فيضانات باكستان تحصد الأرواح.. مئات القتلى والمفقودين في كارثة إنسانية تهز البلاد
تعيش باكستان واحدة من أكثر فصولها مأساوية خلال العقود الأخيرة، بعدما ضربتها موجة فيضانات عارمة أودت بحياة المئات وتسببت في تشريد عشرات الآلاف. الفيضانات، التي اجتاحت البلاد بقوة غير مسبوقة، كشفت هشاشة البنية التحتية، وعجز الخطط الوقائية، وسط تحذيرات متكررة من تداعيات التغير المناخي.
أحدث حصيلة للضحايا والخسائر
بلغ عدد ضحايا فيضانات باكستان الأخيرة أكثر من 160 شخصًا، معظمهم في مناطق الشمال الغربي. ولا تزال عمليات البحث عن المفقودين مستمرة، في ظل تقارير تتحدث عن مئات المحاصرين تحت الأنقاض أو في المناطق الجبلية المعزولة. وتضررت آلاف المنازل بشكل جزئي أو كلي، فيما غمرت المياه أراضٍ زراعية ومرافق عامة.
تركزت الكارثة في ولايات خيبر بختونخوا وكشمير والبنجاب، حيث سُجلت النسبة الأكبر من الوفيات والانهيارات الأرضية. في منطقة باجور وحدها، تسببت السيول في مقتل أكثر من 18 شخصًا، وجرفت قرى بأكملها. في كشمير، أدت الانهيارات الطينية إلى طمر عشرات المنازل، في مشهد تراجيدي يعكس حجم الأزمة.
فيضانات باكستان: أزمة موسمية أم انعكاس للاحتباس الحراري؟
تشير البيانات المناخية الأخيرة إلى أن باكستان تواجه تغيرات حادة في نمط هطول الأمطار الموسمية. وقد ارتفعت معدلات الهطول في بعض المناطق بنسبة تزيد على 70% مقارنة بالعام الماضي. ويعزو الخبراء هذه التحولات إلى آثار الاحتباس الحراري، ما يجعل فيضانات باكستان حدثًا متكررًا بدلًا من كونه ظاهرة استثنائية.
لم تقتصر آثار فيضانات باكستان على الأرواح والمنازل فقط، بل امتدت إلى البنية التحتية الصحية والاقتصادية. تضررت مستشفيات، وانقطعت الكهرباء، وانتشرت مخاوف من تفشي أمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد بسبب تلوث المياه. كما تعرضت المحاصيل الزراعية للتلف، ما يهدد الأمن الغذائي للملايين خلال الأشهر القادمة.
اقرأ أيضًا: رسالة مؤثرة من كوكا تزلزل المشاعر بعد استشهاد أنس الشريف
جهود الإغاثة.. سباق مع الزمن وسط تحديات ضخمة
تعمل فرق الإنقاذ على مدار الساعة في محاولة لإجلاء العالقين، وتوفير المساعدات الأساسية للمشردين. إلا أن صعوبة الوصول إلى بعض المناطق، وضعف التمويل، يعقدان المهمة. ولا تزال الحاجة ماسة لتوفير الخيام، الأدوية، ومواد الإغاثة الأساسية، خاصة للأطفال وكبار السن.
تُعد فيضانات باكستان الحالية جرس إنذار للعالم بأسره. إذ أن دولة تسهم بنسبة ضئيلة من الانبعاثات الكربونية، تتحمل اليوم واحدة من أفدح نتائج تغير المناخ. من الضروري أن تتحرك الجهات الدولية نحو دعم البلاد بخطط تمويل مناخي، ومساعدتها في بناء أنظمة إنذار مبكر، وبنية تحتية مقاومة للكوارث.
“فيضانات باكستان” لم تكن مجرد كارثة طبيعية عابرة، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومات والمجتمع الدولي على التصدي للمستقبل المناخي المجهول. وبينما تنجرف المياه، تبقى أرواح الأبرياء وكرامتهم أولوية تستحق الاستجابة والتضامن.
اقرأ أيضًا: البرلمان العربي يحتفي بخطوة أستراليا نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية