القبض على هندي انتحل صفة سفير.. كيف أدار سفارة وهمية من منزله؟
في واقعة تجاوزت حدود الخيال، ألقت الشرطة الهندية القبض على رجل يُدعى هارشفاردان جين، وهو في عمر الـ47، بعد اكتشافه يدير سفارة وهمية من إحدى غرف بيته المستأجر قرب نيودلهي. كان قد انتحل صفة سفير لأكثر من دولة وهمية لم تُعترف بها دوليًا مثل “Westarctica” و”Seborga” وغيرها، مستخدمًا جوازات سفر مزيفة وأغلفة مزخرفة، لخداع ضحايا الباحثين عن عمل أو عقود دولية.
بتلك التصريحات والتفاصيل ظهر أن العملية لم تكن مجرد خدعة بسيطة، بل شبكة احتيال متقنة بدأت منذ عام 2016 واستمرت تسع سنوات تقريبًا، مُظهِرة الاستخدام البشع للألقاب الدبلوماسية الزائفة واستغلال جهل العامة بالمفاهيم الوهمية للدول الصغيرة.
العملية الأمنية وضبط مقر السفارة الوهمية
بعد تلقي tip مجهول، شنت فرقة العمل الخاصة التابعة لشرطة ولاية أوديش براديش مداهمة دقيقة لمبنى مستأجر في منطقة Kavi Nagar، حيث تم ضبط أكثر من أربع سيارات فاخرة تحمل لوحات دبلوماسية مزيفة، و44 مليون روبية نقدًا (حوالي 52 ألف دولار)، فضلاً عن جوازات دبلوماسية مجردة من أي صفة قانونية.
أكد الضابط سوشيل غول أن جين استخدم صورًا مزيفة مع زعماء دول مثل رئيس وزراء الهند، إلى جانب مقتنيات دبلوماسية مزورة لـ34 دولة، جميعها استخدمت لصناعة وهم رسمي أقنع به ضحاياه الباحثين عن فرص دولية مزيفة.
الدول الوهمية الميكرونيشينات واستغلالها للاحتيال
الدول التي انتحل صفة سفير مولًّا باسمها لم تكن سوى كيانات رمزية تُعرف باسم “ميكرونيشينات” مثل Westarctica وSeborga وLodonia وPaulovia، غير معترف بها دوليًا. وهي في الأصل مشاريع رمزية أو فكرية لا تمتلك أرضًا أو حكومة حقيقية.
اللافت أن جين وظف هذا المفهوم، فأقام “سفارة” وهمية وقدم خدمات دبلوماسية، من الترويج للحصول على جنسيات أو تأمين وظائف بالخارج، وهو ما يُعد استغلالًا ذكيًا لجهل العامة بالتعريف القانوني للدولة.
اقرأ أيضًا: هواوي تعود بقوة وتسيطر على سوق الهواتف الذكية في الصين من جديد
أساليب الاحتيال وغسل الأموال من داخل المنزل
العملية لم تقف عند الادعاءات الفارغة، بل شملت تأسيس شركات واجهة في دول مثل بريطانيا وموريشيوس والإمارات وبعض الدول الإفريقية، وفتح شبكة عمليات تحويل غير قانونية (حوالة – hawala).
تم ضبط بنوك حسابات داخلية وخارجية، بالإضافة إلى بطاقات PAN مزيفة، وطوابع بريدية وشخصيات دبلوماسية وهمية، وتواطؤ مزعوم مع شخصيات معروفة مثل المستشار التشاؤمي Chandraswami، مما يدل على شبكات علاقات دولية تم استخدامها لغسل الأموال، قدر حجمها بحوالي ₹3 مليار روبية (ما يعادل مليار جنيه مصري تقريبًا).
رد الفعل القانوني والإداري في الهند
واجه جين اتهامات جنائية متعددة تشمل التزوير والاحتيال وانتحال شخصية دبلوماسية، والتعامل بمعاملات مالية غير قانونية. وقد قدمت النيابة الأمنية طلب احتجاز أولي لخمسة أيام، وأمر القاضي بتحويله للتحقيق في شبكته المحتملة داخل وخارج البلاد.
أعلنت السلطات أن التحقيقات ما زالت جارية لتحديد عدد الضحايا الفعليين، سواء من المواطنين المحليين أو المستثمرين المحتملين، فضلاً عن التحقق من تعاون جين مع جهات دولية مزعومة.
تحليل الأثر الاجتماعي والإعلامي
الواقعة فتحت حوارًا قانونيًا في الهند حول الثغرات التي جعلت من «انتحل صفة سفير» ممكنًا دون اكتشاف طويل، خاصة أثناء استغلال مفاهيم “الميكرونيشينات” غير المحكومة. أصبحت القضية دراسة حالة حول مدى سهولة التضليل في ظل الرمزيات الدبلوماسية المزيفة.
كما ألقت الضوء إعلاميًا على رسالة واضحة: أن استخدام رمزيات الدولة — كالأعلام والدبلوماسية والمركبات الفاخرة — يمكن أن يُستخدم كأدوات خداع إذا لم تكن أصولها رسميًا معتمدة.
في نهاية القصة: الرجل الذي انتحل صفة سفير انتهى به المطاف خلف القضبان، و”سفارة” خادعة انهارت بالكامل، أما الدول الخيالية فتبقى دون حياة أو اعتراف.
القضية تسلط الضوء على مدى هشاشة الإدراك العام للدبلوماسية واتخاذ الرموز الحكومية كغطاء للاحتيال، وتضع أسئلة حقيقية حول النظم القانونية الدولية في التعامل مع الكيانات غير المعترف بها.
اقرأ أيضًا: وفاة لطفي لبيب تهز الوسط الفني.. نهاية حزينة لأسطورة الكوميديا المصرية
