هل تطيح صفقة غزة بحكومة نتنياهو بعد تهديد بن غفير؟
صفقة غزة أصبحت عنواناً للجدل والتوتر في أروقة السياسة الإسرائيلية، مع تصاعد الخلافات داخل الائتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو. ومع تزايد الضغوط الدولية وخصوصاً من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من تسعة أشهر، تبدو الحكومة الإسرائيلية في مفترق طرق حقيقي. وتتزامن هذه الضغوط مع تهديدات متكررة من وزراء اليمين المتطرف بالانسحاب من الحكومة حال تمرير أي اتفاق يفضي إلى هدنة طويلة الأمد أو يفتح الباب أمام بقاء حماس في السلطة. فهل تصبح “صفقة غزة” القشة التي تقصم ظهر حكومة نتنياهو؟
خلافات داخل الحكومة انقسامات تعصف بالائتلاف الحاكم
الانقسام بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء اليمين المتطرف بات علنياً، مع تمسك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بموقف متشدد يرفض أي اتفاق لا يشمل تدمير كامل لحركة حماس. هذه الخلافات تعزز من هشاشة التحالف الحاكم، خصوصاً في ظل تسريبات إعلامية إسرائيلية تؤكد وجود اجتماعات متوترة داخل الحكومة، تحذر من انهيار الائتلاف حال تمرير صفقة غزة.
تُظهر استطلاعات الرأي الإسرائيلية الحديثة أن أكثر من 52% من الإسرائيليين يعارضون وقف الحرب قبل ضمان تدمير القدرات العسكرية لحماس، بينما يؤيد 38% التوصل إلى هدنة إنسانية تشمل تبادل أسرى. ويكشف هذا الانقسام الشعبي عن عمق التحدي الذي يواجه نتنياهو داخلياً.
الضغط الأمريكي والدولي إدارة بايدن على خط النار
الولايات المتحدة تلعب دوراً مركزياً في الضغط نحو إتمام “صفقة غزة”، وقد كشفت تقارير من صحيفة “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” أن واشنطن وضعت اتفاقًا تجاريًا مهمًا مع إسرائيل قيد التعليق، ريثما يتم التوصل إلى هدنة دائمة في غزة. كما أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن مسؤولين أمريكيين بارزين، منهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يتواصلون بشكل شبه يومي مع نظرائهم الإسرائيليين لدفع عجلة المفاوضات.
في المقابل، يشعر وزراء في الحكومة الإسرائيلية بأن نتنياهو قد يرضخ للضغوط الأمريكية، مما يزيد من حدة التوتر داخل الحكومة، ويهدد بتفككها إن مضى قدماً في الاتفاق.
حزب القوة اليهودية هل ينفذ بن غفير تهديده؟
إيتمار بن غفير، زعيم حزب “عوتسما يهوديت” (القوة اليهودية)، أعاد تذكير نتنياهو بأنه سيستقيل من الحكومة في حال توقيع صفقة غزة دون العودة إلى القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى. وكان بن غفير قد انسحب سابقًا من الحكومة احتجاجًا على وقف إطلاق النار، وعاد إليها لاحقًا بعد استئناف العمليات العسكرية.
وبحسب مصادر من داخل الحزب، فإن الانسحاب هذه المرة سيكون نهائيًا ما لم يحصل بن غفير على ضمانات مكتوبة بأن الحكومة ستواصل الحرب بعد تنفيذ صفقة تبادل الأسرى. وتشير تقارير إعلامية إلى أن نتنياهو يحاول تجنب هذا السيناريو، بإقناع حلفائه بأن الاتفاق لا يمنح حماس شرعية سياسية مستدامة.
أقرًا أيضًأ: هل يضع الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا الثقافة السعودية على خارطة اليابان؟
صفقة غزة تفاصيل ومراحل الاتفاق المحتمل
تسعى صفقة غزة المقترحة إلى تحقيق عدة أهداف، أبرزها:
- وقف فوري لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع.
- تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس، يشمل إطلاق سراح مدنيين وجنود.
- دخول مساعدات إنسانية وطبية إلى قطاع غزة.
- بدء مفاوضات موسعة حول مستقبل الحكم في القطاع.
ورغم أن إسرائيل لم تعلن رسميًا تفاصيل الاتفاق، إلا أن تسريبات من القناة 13 الإسرائيلية أكدت أن الصفقة قد تمر على ثلاث مراحل، تبدأ بوقف مؤقت للأعمال العدائية، تليه ترتيبات أمنية، وتنتهي بخطة دولية لإعادة إعمار غزة تحت إشراف مصري-أمريكي.
المعارضة الإسرائيلية بين الترحيب والتحفظ
أحزاب المعارضة في إسرائيل تبدي مواقف متباينة حيال صفقة غزة. حزب “يش عتيد” بزعامة يائير لابيد دعا إلى إنهاء الحرب بشرط تفكيك قدرات حماس، بينما دعا حزب العمل إلى استغلال الفرصة لوقف النزيف البشري والمالي. بالمقابل، تحفظت أحزاب اليمين غير المشاركة في الحكومة على الاتفاق، معتبرة أن أي صفقة دون نزع سلاح حماس هي “خيانة للدماء التي سالت”.
وتكشف هذه الانقسامات أن صفقة غزة لا تواجه فقط تحديات من داخل الحكومة، بل أيضًا من المشهد السياسي الأوسع الذي قد يُدخل إسرائيل في انتخابات مبكرة إن انهار الائتلاف الحاكم.
مستقبل نتنياهو السياسي بين البقاء والانهيار
صفقة غزة قد تكون الفرصة الأخيرة لنتنياهو لإنقاذ صورته أمام الداخل الإسرائيلي والغرب، لكنها في الوقت ذاته تحمل مخاطر عالية على مستقبله السياسي. ففي حال انسحاب بن غفير وسموتريتش، سيفقد نتنياهو الأغلبية البرلمانية، ما يفتح الباب أمام حجب الثقة والدعوة إلى انتخابات جديدة.
جدول: السيناريوهات المحتملة بعد تمرير صفقة غزة
السيناريو | التأثير على الحكومة | رد فعل المعارضة | احتمالية الانتخابات |
---|---|---|---|
تمرير الصفقة بدون انسحاب بن غفير | استقرار مؤقت | معارضة محدودة | ضعيفة |
تمرير الصفقة مع انسحاب بن غفير | انهيار جزئي للائتلاف | دعم للانتخابات | متوسطة |
فشل الصفقة بسبب ضغوط داخلية | استمرار الحرب | تحميل الحكومة المسؤولية | مرتفعة |
توقيع الصفقة بدعم أمريكي وضمانات | تهدئة مؤقتة | دعم دولي لحكومة نتنياهو | منخفضة |
في النهاية
في ضوء هذه السيناريوهات، تبدو الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مصير الحكومة الإسرائيلية ومستقبل الحرب في غزة، وسط ترقب إقليمي ودولي لما ستؤول إليه مفاوضات “صفقة غزة”.
أقرًا أيضًا: هل تشعل الرسوم الجمركية الأمريكية مواجهة أوروبية أمريكية كبرى؟