اشتعال الجبهة.. تعزيزات عسكرية إلى غزة وإسرائيل تقمع مظاهرات فلسطينيي الداخل
دفعت إسرائيل بتعزيزات عسكرية إلى غزة، فيما قمعت الشرطة الإسرائيلية مظاهرات واسعة شهدتها مدينة أم الفحم داخل الخط الأخضر. هذا التوتر يأتي في وقت تتكثف فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، ويتصاعد الغضب الشعبي في الداخل الفلسطيني بسبب استمرار العدوان والاعتقالات الإدارية.
المشهد يعكس اتساع رقعة الغليان السياسي والميداني، ويكشف عن تعقيدات إضافية في الصراع المتواصل، بالتزامن مع محاولات إسرائيلية للضغط على المقاومة عبر العمليات البرية الكثيفة.
تفاصيل تعزيزات عسكرية إلى غزة
بحسب هيئة البث الإسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي أدخل جميع ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة، بما في ذلك فرقة المظليين، التي تنفذ عمليات ميدانية على محورين رئيسيين في شمال القطاع ومنطقة خان يونس.
تعزيزات عسكرية إلى غزة بهذا الحجم تُعد مؤشراً على نية إسرائيل تكثيف عملياتها على الأرض، وربما التمهيد لمراحل حاسمة في العمليات العسكرية، في وقت تواجه فيه القوات تحديات ميدانية كبيرة داخل المناطق المدنية المكتظة.
المحللون العسكريون يشيرون إلى أن تعزيزات عسكرية إلى غزة تأتي أيضاً بالتزامن مع ضغوط سياسية متصاعدة على الحكومة الإسرائيلية، داخلياً وخارجياً، بسبب تأخرها في إنجاز صفقة تبادل أسرى أو وقف العدوان.
قمع مظاهرات أم الفحم ودلالاته
في مدينة أم الفحم، فرّقت الشرطة الإسرائيلية مظاهرة ضخمة شارك فيها مئات الفلسطينيين، احتجاجاً على استمرار الحرب على قطاع غزة، وللمطالبة بوقف سياسة الاعتقال الإداري.
اعتُقل شابان خلال تفريق المظاهرة، بينما اعتدت الشرطة على المتظاهرين بالضرب، في مشهد أعاد للأذهان مشاهد قمع سابقة داخل الخط الأخضر، حيث يتعرض الفلسطينيون لمحاولات ممنهجة لتقييد حرياتهم السياسية والمدنية.
رفع المتظاهرون شعارات تندد بالعدوان على غزة، وتطالب بالإفراج عن القيادي في حركة أبناء البلد، رجا إغبارية، المعتقل إدارياً منذ مشاركته في مظاهرة سابقة.
التحركات السياسية والرهائن في غزة
أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى وجود إجماع أمني داخل إسرائيل بشأن ضرورة إبرام صفقة تبادل مع حركة حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة. لكن الخلافات السياسية، وتحديدًا قرارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعطل المضي في هذه الخطوة.
رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، قال في نقاشات مغلقة إن الضغط العسكري الراهن خلق “نافذة فرصة” يجب استغلالها لعقد صفقة تبادل، محذراً من ضياع الفرصة في حال استمرت المعارك دون مخرج سياسي.
إعادة نتنياهو للوفد الإسرائيلي من مفاوضات الدوحة فُسّرت كخطوة سلبية، مما أثار انتقادات داخلية تتهمه بإفشال أي مبادرة لوقف إطلاق النار أو استرداد الأسرى.
اتهامات دولية وتحقيق جنائي ضد جندي إسرائيلي
في تطور لافت، أعلنت مؤسسة هند رجب الحقوقية التي تتخذ من بروكسل مقراً لها، أن جمهورية بيرو فتحت تحقيقاً جنائياً رسمياً ضد جندي إسرائيلي يُتهم بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
الجندي خدم في سلاح الهندسة القتالية، ويُشتبه في مشاركته المباشرة في عمليات تدمير واسعة للأحياء المدنية خلال الحرب بين 2023 و2024. التحقيق يُعد سابقة قانونية جديدة،
ويعزز المساعي الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في غزة، فقد سبق للمحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة اعتقال بحق نتانيهو وغلانت بتهمة جرائم حرب.
المؤسسة الحقوقية قالت إن هذا الجندي شارك في تحويل مناطق مدنية كاملة إلى أنقاض، عبر عمليات ممنهجة تم توثيقها بالأقمار الصناعية وشهادات من ميدانيين.
المشهد الإنساني في غزة تحت الحصار والدمار
وسط تعزيزات عسكرية إلى غزة، يعاني المدنيون من أوضاع إنسانية قاسية، إذ تفيد تقارير منظمات الإغاثة بأن مئات آلاف السكان باتوا يعيشون دون مأوى، مع نقص شديد في الغذاء، المياه الصالحة للشرب، والخدمات الصحية.
الهجمات المستمرة على البنية التحتية والمدارس والمستشفيات جعلت من غزة منطقة غير صالحة للسكن، وسط مخاوف من تفشي الأوبئة وارتفاع عدد الضحايا المدنيين.
النداءات الدولية لـ وقف الحرب الإسرائية في غزة وإنهاء الحصار لا تزال تُقابل بتجاهل إسرائيلي، فيما يواصل الجيش توسيع عملياته الميدانية.
التداعيات الإقليمية لتعزيزات عسكرية إلى غزة
التصعيد العسكري في قطاع غزة لا يقتصر أثره على حدود الجغرافيا الفلسطينية، بل يحمل في طياته تداعيات إقليمية متزايدة قد تُعيد تشكيل التحالفات والاصطفافات في المنطقة. تعزيزات عسكرية إلى غزة بهذا الحجم تؤكد وجود نوايا ميدانية تتجاوز مجرد الردع، وتميل إلى الحسم العسكري أو على الأقل الضغط الكبير قبيل أي تسوية.
دول الجوار، وعلى رأسها مصر والأردن ولبنان، تتابع عن كثب تطورات الميدان، وسط مخاوف من اتساع رقعة القتال، وخصوصًا مع إمكانية امتداد التوتر إلى جبهات أخرى مثل الجنوب اللبناني أو الضفة الغربية. كما تحذّر أطراف إقليمية من أن استمرار هذه العمليات قد يُعقّد المسارات السياسية ويفشل أي مفاوضات برعاية أطراف دولية.
دور الولايات المتحدة في ضبط إيقاع التصعيد
الولايات المتحدة، الحليف الأوثق لإسرائيل، تجد نفسها أمام معادلة شديدة الحساسية. فبينما تواصل تزويد إسرائيل بالدعم العسكري والدبلوماسي، تواجه واشنطن ضغوطًا داخلية متصاعدة، خصوصًا من الجناح التقدمي في الكونغرس وجماعات حقوق الإنسان، لوقف الدعم غير المشروط.
البيت الأبيض يحاول التوسط لصفقة أسرى، أو على الأقل تهدئة ميدانية مؤقتة، لكنه يصطدم برفض إسرائيلي مستمر لأي تهدئة غير مشروطة، ما يجعل دور واشنطن حرجًا للغاية، إذ أنها تُتّهم بالتواطؤ إذا صمتت، وبالعجز إذا تحركت دون نتائج.
الموقف العربي من التصعيد الحالي في غزة
الموقف العربي لا يزال في طور التصريحات الدبلوماسية والمطالبات بوقف إطلاق النار، دون أن يُترجم ذلك إلى تحركات عملية مؤثرة. الجامعة العربية دعت لعقد اجتماع طارئ، فيما طالبت دول مثل قطر ومصر بضرورة تفعيل اتفاقات سابقة لإطلاق سراح الأسرى.
ورغم إدانات متعددة صدرت من الأردن، الجزائر، وتونس، فإن الشارع العربي يُعبّر عن غضبه بشكل أكثر حدة من المؤسسات الرسمية، حيث شهدت مدن عربية تظاهرات ضخمة تضامنًا مع سكان القطاع، ورفضًا للتطبيع مع إسرائيل في ظل استمرار العدوان.
موقف المقاومة الفلسطينية من التصعيد
في المقابل، لا تزال فصائل المقاومة في غزة تؤكد جاهزيتها للرد على أي تصعيد جديد، وتتمسك بشروط واضحة لأي تهدئة، أهمها وقف العدوان ورفع الحصار والإفراج عن الأسرى.
بيانات كتائب القسام وسرايا القدس تؤكد أن استمرار تعزيزات عسكرية إلى غزة لن يدفع المقاومة إلى التراجع، بل يزيد من تماسكها الداخلي، واستعدادها لصد أي توغل بري أو محاولة فرض واقع ميداني جديد.
كما تواصل المقاومة تطوير أدواتها الإعلامية والعسكرية، في ظل ما تصفه بـ”المعركة المفتوحة”، مدعومة بصمود شعبي واسع النطاق رغم الدمار.
الصمت الدولي في مواجهة الانتهاكات
وسط كل هذه الأحداث، يُلاحظ غياب فاعل للمنظمات الدولية الكبرى. الأمم المتحدة تكتفي بتقارير دورية وتحذيرات عامة، دون اتخاذ خطوات قانونية أو ضغط سياسي مباشر على إسرائيل.
أما مجلس الأمن، فقد فشل في إصدار قرارات ملزمة بسبب الفيتو الأمريكي المتكرر، في حين اكتفت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بإصدار تقارير توثق الانتهاكات، دون أن تلقى استجابة دولية مؤثرة.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
استمرار تعزيزات عسكرية إلى غزة دون وجود مخرج سياسي أو تهدئة متفق عليها قد يفتح الباب أمام ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
- تصعيد شامل: يشمل اجتياح بري واسع وتصاعد الضربات الجوية.
- هدنة مؤقتة: بوساطة قطرية أو مصرية، تعود فيها الأطراف إلى نقاط ما قبل التصعيد.
- جمود طويل الأمد: تستمر فيه العمليات على مستوى منخفض، دون حسم سياسي أو عسكري.
في كل الأحوال، يظل المدنيون هم الطرف الأكثر تضررًا، بينما تتباين مواقف الأطراف الدولية بين التفرج والمساهمة في إطالة أمد النزاع.
اقرأ ايضاً: سوريا تنتفض من تحت الركام.. هل يفتح رفع العقوبات عن سوريا باب الإعمار أخيرًا؟