والخام الأمريكي يشير إلى أفضلية صادرات الخام الأمريكي نحو آسيا، ما يشير إلى تغيرات في حركة التجارة العالمية.

توقعات وكالة الطاقة الدولية وأثرها على السوق

أصدرت وكالة الطاقة الدولية تقريرها الشهري الأخير متضمناً مراجعة لتوقعات الطلب والعرض لعام 2025. وبحسب التقرير، خفضت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب على النفط هذا العام من 1.2 مليون برميل يوميًا إلى نحو 950 ألف برميل يوميًا.

في المقابل، رفعت توقعاتها لنمو الإمدادات، خصوصًا من الولايات المتحدة والبرازيل وكندا. وهو ما قد يؤدي إلى وجود فائض متزايد في السوق في النصف الثاني من العام.

لكن التقرير أشار أيضًا إلى أن انخفاض المخزونات التجارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد يحد من تأثير هذا الفائض على أسعار النفط على المدى القصير.

دور أوبك+ في استقرار السوق وتحركات السعودية وروسيا

أوبك+، التحالف الذي يضم أعضاء منظمة أوبك وحلفاءهم وعلى رأسهم روسيا، لا يزال يملك التأثير الأكبر في أسواق النفط. وقد أعربت السعودية عن التزامها بخفض طوعي يصل إلى مليون برميل يوميًا، وهو ما دعم أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة.

من جهته، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك عن خطط لتعويض الإنتاج الزائد في الأشهر القادمة، ما يعطي إشارات واضحة بأن موسكو لا ترغب في إغراق السوق.

وبحسب تحليل “Reuters Energy Review”، فإن استمرار التزام أوبك+ بخطط الخفض الطوعي يمنح السوق نوعًا من الاستقرار، ويمنع هبوط الأسعار بشكل مفاجئ، خصوصًا في ظل الطلب الموسمي المرتفع في الصيف.

أقرًا أيضًا: وول ستريت على صفيح ساخن بعد رسوم ترامب الجمركية على كندا.. هل تنهار الأسواق؟

الطلب الآسيوي ودور الصين في دعم الأسعار

تلعب الصين دورًا محوريًا في تحديد مسار أسعار النفط، كونها أكبر مستورد عالمي للخام. وتشير تقارير الشحن البحري إلى أن السعودية تستعد لشحن ما يقرب من 51 مليون برميل من النفط الخام إلى الصين خلال أغسطس 2025، وهي أكبر كمية منذ أكثر من عامين.

يرجع هذا الطلب القوي إلى التعافي الملحوظ في القطاعات الصناعية والنقل الجوي في الصين، بعد فترة من التباطؤ الاقتصادي.

كما أن الاتفاقات الاستراتيجية بين بكين وموسكو لتوريد النفط الروسي بعملات محلية تعزز من تدفق الخام إلى آسيا بأسعار تفضيلية، ما يزيد من نشاط السوق بشكل عام.

أسعار النفط والرسوم الجمركية الأمريكية

أثارت التصريحات الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول إمكانية إعادة فرض رسوم جمركية على واردات آسيوية مخاوف الأسواق. هذه الرسوم قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ومن ثم تقليص الطلب على النفط.

من ناحية أخرى، فإن تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي ذاته، بجانب السياسات النقدية المشددة من الاحتياطي الفيدرالي، يضع ضغوطًا مزدوجة على أسعار النفط، رغم وجود بعض الدعم من شح الإمدادات.

كما أن التغير في سياسة المناخ الأمريكية، والتوسع في استخدام الطاقات المتجددة، يمكن أن يشكل ضغطًا طويل الأمد على نمو الطلب المحلي على النفط.

جدول مقارنة أسبوعية بين خام برنت والخام الأمريكي

الأسبوع المنتهيخام برنت (دولار/برميل)التغير الأسبوعيخام غرب تكساس (دولار/برميل)التغير الأسبوعي
5 يوليو 202568.64+2.1%66.12+1.7%
12 يوليو 202570.36+3.0%68.45+2.8%

في النهاية

رغم التناقض بين التوقعات طويلة الأجل بوجود فائض نفطي محتمل، والتوجهات الحالية نحو شح في المعروض، إلا أن التقديرات تشير إلى أن أسعار النفط قد تظل ضمن نطاق مرتفع نسبيًا خلال الربع الثالث من عام 2025، بدعم من الطلب الموسمي القوي، واستمرار تخفيضات أوبك+.

لكن المخاطر تبقى قائمة، وأي تغير في مواقف الصين أو أوبك+، أو تسارع السياسات البيئية في الدول الصناعية الكبرى، قد يؤدي إلى تصحيح هبوطي مفاجئ.

أقرًا أيضًا: كيف تم إحباط تهريب الأدوية المخدرة في جازان؟ تفاصيل ضبط 177,150 قرصًا قبل التوزيع

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!