أسهم البنوك تتألق وسط قفزات مفاجئة في نتائج الشركات
تشهد أسهم البنوك في الإمارات خلال الفترة الأخيرة قفزات نوعية وتحركات استثنائية في مؤشرات الأداء، وذلك في أعقاب إعلان مجموعة من الشركات عن نتائج فصلية قوية ومفاجئة فاقت توقعات المحللين والمستثمرين. هذا الزخم الإيجابي انعكس بوضوح على أداء السوق المالي الإماراتي، خصوصًا في قطاع البنوك، الذي بات في صدارة قائمة القطاعات الأكثر جذبًا لرؤوس الأموال المحلية والعالمية. في هذا المقال، نرصد أبرز التطورات في سوق أسهم البنوك، مستعرضين الإحصائيات الحديثة، وأداء أبرز البنوك، إضافة إلى تحليلات الخبراء حول مستقبل القطاع.
أداء البنوك الإماراتية يقود طفرة الأسواق المالية
حققت أسهم البنوك الإماراتية ارتفاعات قياسية خلال تداولات يوليو 2025، متجاوزةً مستويات تاريخية لم تُسجَّل منذ أكثر من عقد. وأدى إعلان بنوك كبرى مثل “بنك أبوظبي الأول” و”بنك الإمارات دبي الوطني” عن أرباح فصلية مرتفعة بنسبة تتجاوز 18% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي إلى تدفق كثيف للسيولة من قبل المستثمرين.
وبحسب تقرير حديث من سوق أبوظبي للأوراق المالية، فقد سجل القطاع البنكي زيادة في رأس المال السوقي بنسبة 7.4% خلال الأسبوع الثاني من يوليو فقط. كما ارتفعت معدلات التداول على أسهم البنوك بنسبة 22%، ما يشير إلى تجدد ثقة المستثمرين بالقطاع البنكي كأحد أعمدة النمو الاقتصادي في الدولة.
نتائج فصلية قوية تعزز ثقة المستثمرين
الإفصاحات الفصلية التي أعلنتها البنوك الإماراتية الكبرى شكلت المحرك الرئيسي لصعود أسهم البنوك. فقد جاء أداء معظم المؤسسات المصرفية فوق التوقعات، بفضل ارتفاع معدلات الإقراض وانخفاض نسب القروض المتعثرة، بالإضافة إلى زيادة صافي دخل الفوائد.
مثال على ذلك، أعلن بنك أبوظبي التجاري عن أرباح صافية بلغت 2.3 مليار درهم في الربع الثاني من 2025، بزيادة 19% عن الفترة المماثلة من العام الماضي. في الوقت ذاته، أفاد بنك دبي الإسلامي بزيادة في أرباحه بنسبة 15.6%، نتيجة لارتفاع الطلب على التمويلات الإسلامية.
هذا الأداء المتفوق انعكس إيجابيًا على شهية المستثمرين لشراء أسهم البنوك، خصوصًا أن القطاع بات يقدم عوائد مستقرة في بيئة مالية عالمية تشهد تقلبات متسارعة.
البنوك الإسلامية في قلب المشهد المالي
لم يقتصر الأداء الإيجابي على البنوك التجارية فقط، بل امتد أيضًا إلى البنوك الإسلامية التي أظهرت مؤشرات نمو قوية بدعم من تنامي الطلب على الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة.
بنك أبوظبي الإسلامي، على سبيل المثال، حقق أرباحًا فصلية قياسية تجاوزت 1.4 مليار درهم، بزيادة 17%، مدفوعًا بالنمو في محفظة التمويل الشخصي والتمويل العقاري. كما ساهمت الرقمنة في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقليص التكاليف.
ومع استمرار هذه المكاسب، يتوقع المحللون أن تواصل أسهم البنوك الإسلامية جذب مزيد من الاستثمارات خلال النصف الثاني من 2025، خاصة مع تصاعد توجهات المستثمرين نحو التمويل المستدام.
أقرا أيضًا: كيف عبّر خادم الحرمين وولي العهد عن عزائهما لرئيس نيجيريا في وفاة محمد بخاري؟
هل تستمر القفزات؟
وفقًا لتقارير نشرتها مؤسسات مالية مثل “مورغان ستانلي” و”بلومبرغ الشرق”، فإن النظرة المستقبلية لـ أسهم البنوك الإماراتية لا تزال إيجابية. وأشارت هذه المؤسسات إلى أن مستويات السيولة العالية، واستمرار الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية، وتوسع النشاط الاقتصادي، تمثل عوامل دعم رئيسية.
إلا أن بعض المحللين حذروا من احتمالية حدوث تصحيحات سعرية قصيرة المدى بسبب جني الأرباح، خاصة بعد موجة الصعود السريعة التي شهدتها الأسواق. ومع ذلك، يبقى الاتجاه العام تصاعديًا وفقًا للمؤشرات التقنية والتحليل الأساسي.
البنوك الإقليمية تستفيد من الزخم الإماراتي
تأثير ارتفاع أسهم البنوك لم يقتصر على السوق الإماراتي فقط، بل امتد أيضًا إلى بعض الأسواق الإقليمية، خاصة في السعودية وقطر. فقد شهدت أسهم بنوك مثل “الراجحي” و”QNB” زيادات في حجم التداول خلال الأيام الأخيرة، مدفوعة بتقارير عن تحسن أرباح الفروع العاملة في الإمارات.
وأشار تقرير من وكالة رويترز إلى أن مستثمرين أجانب بدأوا في إعادة توجيه محافظهم نحو القطاع البنكي في منطقة الخليج، خاصة بعد الاستقرار النسبي في أسعار النفط وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية.
الرقمنة والذكاء الاصطناعي يعيدان تشكيل القطاع البنكي
التحولات الرقمية التي يشهدها القطاع المصرفي الإماراتي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز جاذبية أسهم البنوك. فقد أعلنت معظم البنوك الكبرى عن استثمارات ضخمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية عبر التطبيقات.
مثال على ذلك، أطلق بنك الإمارات دبي الوطني منصة رقمية متكاملة تعتمد على تقنيات التعلُّم الآلي لتحسين تجربة العملاء. ووفقًا لتقرير “غلف نيوز”، فإن هذه الخطوة ساهمت في زيادة عدد العملاء الرقميين بنسبة 23% خلال النصف الأول من 2025.
هذه التحولات تجعل من القطاع البنكي الإماراتي أحد أكثر القطاعات استعدادًا لمواكبة الثورة التكنولوجية المالية، مما يعزز من أداء أسهم البنوك مستقبلًا.
في النهاية
تعكس الطفرة الحالية في أسهم البنوك الإماراتية تحولًا حقيقيًا في بنية السوق المالي، مدفوعة بنتائج فصلية قوية، وتحولات رقمية، وثقة متزايدة من قبل المستثمرين المحليين والدوليين. وبينما يواصل القطاع تقديم أداء يفوق التوقعات، فإن المرحلة المقبلة مرشحة للمزيد من النمو، في ظل بيئة اقتصادية داعمة وسياسات نقدية مرنة. وبذلك، تظل أسهم البنوك في طليعة الأصول الاستثمارية الأكثر جذبًا في المنطقة.
أقرأ أيضًا: زيادة عدد الأجانب في الدوري السعودي تشعل الجدل.. هل يتغير شكل المنافسة؟