الخليج اليوم

انفراجة دبلوماسية لافتة في العلاقات الكويتية السورية: لقاء قمة يعيد رسم ملامح المنطقة

شهدت العلاقات الكويتية السورية تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة بعد سنوات من الانقطاع، جاء ذلك نتيجة تحرك دبلوماسي بارز تُوج بزيارة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع إلى دولة الكويت. هذه الزيارة حملت أبعاداً سياسية واستراتيجية، حيث ناقش الزعيمان أوجه التعاون المشترك وسبل تطوير العلاقات في مختلف المجالات، بما يتماشى مع مصالح البلدين وأمن واستقرار المنطقة.

وبينما كانت التوترات الإقليمية تلقي بظلالها في السنوات الماضية، فإن هذا اللقاء جاء ليؤكد حرص الطرفين على ترسيخ الاستقرار، وتعزيز التواصل السياسي والدبلوماسي، وفتح صفحة جديدة من العلاقات المستندة إلى المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية للتعاون العربي.

انفراجة دبلوماسية لافتة في العلاقات الكويتية السورية: لقاء قمة يعيد رسم ملامح المنطقة

مسار العلاقات الكويتية السورية منذ تأسيسها حتى اليوم

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الكويت وسوريا في 24 أكتوبر 1963، وشهدت مراحل من التعاون المكثف، خاصة بعد موقف سوريا الداعم للكويت خلال الغزو العراقي في عام 1990. هذا التاريخ المشترك عزز من متانة العلاقات على مدى عقود، إلا أن الأزمة السورية عام 2011 كانت نقطة تحول جذرية.

ففي عام 2012، قررت الكويت تقليص تمثيلها الدبلوماسي في دمشق، استجابة للتطورات السياسية والإنسانية التي شهدتها سوريا. وعلى الرغم من ذلك، لم تتوقف الكويت عن تقديم المساعدات الإنسانية من خلال مشاركتها الفاعلة في مؤتمرات المانحين وتقديم الدعم الإغاثي للاجئين السوريين.

وفي ديسمبر 2024، عادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مسارها الطبيعي، من خلال زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى دمشق، إيذانًا بمرحلة جديدة من التواصل الرسمي بين البلدين.

أهداف زيارة الرئيس السوري إلى الكويت

تحمل زيارة الرئيس السوري إلى دولة الكويت أهمية رمزية وعملية، فهي أول زيارة رسمية له منذ إعادة العلاقات بين البلدين. وقد ناقش الجانبان سبل توسيع أطر التعاون الثنائي، وتفعيل آليات العمل المشترك في عدة قطاعات منها الاقتصاد، التعليم، الأمن، والإعمار.

من بين أبرز محاور النقاش خلال اللقاء:

  • تعزيز التعاون الدبلوماسي والسياسي والتنسيق في الملفات الإقليمية.
  • دراسة فرص الاستثمار المتبادل وعودة الشركات الكويتية إلى السوق السورية.
  • مناقشة تطورات الأوضاع في المنطقة وسبل دعم مساعي الحلول السياسية في سوريا.
  • التأكيد على أهمية سيادة سوريا ووحدة أراضيها.

كما جرى بحث جهود الكويت على المستوى الإنساني، والسبل الكفيلة بتوسيع نطاق الدعم بما يحقق الاستجابة السريعة للاحتياجات السورية المتزايدة.

الأبعاد الاقتصادية للعلاقات الكويتية السورية في المرحلة القادمة

تشكل العلاقات الاقتصادية أحد المحاور الحيوية التي يسعى الجانبان لتطويرها. وفي هذا السياق، تسعى الكويت، من خلال مؤسساتها وصناديقها الاستثمارية، إلى لعب دور فعّال في إعادة إعمار سوريا، خاصة في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتعليم، والخدمات الصحية.

وقد أبدت الجهات الرسمية في الكويت استعدادها لبحث آليات تسهيل دخول الاستثمارات الكويتية إلى السوق السورية، وسط دعوات لتوفير ضمانات قانونية وتشريعية للمستثمرين. من جهة أخرى، تتطلع سوريا إلى الاستفادة من الخبرات الكويتية في مجالات إدارة الخدمات العامة والتكنولوجيا المالية والمصرفية.

تجدر الإشارة إلى أن التبادل التجاري بين البلدين لا يزال محدودًا، ومن المتوقع أن يشهد نمواً ملحوظاً في حال نجاح الخطط المشتركة لتفعيل التعاون الاقتصادي.

المؤشرقبل 2012بعد 2024
التمثيل الدبلوماسيقائم بشكل كاملأُعيد مؤخراً
التبادل التجاريمنخفضيتجه للنمو
المشاريع المشتركةمعدومة تقريباًقيد الدراسة والتنفيذ
المساعدات الإنسانيةمستمرة من طرف واحدتتجه نحو التنسيق الثنائي

دور الكويت الإنساني في دعم سوريا

استمرت الكويت في تقديم الدعم الإنساني للشعب السوري طيلة سنوات الأزمة، حيث استضافت ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين منذ عام 2013، قدمت خلالها تعهدات تجاوزت مليارات الدولارات. وتواصلت جهود الإغاثة من خلال “الجسر الجوي الكويتي” الذي تم إطلاقه من أجل إرسال المساعدات إلى الداخل السوري.

ويؤكد المراقبون أن هذا الدعم لم يكن فقط من منطلق إنساني، بل يعكس التزاماً استراتيجياً من الكويت بمسؤولياتها الإقليمية، وسعيها لحفظ وحدة سوريا واستقرارها. في هذا السياق، تشكل العلاقة بين الدعم الإنساني والدبلوماسي نواة جديدة لتوسيع دور الكويت في صياغة حلول مستقبلية للأزمة السورية.

التحديات والفرص في مسار إعادة بناء العلاقات

رغم المؤشرات الإيجابية، فإن إعادة بناء العلاقات الكويتية السورية لا تخلو من التحديات، وأبرزها:

  • التوازن في العلاقات الخليجية السورية وسط تنوع المواقف.
  • الحذر السياسي في التعامل مع ملفات معقدة كالعقوبات الدولية والمساعدات المالية.
  • الحاجة إلى إعادة بناء الثقة الشعبية والرسمية بين الجانبين.

ورغم ذلك، فإن الفرص المتاحة كبيرة، لا سيما في ظل تغير المزاج العربي تجاه الملف السوري، ووجود أرضية سياسية جاهزة للتفاهم، مدفوعة برغبة مشتركة في تطبيع العلاقات واستئناف العمل العربي الجماعي.

تشير كل المؤشرات إلى أن العلاقات الكويتية السورية تتجه نحو مرحلة أكثر استقراراً وفاعلية فمن اللقاءات السياسية، إلى الجهود الإنسانية، مرورًا بمشاريع الاستثمار، يتضح أن المرحلة المقبلة ستشهد محطات تعاون مثمرة تصب في مصلحة البلدين وشعبيهما.

كما أن زيارة الرئيس السوري إلى الكويت تمثل لحظة فاصلة في مسار العلاقات وبالأخص بعد رفع العقوبات على سوريا.

اقرأ ايضاً: محادثات السلام مع روسيا تدخل مرحلة جديدة: أوكرانيا ترسل وفدها للجولة الثانية

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!