ناسا تُسرّح 20% من موظفيها في أكبر خطة إعادة هيكلة بتاريخها
في تحرّك هو الأوسع في تاريخها، أعلنت ناسا تنفيذ خطة لإعادة هيكلة داخلية شاملة، تشمل تسريح حوالي 20% من موظفيها الحاليين. هذا القرار المفاجئ يأتي ضمن استراتيجية حكومية تهدف إلى تقليص الجهاز الإداري للمؤسسات الفيدرالية وتحسين الكفاءة المؤسسية. ومع اقتراب مغادرة قرابة 3870 موظفًا من مناصبهم، تثار تساؤلات حقيقية حول مدى تأثير هذه الخطوة على مشاريع ناسا الطموحة، لا سيما البرامج الاستكشافية إلى القمر والمريخ.
خلفية القرار ودوافعه المؤسسية
أشارت الإدارة إلى أن الهدف الرئيسي من قرار التسريح هو تعزيز الكفاءة وتقليص الإنفاق، مع توجيه الموارد إلى المشاريع ذات الأولوية الاستراتيجية. وتشمل الخطة خيارات متعددة من بينها التقاعد المبكر والاستقالات الطوعية، وذلك لتخفيف حدة القرار على الموظفين.
وتتماشى هذه الإجراءات مع السياسات الحكومية الرامية إلى تقليص الإنفاق العام وإعادة تقييم أداء المؤسسات الممولة من الضرائب الفيدرالية. إعادة الهيكلة في ناسا ليست مجرد تغيير إداري، بل تمثل إعادة نظر شاملة في آلية إدارة الموارد البشرية، وتنظيم المهام المستقبلية.
مدى تأثير التسريحات على بنية ناسا التشغيلية
يشكل خروج ما يقارب 3870 موظفًا من القوة العاملة الحالية في ناسا تحديًا هيكليًا كبيرًا، خاصة أن الكثير من المغادرين يشغلون مناصب فنية وإدارية حساسة. وتشير التقديرات إلى أن نسبة كبيرة من هؤلاء الموظفين يعملون ضمن مشاريع متقدمة في ميادين الفضاء المأهول، والأبحاث الفيزيائية، وتقنيات الدفع الفضائي.
هذا النقص قد يترك فجوة حرجة في البنية المعرفية داخل الوكالة، ويهدد ببطء في تنفيذ عدد من المهام الحيوية، التي تعتمد على استمرارية فرق العمل وتراكم الخبرات.
البرامج المتأثرة والمخاطر المتوقعة
من المتوقع أن تتأثر برامج استكشاف الفضاء، مثل برنامج العودة إلى القمر “آرتيميس”، والرحلات المخطط لها إلى المريخ، بهذه التغييرات. النقص في الكفاءات قد يؤدي إلى تأجيل مواعيد الإطلاق، وتخفيض جودة عمليات المتابعة والابتكار التكنولوجي.
ومع استمرار الضغط لتقليص الميزانية، تواجه الوكالة تحديًا إضافيًا يتمثل في كيفية إعادة توزيع المهام الحيوية دون المساس بمستوى الأمان أو الفعالية في برامجها الفضائية المتقدمة.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي يضرب الإعلام الفرنسي… هل تكون مجلة لوبوان أول الضحايا؟
ردود الأفعال من الداخل والخارج
شهدت أروقة ناسا حالة من التوتر بعد الإعلان، حيث أعرب عدد من الموظفين عن قلقهم من غياب الشفافية، والتخوف من أن تتحول هذه الإجراءات إلى سياسة دائمة تؤثر على بيئة العمل والمهنية داخل الوكالة.
في الوقت ذاته، تلقّت النقابات المهنية شكاوى واسعة النطاق، وأُطلقت دعوات لإجراء مراجعات داخلية وتقييم مستقل يضمن ألا تؤدي الخطة إلى انهيار هيكلي أو تراجع قدرات الوكالة البحثية والعلمية.
التوجه الحكومي العام وتأثيره على ناسا
يندرج ما يحدث في ناسا ضمن إطار أكبر يشمل تخفيضات واسعة في عدد من الوكالات الفيدرالية الأخرى. غير أن نسبة التقليص داخل ناسا تُعد من بين الأعلى، وهو ما يضع الوكالة في دائرة الضوء ويجعل تجربتها نموذجًا لمتابعة نتائج تقليص الإنفاق الحكومي على مؤسسات البحث والتطوير.
وتطرح هذه الخطوة تساؤلات عن مستقبل العلاقة بين الحكومة والابتكار الفضائي، خاصة في ظل الاتجاه المتنامي نحو خصخصة بعض المهام وإشراك شركات خاصة في تنفيذ مشروعات ضخمة.
مستقبل ناسا بعد التسريحات: ما التالي؟
رغم عدم الإعلان عن خطة واضحة لتعويض الفاقد البشري، تتجه الوكالة نحو توسيع التعاون مع القطاع الخاص لتعويض النقص. ومن المتوقع أن تتزايد أدوار الشركات الفضائية في عمليات الإطلاق، وإدارة الأقمار الصناعية، وبرامج الذكاء الاصطناعي التحليلي داخل ناسا.
كما يجري حاليًا تقييم لإمكانية إعادة توزيع الأدوار والمهام بشكل أكثر فاعلية بين الإدارات الداخلية للوكالة، مع تطوير برامج تدريب متقدمة للموظفين المتبقين لتقليص الفجوة التشغيلية.
تأثير التسريحات على الهيكل العام لوكالة ناسا
البند | قبل التسريح | بعد التسريح المتوقع |
---|---|---|
إجمالي عدد الموظفين | 17,870 | ~14,000 |
نسبة الخفض من القوى العاملة | — | 20% |
البرامج المتأثرة | آرتيميس، أبحاث المريخ | ذاتها بتقليص الموارد |
الهيكل الإداري | مكتمل | مُعاد التوزيع |
الاتجاه المستقبلي | الاعتماد على القوى الداخلية | توسيع التعاون مع القطاع الخاص |
تمثل خطة التسريح الحالية في ناسا نقطة تحول كبرى في مسار المؤسسة، حيث يتعيّن عليها الموازنة بين تقليص النفقات والحفاظ على ريادتها في مجال الفضاء والتكنولوجيا. وبينما قد تكون الخطوة ضرورية ضمن رؤية شاملة لإصلاح الجهاز الحكومي، فإن نجاحها يبقى مرهونًا بقدرة الوكالة على الاستمرار في تحقيق طموحاتها الطموحة من دون أن تفقد هويتها ومكانتها كمؤسسة علمية رائدة.
اقرأ أيضًا: أرباح تيسلا تنهار في الربع الثاني بعد تراجع الإيرادات بنسبة 12 بالمئة