عبد العزيز آل الشيخ واحداً من أبرز الشخصيات الدينية في المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي، فهو المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء، ويمثل الامتداد التاريخي والعلمي لأسرة آل الشيخ التي ارتبط اسمها بالدعوة والإصلاح منذ عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب.
تُشكّل حياة الشيخ سلسلة من المحطات المضيئة التي تجمع بين طلب العلم الشرعي، والفتوى، والدعوة، وخدمة المجتمع، مما جعله مرجعاً أساسياً للمسلمين داخل المملكة وخارجها.
في هذا المقال، سنأخذك في جولة شاملة للتعرّف على أهم محطات من حياة عبد العزيز آل الشيخ منذ نشأته وتكوينه العلمي، مروراً بمناصبه الرفيعة، وصولاً إلى دوره البارز في الفتوى والدعوة والإصلاح.
من هو عبد العزيز آل الشيخ؟
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ (1943 – 2025م) هو عالم دين سعودي بارز، شغل منصب المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء منذ عام 1999م وحتى وفاته. ينحدر من أسرة آل الشيخ العلمية العريقة المتصلة بالشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وُلد في الرياض عام 1362هـ، وفقد بصره وهو شاب، لكنه أتم حفظ القرآن وواصل طلب العلم على أيدي كبار العلماء مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن باز، قبل أن يتخرج في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1384هـ.
بدأ حياته العملية مدرسًا في معهد إمام الدعوة، ثم واصل مسيرته الأكاديمية في كلية الشريعة والمعهد العالي للقضاء، إلى أن أصبح عضوًا في هيئة كبار العلماء عام 1407هـ، وعضوًا في اللجنة الدائمة للإفتاء عام 1412هـ، قبل أن يُعيّن مفتيًا عامًا للمملكة عام 1420هـ.
إلى جانب مهامه الرسمية، تولى الإمامة والخطابة في عدد من المساجد الكبرى، أبرزها مسجد نمرة بعرفة خلال موسم الحج لعقود، وجامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض. كما عرف بحضوره في المحافل العلمية ومشاركته في البرامج الدينية، ولا سيما برنامج نور على الدرب.
ترك بصمة واضحة في الفتاوى والمواقف الشرعية المرتبطة بالأحداث الكبرى، مثل دعوته إلى التجنيد الإجباري للشباب عام 2015 خلال عملية عاصفة الحزم، ومساندته قرارات المملكة في الأزمة الخليجية عام 2017.
توفي في 23 سبتمبر 2025م بالرياض، وصُلّي عليه في جامع الإمام تركي بن عبد الله بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وكبار الأمراء والعلماء، وأقيمت عليه صلاة الغائب في الحرمين الشريفين وسائر مساجد المملكة.
اقرأ أيضًا: من هي والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز آل سعود التي أعلن الديوان الملكي وفاتها اليوم؟
نسب عبد العزيز آل الشيخ وأصول عائلته العلمية
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ويُعرف أيضًا بـ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، والمفتي عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ينتمي إلى واحدة من أعرق الأسر الدينية والعلمية في المملكة، وهي أسرة آل الشيخ التي ارتبط اسمها منذ القرن الثاني عشر الهجري بالدعوة الإصلاحية ونشر العلم الشرعي.
يعود نسبه كاملًا إلى: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، أي أنه من أحفاد الإمام محمد بن عبد الوهاب مؤسس الدعوة السلفية. كما ترجع أصوله القبلية إلى آل مُشرّف من عشيرة المعاضيد من فخذ آل زاخر، الذين هم بطن من الوُهَبة من بني حنظلة من قبيلة بني تميم.
هذا النسب العلمي والقبلي منح الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مكانة رفيعة، إذ جاءت نشأته في بيئة علمية عريقة احتضنت كبار العلماء وطلاب العلم، وكانت قدوة له في التمسك بالعلم الشرعي وخدمة الدين. فقد أنجبت أسرته أجيالًا من العلماء الذين تولوا مناصب مؤثرة في الدولة السعودية مثل: القضاء، الإفتاء، ورئاسة المؤسسات الدينية.
ويُنظر إلى آل الشيخ باعتبارها العائلة الدينية الأولى في المملكة، حيث ساهمت عبر قرون في ترسيخ الهوية الإسلامية، وحفظ مكانة العلماء، وإعداد أجيال من طلبة العلم. ولا يزال هذا الإرث حاضرًا حتى اليوم من خلال الدور البارز الذي اضطلع به الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في قيادة المؤسسة الدينية الرسمية بصفته المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.
النشأة والتكوين المبكر للشيخ عبد العزيز آل الشيخ
وُلد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في مكة المكرمة عام 1362هـ (1943م)، ونشأ في بيئة علمية أصيلة ضمن أسرة آل الشيخ المعروفة بارتباطها بالدعوة الإصلاحية ونشر العلم الشرعي.
فقد والده وهو في السابعة من عمره تقريبًا، وكان منذ ولادته يعاني من ضعف في البصر حتى فقده كليًا عام 1381هـ، لكن ذلك لم يمنعه من المضي في طريق العلم والدعوة.
بدأ مسيرته العلمية بحفظ القرآن الكريم وهو في الثانية عشرة من عمره عام 1373هـ على يد الشيخ محمد بن سنان، ثم التحق بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض عام 1374هـ، ليتخرج لاحقًا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1384هـ.
أبرز المشايخ الذين تتلمذ عليهم
أخذ العلم عن عدد من كبار العلماء الذين كان لهم أثر عميق في تكوينه الشرعي والفكري، أبرزهم:
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، حيث درس عليه كتب التوحيد والأصول الثلاثة والأربعين النووية.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الذي علّمه علم الفرائض وعددًا من المسائل الفقهية.
الشيخ عبد العزيز بن صالح المرشد، الذي درّسه الفرائض والنحو والتوحيد.
الشيخ عبد العزيز الشثري، الذي قرأ عليه كتاب عمدة الأحكام وزاد المستقنع.
التكوين العلمي المبكر
رغم فقدانه البصر، ظل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ملازمًا لحلقات العلم في المساجد والمعاهد، معتمدًا على السماع والحفظ، وهو ما شكل لديه قاعدة راسخة في علوم الفقه والعقيدة والحديث، ومهّد الطريق لتوليه أرفع المناصب الدينية في المملكة فيما بعد.
اقرأ أيضًا: الأمير منصور بن مشعل بن عبد العزيز آل سعود
مسيرة عبد العزيز آل الشيخ التعليمية والشرعية
لم تكن نشأة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ إلا بداية لمسيرة حافلة بالعلم الشرعي والتكوين الديني المتين، فقد حفظ القرآن الكريم صغيرًا، والتحق بمعهد إمام الدعوة العلمي بالرياض عام 1374هـ، ثم واصل مسيرته العلمية ليتخرج في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1384هـ بشهادة الليسانس في العلوم الشرعية واللغة العربية.
دراسته في المعاهد والكليات الشرعية
خلال دراسته، تلقى الشيخ علوم الفقه، الحديث، التفسير، والعقيدة على أيدي أبرز العلماء في المملكة، مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن باز وغيرهما، فجمع بين الحفظ المتقن للمتون الشرعية والفهم العميق للنصوص. وقد أهله هذا التكوين ليكون من أبرز طلبة العلم في جيله.
تكوينه العلمي ومكانته
لم يقتصر تكوينه على الدراسة النظامية فقط، بل استفاد مباشرة من كبار العلماء، فقرأ عليهم وتلقى عنهم العلم الشرعي، وهو ما يعد بمثابة إجازة عملية تعكس ثقة شيوخه بمكانته العلمية وقدرته على التدريس والإفتاء.
وقد تميز الشيخ بقدرته على الجمع بين العلم الشرعي الأصيل وفهم القضايا المعاصرة، الأمر الذي أهله للانضمام إلى هيئة كبار العلماء عام 1407هـ، ثم اللجنة الدائمة للإفتاء عام 1412هـ، ليصبح في عام 1420هـ المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، في تتويج طبيعي لمسيرته العلمية والشرعية.
اقرأ أيضًا: محمد بن نايف الأمير السعودي يظهر من جديد وسر اختفاءه عن الأنظار
أبرز المناصب التي تولاها عبد العزيز آل الشيخ
شهدت مسيرة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ سلسلة من المناصب الدينية والشرعية المهمة التي جعلت منه شخصية بارزة في المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي، ومن أبرزها:
1. الإمامة والخطابة في المساجد
1389هـ: عُيّن إمامًا وخطيبًا لجامع الشيخ محمد بن إبراهيم بدُخنة بالرياض بعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم.
1402هـ – 1436هـ: تولى الإمامة والخطابة في مسجد نمرة بعرفة خلال موسم الحج، وهو المنبر الذي يعد من أهم المنابر في العالم الإسلامي.
رمضان 1412هـ: عُيّن إمامًا وخطيبًا لجامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، وهو أحد أكبر جوامع العاصمة.
2. العمل الأكاديمي
1384هـ – 1392هـ: عمل مدرسًا في معهد إمام الدعوة العلمي بالرياض.
1399هـ: عُيّن أستاذًا مساعدًا بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
1400هـ: ترقى إلى أستاذ مشارك بالكلية.
أسهم في الإشراف والمناقشة لرسائل الماجستير والدكتوراه في كلية الشريعة، وأصول الدين، والمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام، وكذلك في كلية الشريعة بجامعة أم القرى.
3. عضوية هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء
1407هـ: عُيّن عضوًا في هيئة كبار العلماء.
15 رجب 1412هـ: أصبح عضوًا متفرغًا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهو ما عزز مكانته العلمية وجعله في صميم المؤسسة الدينية.
4. منصب نائب المفتي العام
25 شعبان 1416هـ: صدر أمر ملكي بتعيينه نائبًا للمفتي العام للمملكة بمرتبة وزير.
5. منصب المفتي العام للمملكة
29 محرم 1420هـ (14 مايو 1999م): صدر أمر ملكي بتعيينه المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، خلفًا للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
ومنذ ذلك الحين أصبح المرجع الأعلى للفتوى في المملكة، وصوتًا مسموعًا في القضايا الشرعية والاجتماعية الكبرى.
اقرأ أيضًا: إنجازات الأمير محمد بن سلمان للارتقاء بالسعودية
توليه منصب المفتي العام للمملكة العربية السعودية
في 29 محرم 1420هـ (14 مايو 1999م) صدر الأمر الملكي بتعيين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، خلفًا للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله. وبذلك أصبح المرجع الأعلى في الفتوى والمرشد الديني الأول في البلاد، متسلمًا دفة الإفتاء في مرحلة مليئة بالقضايا المعاصرة والتحديات الفكرية التي واجهت المملكة والعالم الإسلامي.
أهم الفتاوى الصادرة عنه
أصدر الشيخ من خلال منصبه عددًا كبيرًا من الفتاوى التي غطت مختلف جوانب الحياة، بدءًا من المعاملات المالية الحديثة، مثل قضايا البنوك والمصارف، مرورًا بالمسائل الاجتماعية المعاصرة، وصولًا إلى المواقف الشرعية من الفتن والجماعات المتطرفة.
ومن أبرز فتاواه:
آراؤه في المعاملات المصرفية وضبطها بالضوابط الشرعية.
توجيهاته في قضايا المرأة والأسرة والشباب.
فتاواه حول الفتن والنوازل المعاصرة.
موقفه الحازم من الجماعات المتطرفة، مؤكدًا أن الإسلام دين عدل ورحمة بعيد عن الغلو.
مواقفه من القضايا الشرعية والاجتماعية
عرف الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بمواقفه الوسطية والاعتدال، فكان دائمًا يدعو إلى نبذ التطرف والغلو، ويؤكد أن الإسلام دين رحمة وعدل وتسامح. وقد كان حاضرًا في القضايا الكبرى التي شغلت المجتمع السعودي، مثل:
دعوته عام 2015م إلى التجنيد الإجباري للشباب حماية للبلاد ومقدساتها.
موقفه خلال الأزمة الخليجية 2017م، حيث أكد أن قرارات المملكة تصب في مصلحة المسلمين وحماية وحدة الصف.
مكانته العالمية
بصفته المفتي العام للمملكة، أصبح الشيخ صوتًا مسموعًا داخل السعودية وخارجها، وأسهم في تعزيز صورة المملكة كمرجع إسلامي عالمي للفتوى والدعوة، ومثّل امتدادًا لدور المؤسسة الدينية السعودية في توجيه الأمة الإسلامية.
دور عبد العزيز آل الشيخ في نشر العلم والدعوة
لم يقتصر دور عبد العزيز آل الشيخ على منصب المفتي العام للمملكة العربية السعودية، بل امتد ليكون أحد أبرز المراجع الشرعية والدعوية في العالم الإسلامي، فقد كان حاضرًا في المساجد الكبرى، وألقى خطبًا ودروسًا مؤثرة لسنوات طويلة، كما ظهر في وسائل الإعلام المختلفة مقدمًا الفتاوى والتوجيهات الشرعية، هذا الدور المتعدد جعل من الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مرجعًا موثوقًا للمسلمين داخل المملكة وخارجها.
الخطب والدروس العلمية
بدأ الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مسيرته الدعوية بالإمامة والخطابة في جامع الشيخ محمد بن إبراهيم بدُخنة بالرياض عام 1389هـ، ثم تولى الإمامة والخطابة في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض عام 1412هـ. كما ارتبط اسمه بخطبة عرفة الشهيرة، إذ ظل خطيبًا لمسجد نمرة بعرفة منذ عام 1402هـ وحتى عام 1436هـ، ليكون صوته حاضرًا في واحد من أعظم مشاهد المسلمين.
في خطبه ودروسه، تناول قضايا المجتمع الجوهرية، مثل:
الالتزام بالشريعة الإسلامية في جميع شؤون الحياة.
الدعوة إلى الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو.
التحذير من التطرف والتيارات الفكرية المنحرفة.
توجيه الشباب نحو طلب العلم الشرعي والتمسك بالقيم الإسلامية.
التواصل عبر الإعلام
إلى جانب نشاطه في المساجد، كان للشيخ عبد العزيز آل الشيخ حضور بارز عبر وسائل الإعلام السعودية، خصوصًا من خلال برنامجه في إذاعة القرآن الكريم “نور على الدرب”، حيث أجاب على أسئلة الناس في أمور العقيدة والعبادات والمعاملات. كما شارك في ندوات تلفزيونية ومحاضرات عامة، وهو ما جعل فتواه تصل إلى جمهور واسع داخل المملكة والعالم الإسلامي.
إسهامه في نشر الوسطية والاعتدال
ركز الشيخ في خطبه ودروسه وإطلالاته الإعلامية على ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، مؤكدًا أن الإسلام دين عدل ورحمة بعيد عن الغلو والتشدد. كما شدد على ضرورة الحفاظ على وحدة الصف، والوقوف صفًا واحدًا ضد دعاوى التطرف والإرهاب.
وقد انعكس هذا النهج الوسطي على مكانة المؤسسة الدينية السعودية عالميًا، حيث صارت مرجعًا يُستند إليه في الفتوى، وعُد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ من أبرز الأصوات الداعية للاعتدال في العالم الإسلامي.
الدور المتكامل بين المنبر والإعلام
من خلال إمامته في المساجد الكبرى، ومشاركته في الدروس العلمية، وتواصله عبر وسائل الإعلام، أسهم عبد العزيز آل الشيخ في نشر العلم الشرعي وتوجيه المجتمع. وكان لصوته أثر بالغ في معالجة القضايا الدينية والاجتماعية، مما جعله من أكثر العلماء تأثيرًا في السعودية والعالم الإسلامي طوال عقود من الزمن.
اقرأ أيضًا: التعليم السعودي في ضوء رؤية 2030
مؤلفات عبد العزيز آل الشيخ وإسهاماته العلمية
لم يُعرف عبد العزيز آل الشيخ بكثرة التأليف مثل غيره من العلماء، لكن أثره العلمي كان بارزًا من خلال دروسه وخطبه وفتاواه التي أصبحت مرجعًا مهمًا لطلاب العلم والجمهور. فقد ركز على الفتوى المباشرة والخطاب الدعوي، وكان له حضور مستمر عبر المساجد ووسائل الإعلام.
الإنتاج العلمي والدعوي
وصل معظم إنتاجه إلى الناس عبر الفتاوى الرسمية الصادرة عن الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء. كثير من هذه الفتاوى جُمعت في مجموعات فقهية رسمية ونُشرت عبر موقع الرئاسة وهيئة كبار العلماء. كما اشتهر بخطبه في جامع الإمام تركي بالرياض وخطبته في مسجد نمرة بعرفة، إضافة إلى مشاركته في برنامج نور على الدرب.
المؤلفات والكتب
لم يترك الشيخ عددًا كبيرًا من الكتب المطبوعة، لكن بعض أعماله جُمعت في كتيبات، مثل:
فتاوى وأحكام شرعية منشورة في تقارير الرئاسة.
كتيبات لخطب ودروس دعوية وفقهية.
مشاركات في نشرات مرتبطة بالندوات والمؤتمرات العلمية.
الأثر العلمي
يتجلى أثره في إشرافه على إصدار الفتاوى في القضايا الكبرى، وتوجيه طلاب العلم عبر التدريس والإشراف على رسائل جامعية، إضافة إلى مشاركاته في مؤتمرات وندوات شرعية داخل المملكة وخارجها.
شخصية عبد العزيز آل الشيخ وصفاته القيادية
نشأ عبد العزيز آل الشيخ في بيئة علمية راسخة داخل أسرة آل الشيخ، فعُرف منذ صغره بالورع والتقوى والالتزام بالسلوك القويم، انعكست هذه النشأة على شخصيته الدعوية والعلمية، فكان مثالًا للعالم المخلص الذي كرس حياته لخدمة الدين عبر الفتوى والخطابة والتعليم، بعيدًا عن طلب الأضواء أو السعي وراء المناصب.
صفات شخصية ودعوية
اتصف الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بالإخلاص في عمله والتفاني في الدعوة، وكان حريصًا على النصح والإرشاد لولاة الأمر والمسؤولين بما يحقق المصلحة العامة ويوافق مقاصد الشريعة، كما عُرف بزهده وتواضعه وقربه من عامة الناس وطلاب العلم، حيث كان يشجعهم على طلب المعرفة ويُقدّر جهودهم في نشر العلم الشرعي.
الصفات القيادية
من أبرز ما ميّز شخصيته قدرته على الجمع بين العلم العميق والقيادة الشرعية الرشيدة، فقد اتسم بالثبات على المبادئ والتمسك بالكتاب والسنة، إلى جانب وعيه بالقضايا المعاصرة والتعامل معها بروح من الوسطية والاعتدال، بعيدًا عن الغلو والتطرف. هذه المزايا منحته مكانة رفيعة مكنته من إدارة شؤون الفتوى وقيادة المؤسسة الدينية الرسمية في المملكة بكفاءة.
الأثر القيادي
بفضل صفاته العلمية والشخصية، أصبح المفتي عبد العزيز آل الشيخ رمزًا للقيادة الدينية الوسطية، يجمع بين الحكمة الشرعية وحسن الإدارة. وقد مكّنته هذه الصفات من أن يكون مرجعًا في أوقات الأزمات، وصوتًا مؤثرًا في القضايا التي تهم المجتمع السعودي والعالم الإسلامي.
التحديات التي واجهها خلال مسيرته العلمية والدعوية
لم تكن مسيرة عبد العزيز آل الشيخ سهلة، فقد واجه على مدار حياته عددًا من التحديات العلمية والفكرية والدعوية التي شكلت جزءًا مهمًا من تجربته وقد أظهر خلالها صبرًا وثباتًا على المبادئ، مما زاد من مكانته في المجتمع السعودي والعالم الإسلامي.
التحديات الصحية
من أبرز التحديات الشخصية التي واجهها الشيخ فقدان البصر، حيث عانى من ضعف بصري منذ صغره تطور حتى وصل إلى العمى الكامل ومع ذلك، لم يمنعه ذلك من حفظ القرآن الكريم وطلب العلم، بل كان دافعًا لمزيد من المثابرة والاعتماد على الحفظ والسماع في تحصيل العلوم الشرعية.
التحديات الدعوية
كأي عالم كبير يتصدر للإفتاء والخطابة، واجه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ضغوطًا وتحديات في معالجة القضايا الدينية والاجتماعية المعقدة فقد كان عليه أن يتعامل مع قضايا حساسة مثل:
- القضايا الفكرية التي أثارتها التيارات المتطرفة.
- الفتاوى المرتبطة بالمعاملات المالية الحديثة.
- المواقف الشرعية من المستجدات الاجتماعية مثل قضايا الشباب والمرأة.
التحديات الفكرية
في عصر يشهد انفتاحًا إعلاميًا وتطورًا فكريًا متسارعًا، وجد الشيخ نفسه أمام مسؤولية شرعية لحماية المجتمع من الفكر المنحرف، والتأكيد على الوسطية والاعتدال وكانت خطبه وفتاواه بمثابة خط دفاع علمي ضد التيارات المتشددة والأفكار الدخيلة على المجتمع الإسلامي.
اقرأ أيضًا: رؤية السعودية 2030 أهم الأهداف والركائز التي تسعى المملكة لتحقيقها
الجوائز والتكريمات التي حصل عليها عبد العزيز آل الشيخ
لم يكن عبد العزيز آل الشيخ مجرد عالم شرعي يتولى منصب المفتي العام للمملكة العربية السعودية، بل كان شخصية دينية تحظى باحترام وتقدير واسع داخل المملكة وخارجها.
وعلى الرغم من أن سيرته لا تتضمن الكثير من الجوائز الرسمية المعلنة أو التكريمات الفردية، إلا أن مكانته العلمية واعتباره مرجعًا شرعيًا على مستوى العالم الإسلامي تُعد من أعظم أشكال التكريم.
التقدير الرسمي
حظي الشيخ بثقة ولاة الأمر في المملكة، حيث كُلف بأعلى المناصب الدينية مثل رئاسة هيئة كبار العلماء ومنصب المفتي العام للمملكة وهذه المناصب في حد ذاتها تعد تكريمًا رسميًا لمكانته العلمية والشرعية.
التقدير الشعبي والعلمي
نال الشيخ احترام طلاب العلم والدعاة والعلماء داخل السعودية وخارجها ففتاواه كانت مرجعًا موثوقًا، وخطبه ودروسه لاقت قبولًا واسعًا، كما أن مشاركته في توجيه المجتمع عبر الإعلام والبرامج الدينية شكلت صورة من صور التكريم غير المباشر لشخصيته القيادية.
الإرث كأعظم تكريم
يمكن القول إن أعظم تكريم حصل عليه الشيخ هو الإرث العلمي والدعوي الذي تركه، والذي ما زال حاضرًا في المجتمع السعودي والعالم الإسلامي فمقامه كـ المفتي العام لعقود طويلة يُعتبر تكريمًا استثنائيًا لمكانته ومكانة أسرته العلمية العريقة.
علاقة عبد العزيز آل الشيخ بالملوك والأمراء في السعودية
على مدار مسيرته العلمية والدعوية، حافظ الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على علاقة وثيقة بالأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، قوامها الاحترام المتبادل والثقة العميقة وقد حرص الملوك والأمراء على الاستماع إلى آرائه وفتاواه، تقديرًا لمكانته كمرجع ديني أول، فيما كان هو بدوره مثالًا للعالم الناصح الذي يساند القيادة ويقف بجانبها في القضايا المصيرية، حيث كانت علاقته مع:
1. الملك سلمان بن عبد العزيز
كان للشيخ عبد العزيز آل الشيخ حضور دائم في المجالس الرسمية التي يعقدها الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في الأعياد والمناسبات الكبرى. وقد ظهر الملك أكثر من مرة وهو ينصت إلى الشيخ ويقدّره، تأكيدًا على المكانة الرفيعة التي يحظى بها العلماء في المملكة.
2. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان
من أبرز المشاهد التي تعكس عمق هذه العلاقة لحظة قبلة الأمير محمد بن سلمان على رأس المفتي عبد العزيز آل الشيخ خلال استقبال المهنئين بعيد الأضحى، في مشهد مؤثر يعكس التواضع الكبير من ولي العهد والتقدير البالغ لرموز العلم الشرعي، كما كان ولي العهد حريصًا على الحديث مع الشيخ في اللقاءات الرسمية والاستماع إلى نصائحه الدينية.
3. الملك عبد الله بن عبد العزيز
في عهد الملك عبد الله، شارك الشيخ في العديد من اللقاءات والندوات الرسمية، مؤكدًا على أهمية وحدة الصف بين القيادة والعلماء وكان الملك عبد الله يولي اهتمامًا كبيرًا بوجود العلماء بجانبه في القضايا الكبرى، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ كان دائمًا حاضرًا في هذه المواقف.
4. الملك فهد بن عبد العزيز
في فترة حكم الملك فهد، كان الشيخ عبد العزيز عضوًا في هيئة كبار العلماء، ثم عضوًا في اللجنة الدائمة للإفتاء، وهي مناصب دعمتها القيادة في تلك المرحلة. العلاقة بينهما اتسمت بالتعاون في القضايا الشرعية التي تهم الدولة والمجتمع.
5. مع الأمراء والمسؤولين البارزين
لم تقتصر علاقة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على الملوك وولي العهد فقط، بل امتدت إلى كبار الأمراء والمسؤولين في الدولة، حيث كان مرجعًا شرعيًا لهم في القضايا الحساسة وقد اتصف دائمًا بالنصح المباشر، وتقديم الرأي الشرعي الواضح بما يحقق المصلحة العامة، بعيدًا عن المجاملة أو التردد.
وفاة عبد العزيز آل الشيخ
توفي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، يوم 23 سبتمبر 2025م الموافق 1 ربيع الآخر 1447هـ، بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والدعوي.
جاء وفاة مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في بيان رسمي عن الديوان الملكي، وجاء فيه الإشادة بمكانته العلمية وما قدمه من جهود كبيرة في خدمة الإسلام والمسلمين داخل المملكة وخارجها.
وقد عدت وفاته خسارة كبيرة للمجتمع السعودي والعالم الإسلامي نظرًا لدوره البارز في الفتوى والإرشاد الديني.
أُديت صلاة الجنازة عليه في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض عقب صلاة العصر، بحضور كبار المسؤولين ومنهم الأمير محمد بن سلمان وطلاب العلم وجموع المواطنين، كما وُجه بإقامة صلاة الغائب عليه في المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، إضافة إلى جميع مساجد المملكة في توقيت موحد.
برحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ فقدت الأمة الإسلامية واحدًا من أبرز علمائها، حيث ترك إرثًا علميًا وفكريًا سيبقى حاضرًا في أذهان الأجيال ومرجعًا لطلاب العلم والدعاة.
أبرز المحطات في حياة عبد العزيز آل الشيخ
يتضح لنا أنه شخصية استثنائية جمعت بين العلم الشرعي، القيادة الدينية، والدعوة إلى الوسطية، ترك إرثًا علميًا وفكريًا خالدًا سيظل مرجعًا للأمة، إليك أبرز المحطات في حياته:
- وُلِد في مكة المكرمة عام 1362هـ (1943م) في أسرة علمية عريقة.
- حفظ القرآن الكريم منذ صغره رغم معاناته من ضعف البصر.
- تلقى علومه الشرعية على يد كبار العلماء والتحق بالمعاهد والكليات الشرعية.
- تولى مناصب دينية رفيعة أبرزها المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء.
- قدّم آلاف الفتاوى التي تناولت القضايا الدينية والاجتماعية المعاصرة.
- شارك في الخطب والدروس العلمية، وكان حاضرًا في الإعلام والبرامج الدينية.
- دعا دائمًا إلى الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف.
- ترك أثرًا عميقًا في المجتمع السعودي والعالم الإسلامي.
- تُوفِّي يوم 23 سبتمبر 2025م، واعتُبرت وفاته خسارة كبيرة للأمة الإسلامية.
بهذا، تظل حياة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مليئة بالدروس والعبر التي تلهم الأجيال القادمة على التمسك بالعلم، والاعتدال، وخدمة الدين والمجتمع.
الأسئلة الشائعة حول عبد العزيز آل الشيخ
من هو عبد العزيز آل الشيخ؟
هو المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، وُلد عام 1362هـ (1943م) في مكة المكرمة، ويُعتبر من أبرز علماء الشريعة في المملكة والعالم الإسلامي.
متى تولى عبد العزيز آل الشيخ منصب المفتي العام؟
تولى منصب المفتي العام للمملكة عام 1999م خلفًا للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
ما هي أبرز إنجازات عبد العزيز آل الشيخ؟
أبرز إنجازاته تتمثل في قيادته للمؤسسة الدينية السعودية، وإصدار الفتاوى الشرعية في القضايا المعاصرة، وخطبه ودروسه الدعوية، إضافة إلى دعوته المستمرة للوسطية والاعتدال.
هل لعب عبد العزيز آل الشيخ دورًا في نشر الوسطية؟
نعم، فقد كان من أبرز الدعاة للوسطية والاعتدال، وحذّر دائمًا من الغلو والتطرف، مؤكدًا أن الإسلام دين رحمة وعدل.
ما هي أهم المناصب التي شغلها عبد العزيز آل الشيخ؟
إمام وخطيب في عدد من المساجد.
عضو في هيئة كبار العلماء.
رئيس هيئة كبار العلماء.
المفتي العام للمملكة العربية السعودية.
متى توفي عبد العزيز آل الشيخ؟
توفي يوم 23 سبتمبر 2025م الموافق 1 ربيع الآخر 1447هـ، وأُديت عليه صلاة الجنازة في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، وأقيمت صلاة الغائب في جميع مساجد المملكة.
اقرأ أيضًا: تفاصيل زيادة رواتب الضمان الاجتماعي والمتقاعدين في السعودية وأهم مستجدات اليوم الوطني
