ثقافة وفنالخليج اليوم

التعاون الثقافي العربي يتجسد في شراكة بين جمعية الأدباء ومكتبة الإسكندرية

في خطوة ثقافية بارزة أُبرمت اليوم اتفاقية تعاون مثمرة بين جمعية الأدب والأدباء بالمدينة المنورة ومكتبة الإسكندرية المصرية، ضمن حركة الديناميكية التي تشهدها الساحة الثقافية العربية. هذه المبادرة تمثل نموذجًا فعليًا لـالتعاون الثقافي العربي، إذ تمتد لتشمل تبادل الخبرات في إصدار المجلات، تنظيم الفعاليات، المشاركة في معارض الكتب، وتطوير برامج مشتركة. يحمل هذا التعاون سمة الاستدامة والتوسع، ويسعى إلى تعزيز الروابط الثقافية بين المملكة ومصر، وتوسيع آفاق الأدب العربي بالمنصات المشتركة. في هذا المقال نسلّط الضوء على أبرز تفاصيل الاتفاق، الأثر المرجو، الخلفية التنظيمية، واستشراف مستقبل الحراك الأدبي العربي.

التعاون الثقافي العربي يتجسد في شراكة بين جمعية الأدباء ومكتبة الإسكندرية

خلفية تاريخية ورؤية استراتيجية

تعود جذور التعاون الثقافي العربي إلى توجهات مؤسسية في الوطن العربي نحو بناء شراكات استراتيجية تخدم الأدب والمعرفة. مكتبة الإسكندرية، باعتبارها أحد أبرز المراكز الثقافية في المنطقة، تستقبل سنويًا آلاف الزوار العرب وتنظم فعاليات مثل معرض الكتاب الدولي والحوارات الفكرية. من جهتها، جمعية الأدب والأدباء في المدينة المنورة تمثل كيانًا أدبيًا سعوديًا مهتمًا بدعم المواهب الأدبية الشابة وتنظيم المبادرات المحلية.

وفي إطار منهجها لتعميق أدوارها، أعلنت مكتبة الإسكندرية رسميًا عن توقيع الاتفاقية في 21 يوليو 2025 برعاية الدكتور أحمد زايد، بينما مثل الجمعية رئيس مجلس إدارتها الأستاذ حاتم فهد الرويثي .

الاتفاقية تتوافق مع رؤية السعودية 2030 التي تُعطي الثقافة صدارة في تنمية المجتمع وبناء الإنسان، كما تدعم استراتيجية إحياء الروابط الأدبية العربية وتوسيع فضاءات التعاون الإقليمي.

ترسم هذه المبادرة خارطة طريق واضحة نحو بناء جسر ثقافي متين بين الشرق العربي وغربه، عبر مشاريع مشتركة ومطبقة بشكل فعّال، بعيدًا عن الشعارات التقليدية.

 مجالات التعاون وأهدافها التنموية

تركز الاتفاقية على عدة محاور رئيسية تصب في صلب التعاون الثقافي العربي:

  • إصدار المجلات الثقافية: تشمل تبادل الخبرات الفنية والإدارية، واستشارات تحريرية، وتبادل محتوى بين المجلات السعودية والمصرية.
  • تنظيم الفعاليات الأدبية والمبادرات المشتركة: ندوات، ورش عمل، جلسات قراءة، ومبادرات شبابية تدعم التواصل المباشر بين الأدباء.
  • المشاركة المتبادلة في معارض الكتب: الجمعية تشارك بمعرض المدينة المنورة للكتاب، والمكتبة تشارك بمعرضها الدولي، ضمن خطة لتبادل العارضين والضيوف والمطبوعات.
  • برامج التأليف والنشر المشتركة: إقامة مشاريع تعاون تُعنى بإصدار كتب مشتركة تجمع أدباء من البلدين.
  • التوسع التقني الرقمي: استخدام بنية مكتبة الإسكندرية الرقمية في دعم نشر الأعمال السعودية والوصول إليها عربيًا وعالميًا.

يؤكد الدكتور أحمد زايد أن المكتبة تسعى عبر هذه الشراكة إلى دعم مكانتها كمركز إقليمي يفضي إلى ربط المثقفين العرب، وإتاحة فرص حقيقية لتوسيع نطاق التعاون والأفكار الأدبية.

اقرأ أيضًا: الهلال السعودي يبدأ مبارياته الودية بألمانيا بمواجهتين في يوليو

 ردود أفعال المؤسسات والمجتمع الأدبي العربي

أثار الإعلان موجة ترحيبية واسعة من الكتاب، الناشرين، والمثقفين في المملكة ومصر:

  • ناشطون أدبيون في السعودية علّقوا على الاتفاق باعتباره “عهدًا جديدًا لاستعادة مكانة الأدب العربي الفاعل”.
  • صحف ومواقع مثل عكاظ والأهرام أبرزت الاتفاق باعتباره مؤشرًا إضافة إلى معرض الكتاب الدولي بالإسكندرية.
  • جمعيات أدبية أخرى عبرت عن رغبتها في الانضمام إلى سلسلة تعاون مماثلة، مما يعكس اهتمامًا بالتكامل الثقافي العربي.

هذا الزخم الجماهيري يسهم في تحويل مجرد التوقيع إلى منصة فعلية لها وزن وتأثير، خاصة إذا جاءت البرامج المجدولة لتنفيذ البنود بشكل سريع وفعلي.

 أبرز التحديات المحتملة وآليات المعالجة

رغم الحماس الكبير، يلوح في الأفق مجموعة من التحديات، تتطلب دعمًا مؤسسيًا لضمان نجاح التعاون الثقافي العربي عمليًا:

  • التمويل المستدام: تفعيل مشاريع مشتركة يحتاج دعمًا ماديًا ثابتًا للندوات، الطباعة، والسفر.
  • التنسيق الإداري: اختلاف الأنظمة التنظيمية السعودية – المصرية قد يخلق تأخيرًا أو تضاربًا في الجدولة.
  • المتابعة والتقييم: من المهم وضع مؤشرات أداء واضحة لتقييم إنجازات الاتفاقية.
  • التوسع الجغرافي: الاستفادة من الاتفاقية كنموذج يُطبق لاحقًا مع جمعيات ومكتبات عربية أخرى.

من خلال تأسيس لجنة مشتركة بين الجمعية والإسكندرية لمتابعة التنفيذ، يمكن تجاوز هذه التحديات وتحويلها إلى فرص تدريبية وإدارية مستدامة.

 القيمة المضافة لمشاريع النشر والمعارض

من المتوقع أن ينتج عن الاتفاق:

  • صدور مجلات مشتركة تجمع محتوى سعودي-مصري بتوزيع رقمي وورقي.
  • عروض أدبية مشتركة في معرض الإسكندرية الدولي للكتاب، تشمل جناحًا سعوديًا إبداعيًا.
  • ورش تأليف وتمكين صحفي وأدبي ضمن برنامج تدريبي يستهدف المواهب الشابة.
  • تبادل رقمي للمصادر من خلال قاعدة البيانات الرقمية بالمكتبة، لدعم البحث والنشر.
  • منتديات أدبية افتراضية عبر المنصات الرقمية تجمع بين الكُتّاب من المدينة والإسكندرية، وتفتح المجال لمتابعين من العالم العربي.

هذه المشاريع تمثل ملمحًا مهمًا في مسار التعاون الثقافي العربي، إذ تنقل النموذج من المعايير النظرية إلى النتائج الملموسة.

آفاق مستقبلية وتوسعة شبكة التعاون العربي

الجدير بالذكر أن هذه الاتفاقية يمكن أن تؤسس لـ:

  • بيت ثقافي سعودي في مصر كما أشار حاتم الحربي، بهدف أن يكون مركز تواصل دائم بين الأدباء السعودي والمصري.
  • إمكانية شراكة لاحقة مع مؤسسات ثقافية عربية مثل معهد العالم العربي – باريس، دار الوثائق الجزائرية، وجامعة قطر.
  • رقمنة أعمال أدبية سعودية ضمن مشروع كبير تقوده مكتبة الإسكندرية الرقمية.
  • إطلاق جائزة أدبية مشتركة سنوية تكافئ الأعمال والشباب الثقافي العربي.
  • توسيع التعاون ليشمل إعداد محتوى ثقافي عبر البث المباشر، البُودكاست، والوسائط المتعددة.

من خلال هذه الاتجاهات، يتحول التعاون من تبادل مؤقت إلى قوة تغيير ثقافي عربي حقيقي.

في النهاية

تمثل الاتفاقية بين جمعية الأدب والأدباء بالمدينة المنورة ومكتبة الإسكندرية نموذجًا جديدًا متقدمًا في التعاون الثقافي العربي. عبر هذا الشراكة تنبثق مبادرات معرفية حقيقية، وتترسخ الروح التشاركية بين المؤسسات الأدبية في المملكة ومصر. الاستفادة من هذه الخطوة تستلزم إدارة واعية، واستثمارًا ذكيًا لضمان تحول الرؤية إلى مشاريع تشاركية ملموسة. إنها بداية فصل جديد في كتابة المساحات الإبداعية بين الأدباء والعاملين في الحقل الثقافي العربي.

اقرأ أيضاً: غضب في الصين: سائق يُحوّل غطاء محرك سيارته إلى حوض أسماك يثير العاصفة

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!