أدبي جازان يعلن تشكيل مجلس إدارته الجديد لرسم ملامح المرحلة المقبلة

في خطوة تاريخية تعكس مسارًا جديدًا للحراك الثقافي في المملكة، أعلن المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي عن اعتماد أول مجلس إدارة لجمعية أدبي جازان لمدة أربع سنوات. هذا القرار يمثل نقلة نوعية في مسيرة المؤسسة التي لطالما لعبت دورًا محوريًا في إثراء المشهد الأدبي والثقافي داخل المنطقة وخارجها، حيث يتزامن مع التحول الوطني بتحويل الأندية الأدبية إلى جمعيات غير ربحية أكثر مرونة واستدامة.

تشكيل المجلس الجديد ليس مجرد إعادة هيكلة إدارية، بل هو إعلان عن بداية فصل ثقافي جديد، يُنتظر أن يجمع بين الأصالة التي رسخها النادي على مدار نصف قرن من العطاء، والتجديد الذي يفرضه الحاضر برؤى وطنية طموحة تتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

خلفية تاريخية عن أدبي جازان

يُعد أدبي جازان واحدًا من أقدم المؤسسات الثقافية في السعودية، إذ تأسس كنادٍ أدبي منذ ما يزيد عن خمسين عامًا، واستطاع خلال هذه العقود أن يرسخ مكانته كمحطة بارزة للأدباء والمفكرين والشعراء. من خلال الأمسيات الشعرية، والندوات الفكرية، والبرامج الإبداعية، كان النادي رافدًا مهمًا للحركة الثقافية السعودية والعربية.

على مر السنين، احتضن أدبي جازان أسماءً بارزة تركت بصمة في المشهد الأدبي، وساهم في نشر الإنتاج الأدبي السعودي عربيًا ودوليًا. الانتقال من صيغة النادي إلى الجمعية يعكس وعيًا بأهمية العمل المؤسسي المستدام، وإدراكًا للحاجة إلى نماذج أكثر انفتاحًا على المجتمع المحلي والقطاع الخاص.

 تفاصيل التشكيل الجديد لمجلس الإدارة

اعتماد المجلس الجديد جاء بعد انتخابات شارك فيها نخبة من الأعضاء والمثقفين. وضم التشكيل خمسة أعضاء، جاء على رأسهم حسن أحمد الصلهبي رئيسًا للجمعية، وهو شخصية معروفة في الوسط الثقافي، يتمتع بخبرة طويلة في إدارة الشأن الأدبي.
تولى محمد علي النعمي منصب نائب الرئيس، بينما شغل كل من محمد حسن الرياني، وخالد حسن الحازمي، وهدى حسن خويري عضوية المجلس.

هذا الفريق يمتلك مزيجًا من الخبرات الأدبية والإدارية والإعلامية، مما يؤهله لوضع خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى توسيع نشاط أدبي جازان وتعزيز تأثيره محليًا وإقليميًا. وقد عقد المجلس أول اجتماعاته مباشرة بعد اعتماده، وناقش ملفات محورية تتعلق بآليات العمل في المرحلة المقبلة.

الرؤية الثقافية للمجلس الجديد

الرؤية التي يحملها المجلس الجديد ترتكز على الجمع بين الإرث الثقافي العريق لأدبي جازان وبين متطلبات العصر الحديث. فالتوجه الحالي يتمثل في توسيع قاعدة الجمهور، واستحداث منصات رقمية تتيح الوصول إلى الأنشطة عن بُعد، وتنظيم مهرجانات وفعاليات أدبية ذات طابع دولي.

كما يسعى المجلس إلى تعزيز الشراكات مع الجامعات والمدارس والقطاع الخاص، بهدف توسيع نطاق تأثير الجمعية، واستقطاب المواهب الشابة، وإيجاد بيئة حاضنة للمبدعين. ويولي اهتمامًا خاصًا بالأنشطة الموجهة للأطفال والناشئة، باعتبارهم جيل المستقبل.

 التحول المؤسسي ودوره في التنمية الثقافية

تحويل الأندية الأدبية إلى جمعيات غير ربحية يمثل تحولا جوهريًا في طريقة إدارة العمل الثقافي في المملكة. هذا النموذج المؤسسي يمنح الجمعيات مرونة أكبر في التمويل والتخطيط، ويتيح لها بناء شراكات مع القطاعين العام والخاص.

بالنسبة لـ أدبي جازان، فإن هذا التحول يفتح المجال أمام تنويع مصادر الدخل عبر الرعايات، وتنظيم الفعاليات المدفوعة، وإطلاق برامج تدريبية متخصصة. كما يعزز القدرة على تنفيذ مشاريع طويلة الأمد تساهم في تنمية القطاع الثقافي كجزء من الاقتصاد الوطني.

 التحديات والفرص أمام المجلس الجديد

أمام المجلس الجديد فرص واسعة للنهوض بالجمعية، لكن هناك أيضًا تحديات تتطلب تخطيطًا دقيقًا. من أبرز التحديات:

• التكيف مع متغيرات المشهد الثقافي الرقمي.
• تحقيق توازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على التجارب العالمية.
• ضمان استدامة التمويل وتنويع مصادره.

أما الفرص، فتشمل إمكانية تحويل أدبي جازان إلى مركز ثقافي متكامل يخدم المنطقة، وإطلاق مهرجانات أدبية وفنية كبرى، وتأسيس مكتبة رقمية مفتوحة تضم إرث المنطقة الأدبي.

 استشراف المستقبل

المرحلة القادمة قد تشهد توسعًا كبيرًا في أنشطة أدبي جازان، خاصة إذا نجح المجلس الجديد في تنفيذ خططه الطموحة. مع الدعم الحكومي، والتعاون مع المجتمع المحلي، يمكن للجمعية أن تصبح نموذجًا يحتذى به في إدارة العمل الثقافي.

إذا استطاع المجلس المزج بين التجديد والحفاظ على القيم الثقافية، فإن أدبي جازان سيظل منارة للإبداع ومركزًا لإحياء التراث الأدبي، ومساهمًا فاعلًا في رسم ملامح الثقافة السعودية في العقود القادمة.

جدول مقارن – نادي أدبي جازان قبل وبعد التحول لجمعية:

اقرأ أيضًا: كنز أثري في الرياض يزيح الستار عن قطع فخارية وأدوات حجرية عمرها 50 ألف سنة