مكاسب الشركات ترفع بورصات الخليج بعد تصريحات نارية من ترامب
شهدت بورصات الخليج تفاعلًا قويًا خلال تعاملات الثلاثاء، بعدما أظهرت بيانات أمريكية هبوطًا غير متوقع في معدل التضخم الأساسي، وتلميحات متجددة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية خفض الرسوم الجمركية. فالبيانات الأمريكية أضفت جوًا من التفاؤل الآني على الأسواق، في حين أن تصريحات ترامب – رغم التهديدات السابقة بفرض رسوم تصل حتى 30% على واردات الاتحاد الأوروبي والمكسيك مطلع أغسطس – جاءت إيجابية، مما دفع رؤوس الأموال للعودة نحو الأصول الخليجية. في هذا السياق، صعدت بورصات الخليج بدعم مباشر من مكاسب أسهم قيادية في الإمارات وقطر، رغم تباين الأداء في السعودية والكويت وسلطنة عمان.
المشهد الأمريكي والتأثير على بورصات الخليج
شهدت الأسواق الأمريكية أمس تسجيل قراءة تضخم أساسي أقل من المتوقع، ما يرجّح بقاء الفائدة عند مستوياتها أو تأجيل زيادات جديدة، وبالتالي دعم أداء أسواق الخليج؛ خاصة مع ربط العملات الخليجية بالدولار وبنك الاحتياطي الفيدرالي. وفقًا لموقع MarketWatch، ارتفع مؤشر التضخم السنوي بنسبة 2.7%، بينما تضخم الأساس سجل 2.9%، أقل من توقعات الأسواق . هذه المؤشرات خفّفت من مخاوف حملة السياسة التشددية، وصبّت في صالح روح المخاطرة لدى المستثمرين.
وجاء موقف ترامب بكلام إيجابي حول الرسوم الجمركية كعامل رئيسي في رسم مسار السوق. فقد أعلن أنه سيلتقي شركاء تجاريين قبل فرض رسوم 30%، ما عزز التوقعات بإمكانية التوصّل إلى اتفاقات تخفف العبء على التجارة العالمية . وهكذا، أصبحت بورصات الخليج المستفيد الأول من هذه الموجة الإيجابية، بتسجيلها أعلى مستويات منذ أسابيع.
الأسواق الإماراتية في الصدارة
أسواق الإمارات تبوّأت صدارة الصعود في المنطقة:
- دبي: ارتفع مؤشر دبي بنسبة ~1%، مدفوعًا بصعود أسهم بنوك ومطوّرين عقاريين. لا سيما سهم بنك الإمارات دبي الوطني (+5.2%) وإعمار العقارية (+1.8%) . ما يعكس انتعاش القطاع المالي والعقاري مع تحسّن الثقة.
- أبوظبي: سجل المؤشر العام ارتفاعًا بنسبة 0.7%، بقيادة سهم بنك أبوظبي التجاري الذي ارتفع 7.6% بعد إعلان أرباح صافية للربع الثاني بلغت 2.32 مليار درهم، متفوّقًا على توقعات المحللين . الأداء القوي للقطاع المصرفي عزّز التوقعات بانتعاش النمو الاقتصادي المحلي.
يعكس هذا الأداء ارتفاعًا في نشاط التداول وزيادة تدفقات رؤوس الأموال نحو الإمارات، مما يمنح الأسواق العمق المالي والمزيد من الاكتتابات المؤسسية.
أداء باقي أسواق الخليج
شهدت بقية بورصات الخليج أداءً متفاوتًا:
- قطر: ارتفع المؤشر العام بنسبة 0.5%، مدفوعًا بمكاسب سهم بنك قطر الوطني (+1.7%) . لكن السوق المالي القطري يظل حساسًا لتقلبات النفط وصناديق الثروة.
- السعودية: عكست أسواق المملكة توجهًا هبوطياً بنحو -1.1%. جاء ذلك مع تراجع أسهم مصرف الراجحي (-1.3%) وأرامكو (-1.1%) . التفسير: اعتماد السوق السعودي الكبير على النفط والإجراءات الحكومية يجعله أكثر عرضة لتقلبات السوق العالمي.
- البحرين: سجّل المؤشر ارتفاعًا طفيفًا +0.1% ليصل إلى 1,953 نقطة، وهو أداء محافظ يعكس حالة ترقب عام.
- الكويت وسلطنة عمان: انخفضتا بنحو 0.3% لكل منهما؛ وصل مؤشر الكويت إلى 9,341 نقطة، وسلطنة عمان إلى 4,613 نقطة. هذا التراجع يعود جزئيًا لقلة النشاط الاستثمارية وانخفاض ضخ السيولة.
النفط والاستقرار النسبي للدولار
أسعار النفط بقيت مستقرة نسبيًا، متأثرة بإعطاء ترامب مهلة 50 يومًا لروسيا لعقد هدنة بشأن أوكرانيا، ما خفف من حدة مخاوف الإمدادات . الثبات في أسعار النفط نحو 70–75 دولار للبرميل – في حال صحّت القراءة – يريح ميزانيات دول الخليج ويخفف الضغوط على بورصات الخليج.
كما ساعد استقرار الدولار الأمريكي، مدفوعًا بمعنويات المستثمرين وتراجع طلب الملاذ الآمن، في تعزيز تدفقات الاستثمارات الخارجية نحو الأسهم الخليجية.
اقرأ أيضًا: صالة تيسلا في الهند تثير جنون عشاق السيارات الكهربائية في أول ظهور رسمي
تحليل اقتصادي واستشراف للاتجاهات
تحوّل معنويات السوق العالمي للوضعية “رخوة” رغم تهديدات ترامب، يرجع جزئياً إلى سيطرة الأسواق على السلوك السابق للرئيس الأمريكي: إذ سبق وأن رفع الرسوم ثم تراجع عنها لاحقًا . هذا يأخذ بورصات الخليج ضمن حساب المخاطرة والمكافأة، حيث تضمنت توقعات بتحركات مشابهة مرة أخرى.
من جهة أخرى، تشير مؤشرات حديثة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يمكث عند سياساته النقدية، في ظل هدوء التضخم الأساسي. وهذا يعني أن الأموال الزائدة في السوق قد تواصل البحث عن عوائد في أماكن مثل الخليج، مما يدعم الأسهم الخليجية.
كذلك فقد لوحظ ارتفاع ملحوظ في مؤشرات الناتج المحلي لقطاعات البنوك والعقارات داخل الخليج، نتيجة لتعافي الطلب الداخلي والاستثمار في مشروعات البنية التحتية – خاصة في الإمارات وقطر.
السيناريوهات المحتملة لمرحلة ما بعد يوليو
1. سيناريو استقرار الرسوم وتسوية تجارية
إذا قررت واشنطن التهدئة قبل أول أغسطس، وتحولت لتوقيع اتفاقات مرحلية مع الاتحاد الأوروبي والمكسيك، فإن بورصات الخليج ستلقى دعمًا مباشرًا، خاصة بعد قراءة التضخم الأمريكية المطمئنة.
2. زيادة مفاجئة في الرسوم
إذا ظهر تطور مفاجئ في التوترات التجارية – كفرض 30% رسوم بدون تفاوض – فستتضرر بعض القطاعات الخليجية المرتبطة بالعلاقات التجارية مع أمريكا والدول المتضررة، وزخم بورصات الخليج سينخفض.
3. تحرك الفيدرالي
أي إعلان مفاجئ من الاحتياطي الفيدرالي حول رفع الفائدة سيزيد قوة الدولار، ويضع ضغطًا على عملات الخليج المرتبطة به، مما ينعكس سلبًا على بورصات الخليج.
جدول مقارنة بين مؤشرات أسواق الخليج الرئيسية
السوق | أداء الثلاثاء | أبرز الأسهم الرابحة | ملاحظات رئيسية |
---|---|---|---|
دبي | +1% | الإمارات دبي الوطني (+5.2%), إعمار (+1.8%) | صعود قوي بعد موجة إيجابية ترتكز على البنوك والعقار |
أبوظبي | +0.7% | بنك أبوظبي التجاري (+7.6%) | أداء ممتاز بعد تحقيق أرباح تفوق التوقعات |
قطر | +0.5% | بنك قطر الوطني (+1.7%) | دعم محدود بتبعات إيجابية للقطاع المصرفي |
السعودية | −1.1% | الراجحي (−1.3%), أرامكو (−1.1%) | الضغوط تعود إلى اعتماد السوق على النفط والتقلبات المصرفية |
البحرين | +0.1% | أداء محافظ | ترقب طفيف داخل السوق المحلية |
الكويت وعُمان | −0.3% | أداء متواضع | تباطؤ نشاط الاستثمار يُثبط الأداء |
في النهاية
قدّمت بورصات الخليج أداءً متميزًا الثلاثاء مدفوعة بموجة تفاؤل أمريكي تجمّدت بدايتها في انخفاض التضخم وفتح باب التفاوض الجمركي. الإمارات تصدّرت النمو بقيادة القطاعات المالية والعقارية، فيما تشهد السعودية والكويت وسلطنة عمان حالة من الاستقرار أو التراجع الطفيف.
المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الحالية (أساس التضخم) إلى جانب تصريحات ترامب الإيجابية، تشكل عناصر محفزة تستدعي مراقبة السوق بحذر خلال الأسابيع المقبلة. خاصة عند اكتمال مؤشرات سياسة الاحتياطي الفيدرالي أو ظهور تحديثات تجارية حاسمة قبل مهلة التعريفات الجمركية في مطلع أغسطس.
في الختام، تبقى بورصات الخليج في وضعية مثيرة وجذابة للمستثمرين الذين يبحثون عن مزيج من الاستقرار النقدي والأرباح المحتملة.
اقرأ أيضاً: زيادة عدد الأجانب في الدوري السعودي تشعل الجدل.. هل يتغير شكل المنافسة؟