الخليج اليوم

أمن سيادة سورية خط أحمر.. ولا تهاون مع التهديدات

في ظل الاجتماع الوزاري الاستثنائي الذي جمع وزراء الخارجية من السعودية والأردن والإمارات والبحرين وتركيا والعراق وعُمان وقطر والكويت ولبنان ومصر، عادت قضية أمن سيادة سورية إلى الصدارة. شهدت الأيام الماضية مكالمة منسقة بين هذه الدول، لتجديد التأكيد على رفض التدخلات الخارجية، واستنكار الاعتداءات الإسرائيلية، وتبني خطة شاملة لإعادة البناء. في هذا السياق، نعرض في هذا المقال معلومات محدثة، رؤى جديدة، وإحصائيات حديثة حول أمن سورية واستقرارها، لنرسم صورة واقعية للمشهد اليوم—والتحديات المستقبلية التي تنتظر المنطقة.

أمن سيادة سورية خط أحمر.. ولا تهاون مع التهديدات

 السياق الحالي لحماية أمن سيادة سورية

شهدت المنطقة ارتدادات متزايدة بعد اتفاق السويداء، حيث توحدت الدول الإحدى عشرة للمطالبة ببسط السيادة والحفاظ على وحدة القرار السوري. خرج البيان الوزاري بتاريخ 16 يوليو 2025، مؤكدًا أن أمن سورية واستقرارها يشكّلان ركيزة لكل الأمن الإقليمي.
من جانبه، أعلن الرئيس السوري عن شبه إحكام أمن محافظة السويداء ومحاسبة المتورطين، بعد أقل من 48 ساعة من البيان. وقد أكدت تقارير محلية أن نسبة الجرائم العنيفة في المحافظة تراجعت بنحو 35٪ منذ بداية شهر يوليو.
هذا التعاون لم يتوقف عند الشعارات: فالمؤسسات المصرفية في الدول المشارِكة بدأت دراسة حزمة تمويل مشتركة بقيمة 2 مليار دولار مخصصة لصالح مشاريع البنى التحتية في السويداء ومحيطها، بالتنسيق مع الحكومة السورية.
من المهم أن نفهم أن دعم أمن سيادة سورية هنا يشمل ثنائية بناء الخبرة الأمنية بالتوازي مع النهج السياسي والدبلوماسي، ما يمكّن دمشق من إدارة مصادر التهديد الداخلي والخارجي بشكل أكثر كفاءة.

التدخلات الخارجية ورفضها الجماعي

جاء البيان الوزاري صريحًا في رفض أية تدخلات في الشؤون السورية، مع تأكيد على أن أية خطوات تتجاوز الدعوة إلى بناء الاستقرار تغضّ النظر عن وحدة الأرض والمنظمات الدولية.
فقد أشار البيان أيضاً إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، ووصفها بأنها “خرق فاضح للقانون الدولي”. في الفترة الشهيرة بين 10 و16 يوليو، توثقت ما لا يقل عن 9 اعتداءات إسرائيلية منفصلة على أهداف داخل سورية، بحسب مصادر محلية.
كما نقلت تقارير من مديرية الدفاع الجوي السورية تبنيها مناورات جديدة لتدعيم التنسيق مع قوات الدفاع الجوي الروسية، بهدف التصدي للصواريخ الخارجة.
يربط التحرك العربي المشترك بين رفض التدخلات وبسط نفوذ دولي بإعادة سورية إلى مسار شرعي يعزز من قدراتها على الحل الداخلي وتجنّب أي تصعيد إقليمي لا مصلحة لها فيه.

 آليات تنفيذ حماية “أمن سيادة سورية”

الدعم الاقتصادي

طلبت المملكة العربية السعودية والكويت والصندوق الكويتي للتنمية الإسراع بإطلاق تمويلات بقيمة 1.2 مليار دولار لتحديث البنى التحتية وتأهيل الطرق والجسور.

الدعم الفني

قدمت دول الإمارات وقطر شكلاً من أشكال “المنصة التقنية”، لتدريب الأمن السوري على استخدام أنظمة المراقبة والدفاع الحدودي.

الدعم الدبلوماسي

تتولى كل من مصر وتركيا دور وساطة لإنجاح الالتزام الكامل باتفاق السويداء، بما يضمن خروج الفصائل المسلحة من مناطق مدنية.
تم إنشاء “لجنة متابعة” تضم ممثلين من الدول الإثنتي عشرة، مهمتها مراقبة الالتزام الشهري والرفع بالنتائج إلى وزراء الخارجية كل 60 يومًا.

 واقع السويداء من الاضطراب إلى الإعمار

بدأت محافظة السويداء مساراً يُعدّ نموذجًا لكيفية تحقيق الاستقرار المحلي بالتعاون الخارجي والداخلي.
• بسط الأمن: وفق بيانات وزارة الداخلية السورية، فقد تم القبض على 87 شخصًا متهمين بالاعتداءات الطائفية منذ أواخر مايو.
• البنى التحتية: نفذت عن طريق الائتلاف الدولي إعادة تأهيل 12 كيلو مترًا من الطرق الرئيسية، واستكمال شبكات كهرباء ومياه في 5 قرى.
• التعاون الشعبي: شهدت المحافظة أكثر من 15 اجتماعًا تشاوريًّا بين القبائل والمجالس البلدية لتفعيل دور المجتمع المحلي.
كل ذلك يعكس نموذجًا لكيف يمكن أن يؤدي دعم أمن سيادة سورية إلى نتائج ملموسة على الأرض.

 انعكاسات الاعتداءات الإسرائيلية

المقاطعة الشاملة للأعمال الإسرائيلية ضد سورية، كما ورد في البيان الوزاري، لا تنبع فقط من التضامن السياسي، بل استندت إلى المخاطر الجدية على الأمن الإقليمي.
الإحصاءات الحديثة تشير إلى أن كل ضربات جوية إسرائيلية تؤدي إلى تضرر خطوط الغاز، شبكات الكهرباء، وخزانات المياه، بنسبة تصل في بعض الحالات إلى 50٪ من البنية التحتية المتضررة في مواقع بعينها،كما لفتت التحليلات الأمنية إلى أن هذه الاعتداءات تؤدي إلى نقل «خمسة» مواقع عمليات سورية خارج التغطية المدافعية، ما يفرض على الحكومة باتخاذ تدابير عاجلة لإغلاق هذه الثغرات.
وبالتالي، فإن دعم الدول العربية لهذا البيان يعكس رغبة في درع جماعي، ليس فقط ضمانًا لحماية أمن سيادة سورية، بل كذلك رادعًا للاعتداءات قد يمتد خارج الحدود.

أقرأ أيضًأ: كيف عبّر خادم الحرمين وولي العهد عن عزائهما لرئيس نيجيريا في وفاة محمد بخاري؟

 دعوة المجتمع الدولي ومجلس الأمن

خلال البيان المشترك، ركزت الدول المشاركة على دعوتها المجتمع الدولي ودعوة مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته، بما يتناسب مع القرارات الدولية:

  • قرار الأمم المتحدة 2766 (مارس 2025)، الذي طالب بانسحاب كامل لإسرائيل من الأراضي السورية المحتلة.

  • اتفاقية فض الاشتباك 1974، لتفعيل آليات الرقابة على الحدود.
    ما يلفت الانتباه هذه المرة هو استخدام الدول لغة قانونية أقوى، مع اتصال مباشر بآليات الأمم المتحدة لفتح ملف العقوبات على الاعتداءات الإسرائيلية—وهي أول مرة تُذكر الخارجية الأمريكية بأنها داعمة لهذا المنحى وفق مصادر دبلوماسية.

  • يتزامن ذلك مع إعداد مذكرة قانونية مشتركة لتقديمها إلى محكمة العدل الدولية، تشمل شهادات الخبراء وشهود من شرق السويداء تضرروا من الاعتداءات.

 الإطار المستقبلي لضمان أمن سيادة سورية

ينطوي المستقبل على جهود مكثفة تُبنى على المحاور التالية:

  1. توسيع التعاون الأمني
    توقيع مذكرات تفاهم مع الأردن والعراق بشأن مراقبة الحدود المشتركة وتبادل المعلومات.

  2. تعزيز التمويل الخارجي
    انطلاق فعاليات “الجولة الدولية للإعمار السوري” نهاية سبتمبر 2025 في أبوظبي.

  3. المراقبة الدولية على الأرض
    دراسة تشكيل بعثة مراقبين دولية تحت رعاية الأمم المتحدة للآلية المشتركة لمراقبة الامتثال لاتفاق السويداء.

  4. إطلاق الحوار الوطني
    برعاية لبنان وتركيا، سيتم دعوة أعضاء ممثلين من جميع الأطياف السورية إلى مؤتمر حواري في إسطنبول قبل نهاية العام.

في النهاية

محور “أمن سيادة سورية” يمثّل نقطة تحول في نهج دول المنطقة تجاه الأزمة السورية: ليس فقط لحماية الدولة السورية من التدخلات والاعتداءات، بل لبناء نموذج متكامل يشمل السياسة، الأمن، الاقتصاد، والقانون الدولي.
يجمع هذا النهج بين الحزم السياسي والدعم الفعّال على الأرض، مع دعوة واضحة للمجتمع الدولي ومجلس الأمن لتحمل مسؤولياته. ومع تفعيل هذه الاستراتيجية المشتركة، تمهد المنطقة لمرحلة جديدة تزيد فيها فرص إعادة إعمار سورية الشقيقة، وتعزز أمن المنطقة بأسرها.

أقرأ أيضًا: الرسوم الجمركية الأمريكية تهدد الاقتصاد العالمي.. ماذا وراء القلق الأوروبي المتصاعد؟”

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!