الخليج اليوم

نبوءة النهاية: متى تتوقف الحرب بين إسرائيل وإيران قبل أن تشتعل المنطقة كلها؟

اندلع النزاع المباشر بين إسرائيل وإيران بشكل علني في يونيو 2025 بعد أن شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت المنشآت النووية الإرانية . وقد وصفت العملية الإسرائيلية بأنها تهدف إلى تقويض القدرات النووية الإيرانية بشكل استباقي.

ردت إيران عبر عملية عسكرية مضادة أطلقت عليها اسم “الوعد الصادق 3″، حيث تم خلالها قصف عدة مواقع استراتيجية داخل إسرائيل باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيرة. هذه الخطوات المتبادلة أدت إلى اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران بصورة غير مسبوقة من حيث الحجم والتوقيت والنتائج.

هذا الصراع ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة سنوات من التوترات المتراكمة على خلفية البرنامج النووي الإيراني والتواجد الإيراني في سوريا ولبنان، إلى جانب التهديدات المتبادلة بين الجانبين. ومع بداية هذا التصعيد الجديد، أصبح الحديث عن احتمال تحول هذه المواجهة إلى حرب إقليمية مفتوحة أمرًا مطروحًا بشدة.

نبوءة النهاية متى تتوقف الحرب بين إسرائيل وإيران قبل أن تشتعل المنطقة كلها؟


أعداد الضحايا والخسائر البشرية والمادية حتى الآن

تشير التقديرات إلى أن القتال المتبادل بين الطرفين أدى إلى مئات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين على حد سواء. في إيران، تجاوز عدد القتلى حاجز الـ 400 شخص، فيما تخطى عدد المصابين 1,400 إصابة، معظمهم في العاصمة طهران والمناطق القريبة من المنشآت المستهدفة.

أما في إسرائيل، فقد أسفرت الهجمات الإيرانية عن مقتل أكثر من 24 شخصًا، بينما تجاوز عدد الجرحى 600، جراء القصف الصاروخي الذي استهدف مدن تل أبيب وحيفا ومستوطنات في شمال ووسط البلاد.

البنية التحتية تأثرت بشكل كبير، إذ تم تدمير عدة مبانٍ سكنية وإدارية في طهران، وتم تفعيل خطة الطوارئ لتحويل المدارس ومحطات المترو إلى ملاجئ جماعية. في المقابل، تعرضت البنية التحتية في إسرائيل لأضرار متفاوتة، إلا أن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية ساهمت في تقليل حجم الخسائر.


القدرات الصاروخية الإيرانية وتأثيرها على سير المعارك

أحد أبرز عوامل استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران هو توافر القدرات الصاروخية الإيرانية، إلا أن الخبراء يؤكدون أن هذا المخزون محدود نسبيًا مقارنة بالقدرات الإسرائيلية الدفاعية والهجومية.

إيران تعتمد على شبكة من المصانع العسكرية في مدن مثل أراك وإصفهان لإنتاج صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى. ومع بدء التصعيد، استخدمت طهران عددًا كبيرًا من هذه الصواريخ، لكن بعد أسبوع واحد فقط من القتال، بدأت التقارير تتحدث عن تراجع في وتيرة الإطلاقات الصاروخية، مما يدل على ضغط في سلسلة الإمداد والتصنيع.

إسرائيل، من جانبها، تستند إلى منظومات دفاع جوي متعددة المستويات، مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” ونظام “السهم”. هذه المنظومات أثبتت كفاءة كبيرة في اعتراض أغلب المقذوفات الإيرانية، ما أدى إلى الحفاظ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية رغم شدة الهجمات.

الجهود الدولية لوقف التصعيد وتهدئة الأوضاع

على الرغم من تصاعد حدة المواجهة، بدأت بعض التحركات الدبلوماسية تظهر في الأفق. واشنطن لعبت دورًا رئيسيًا في الضغط على الجانبين من أجل تهدئة الأوضاع. الرئيس الأمريكي أبدى تفاؤله بشأن إمكانية التوصل إلى تفاهم مبدئي يفضي إلى وقف فوري لإطلاق النار.

في الوقت ذاته، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا أعلنت فيه استعداد طهران لوقف العمليات العسكرية بشرط توقف إسرائيل عن استهداف المنشآت الحيوية. من جهتها، أكدت إسرائيل أنها أنجزت أهداف المرحلة الأولى من العملية العسكرية، لكنها أوضحت أن أهدافًا أخرى ما زالت قيد التنفيذ.

الاتحاد الأوروبي، عبر المفوضية العليا، دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، مشيرًا إلى أن استمرار التصعيد سيؤثر سلبًا على استقرار المنطقة بأكملها. كما أبدت الأمم المتحدة قلقها العميق من تدهور الوضع الإنساني في طهران ومحيطها.

تحليلات المراكز الاستراتيجية حول مستقبل النزاع

عدد من المراكز البحثية المتخصصة في الشؤون الأمنية توقع استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران لعدة أسابيع، لكن دون توسعها لتشمل أطرافًا إقليمية أخرى.

المعهد الدولي للدراسات الأمنية أوضح في تقرير حديث أن إيران قد تضطر إلى التراجع بسبب ضعف قدراتها الدفاعية في ظل الحصار الاقتصادي، بينما تمتلك إسرائيل القدرة على الاستمرار في العمليات الهجومية لفترة أطول.

من جهة أخرى، حذر مركز أبحاث الشرق الأوسط من أن أي عملية خاطئة، كاستهداف خاطئ لمنشأة مدنية، قد يؤدي إلى تغيير قواعد الاشتباك ودخول أطراف ثالثة مثل حزب الله أو ميليشيات عراقية مسلحة.

السيناريو الأقرب بحسب التحليلات، هو إبرام هدنة مؤقتة يتم من خلالها إيقاف العمليات الهجومية المتبادلة، دون التوصل إلى اتفاق نهائي، مع بقاء كل طرف على استعداد تام لأي تصعيد جديد.

الانعكاسات الإقليمية والدولية للحرب الجارية

الحرب بين إسرائيل وإيران ألقت بظلالها على المشهد السياسي والاقتصادي الإقليمي والدولي. دول الخليج العربي أبدت قلقها من امتداد القتال إلى مناطق قريبة من أراضيها، بينما شهدت أسعار النفط ارتفاعًا مؤقتًا نتيجة المخاوف من تضرر خطوط الإمداد البحرية في الخليج العربي.

تركيا أعلنت استعدادها لاستقبال اللاجئين الإيرانيين عبر الحدود في حال تطورت الأوضاع إلى نزوح جماعي، خاصة مع بدء موجات الهروب من العاصمة الإيرانية باتجاه الشمال. أما الأردن، فقد أغلقت مجالها الجوي مؤقتًا وأعادت نشر قواتها على الحدود.

إقليميًا، يمكن أن تؤدي تداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى إعادة تشكيل التحالفات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وقد تصبح هناك تحالفات عسكرية جديدة مبنية على التهديد الإيراني، في ظل حديث إسرائيل عن خطر وجودي تمثله طهران.

دوليًا، تتعامل الدول الكبرى بحذر بالغ، نظرًا لوجود منشآت نووية ضمن أهداف النزاع، مما يفتح الباب أمام خطر التصعيد النووي، وهو ما تحذر منه القوى الغربية باستمرار. الهجوم الإسرائيلي الأخير على المنشآت النووية أثار موجة من التنديد في بعض الدول، بينما اعتبرته أخرى خطوة دفاعية مشروعة في إطار حرب إسرائيلية إيرانية.


في النهاية

الحرب بين إسرائيل وإيران تمثل أخطر مواجهة مباشرة بين قوتين كبيرتين في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير. السيناريو المرجح حاليًا هو استمرار القتال لأسابيع قادمة، مع احتمال التوصل إلى وقف إطلاق نار هش برعاية دولية، في حال استجابت الأطراف للضغوط السياسية والدبلوماسية.

لكن غياب الثقة المتبادل، وتضارب الأهداف الاستراتيجية، يجعلان من وقف الحرب بشكل كامل أمرًا صعب التحقيق في الوقت القريب. المستقبل القريب يحمل في طياته إما تهدئة محسوبة أو انفجار إقليمي شامل، لا سيما في حال توسع العمليات إلى جبهات جديدة أو دخول أطراف ثالثة على خط النزاع.

اقرأ ايضاً: ترمب يعد: سلام وشيك بين إيران وإسرائيل.. بقائنا أمام الحقيقة المنتظرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!