هل يُقال الرئيس الفيدرالي الأمريكي قبل انتهاء ولايته؟ مفاجآت محتملة تهز وول ستريت
طرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، على تويتر المسيطر (تروث سوشيال)، فكرة إقالة جيروم باول، الرئيس الفيدرالي الأمريكي، قبل انتهاء ولايته في مايو 2026. جاء ذلك كرد فعل على موقفه الرافض لخفض أسعار الفائدة، رغم الضغط السياسي. يفتح هذا التصريح الباب أمام مناقشات دستورية واقتصادية، تثير مخاوف متداخلة بين السوق والمستثمرين وول ستريت. نعرض في هذا التقرير أولاً خلفية الصراع، ثم تأثيره على الفيدرالي، السياسات النقدية، حكم المحكمة العليا، رد فعل البنوك والأسواق، وأخيراً السيناريوهات المستقبلية المستندة إلى تحليل حديث.
خلفية العلاقة بين الرئاسة الفيدرالية والبيت الأبيض
يعد الرئيس الفيدرالي الأمريكي في قيادة “البنك الاحتياطي الفيدرالي” عمليًا مسؤولًا عن السياسة النقدية في الولايات المتحدة. بينما يتمتع البيت الأبيض بصلاحية التعيين، فإن استقلالية الفيدرالي مؤمنة عبر الهيكل التنظيمي. وتشير الخبرات إلى استقرار القيادة بموجب القوانين، إلا أن تصريحات ترمب المتكررة تُعيد تساؤلات هل يمكن فعلاً عزل الرئيس الاستقلالي إذا فرض ضغط سياسي؟
دستورياً، لا يوجد بند صريح يسمح للرئيس بعزل الرئيس الفيدرالي قبل نهاية ولايته إلا في حالات “سوء السلوك”، وهو ما لم يُطبق من قبل.
وفي 2023، رفع ترمب حدة الضغط، لكنه تراجع لاحقاً، ما يُبرز التوتر بين السلطة السياسية والمصرف المركزي.
الرد القاضي: المحكمة العليا والتأكيد على الاستقلال
في مايو 2025، صدر حكم بارز من المحكمة العليا الأمريكية أكد أن “المجلس الاحتياطي الفيدرالي” هو “كيان خاص شبه فدرالي”.
هذا القرار أزاح مخاوف من احتمال تدخل سياسي مباشر في السياسة النقدية، وأكد أن عزل الرئيس الفيدرالي الأمريكي يجب أن يمر عبر مبادرة من الكونغرس، وليس قرارًا رئاسيا.
كما أوضح الحكم أن فكرة ترمب بأنها “لديها صلاحية إقالة فورية” لا تجد سندًا قانونياً، وأن استقلال البنك هو حجر الزاوية في الاقتصاد الأمريكي.
تأثير تصريحات ترمب على أسواق المال والفائدة
تصريحات ترمب حول إمكانية إقالة الرئيس الفيدرالي الأمريكي دفعت المستثمرين لإعادة تقييم الفائدة والمخاطرة:
- تراجعت عملات أسواق ناشئة بنسبة 0.4٪ فور انتشار الخبر.
- ارتفعت عوائد سندات الخزانة لعشر سنوات إلى 4.3٪، بخلاف السلطة الأسبوعية نحو 4.25–4.50٪ المتوقعة من الفيدرالي نفسه.
- تشير تقارير بلومبرغ وأدوات CME إلى ارتفاع احتمالية خفض الفائدة بنهاية 2026 إذا لم يحدث استقرار ونهاية لهذا التهديد السياسي.
اقرأ ايضاً: انهيار متواصل: منصات التنقيب عن النفط في أمريكا تتراجع للأسبوع الثامن – ماذا يحدث؟
السيناريوهات القانونية والسياسية حول الإقالة المبكرة
طرح فكرة إقالة الرئيس الفيدرالي الأمريكي قبل انتهاء ولايته يفتح آفاق معقدة. المادة 12 من قانون الاحتياطي الاتحادي (1913) تنص على إمكانية الإقالة فقط “لسبب وجيه” (Cause)، مثل “الخطأ الجسيم أو الإهمال”، وليس بسبب اختلاف في السياسات.
حكم المحكمة العليا في مايو 2025 عزز من صلابة هذا التفسير، مع تحديد أن للفيدرالي “هيكل فريد وشبه خاص”، ينفصل عن باقي الوكالات الاتحادية . رغم أن بعض الخبراء يؤكدون أن الحكم يعطي مجالًا لمعركة قضائية مستقبلية، إلا أن السقف الدستوري ما زال يحمي حتى مايو 2026، تاريخ انتهاء عهدة باول.
السياسيون الجمهوريون مثل السيناتور مورينو أبدوا دعمهم لترمب، بينما يعارض مجلس الشيوخ والأغلبية الحاكمة هجمة كبيرة على استقلالية الفيدرالي . وحتى بين محافظي الفيدرالي، يظهر تردد في الانصياع للتهديدات، مؤكدين أن خفض أسعار الفائدة قد يتم لكن بناءً على اقتصاد واقتصاد فقط .
الرد الرسمي والرسمي من الفيدرالي والأسواق المالية
أصدر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، ردًا مباشرًا بأن البنك لن يستسلم لأي ضغط سياسي، مُطَمئنًا الأسواق أن “استقلالية البنك مسألة قانونية” لا ديناميكية سياسية.
صحيفة رويترز أكدت أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي وطلبته المحليين أكدوا أن سياسة أسعار الفائدة التي تتراوح 4.25–4.50% ستُبنى على بيانات مالية واضحة، لا تتأثر بتصريحات ترمب على وسائل التواصل. ولا تزال التوقعات تشير إلى خفضين متوقّعين خلال 2025، لكن ليس قبيل نهاية عهدة باول.
ردود فعل المستثمرين وأسواق الأصول
عكس سجل الأسواق هذا التوتر: انخفض الدولار لأدنى مستوى في عامين أمام العملات الكبرى، وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، بينما خسرت أسهم قطاع العقارات نحو 2.5% .
محللون اقتصاديون قالوا: أي محاولة لإقالة الرئيس الفيدرالي الأمريكي ستُعد انعكاساً على السياسة النقدية، ومن شأنها أن تُضعف ثقة المستثمرين في الحياد المؤسسي . حتى أن عقود الرهن العقاري لمست معدلات قريبًا من 7%، مما زاد الضغط على المستهلكين.
آفاق مستقبلية لما بعد مايو 2026
لا يزال السؤال الأهم: ماذا بعد انتهاء عهدة باول؟
إدارة ترمب تخطط لترشيح شخصية دافعة بخطاب واضح لدعم خفض أسعار الفائدة؛ الأسماء المرشحة تشمل كيفن هاسيت وكيفن وارش .
لكن من المرجح أن مواجهة قضائية جديدة حول استقلال الفيدرالي ستعقّد الأمور. وفي ظل استعانة أسواق المال بالاقتصاد المتوازن، يبدو أن ترمب سيضطر لمواصلة الضغط دون تنفيذ فعلي.
تأثير طويل الأمد على اقتصاد ومستقبل الدولار
إذا أُزيل الرئيس الفيدرالي الأمريكي قبل العهدة، قد تتأثر صورة الدولار كعملة ملاذ عالمي، ويُرفع مخاطر التضخم بسبب خفض السرعة.
حتى الآن، تعد التوقعات الاقتصادية متواضعة: نمو 1.4%، تضخم 3.1%، وبطالة 4.5% بنهاية 2025، أي تقلبات سياسية ستزيد الضغط على البنك المركزي والأدوات الحكومية.
في النهاية
إن بقاء الرئيس الفيدرالي الأمريكي في منصبه حتى مايو 2026 هو حجر الأساس لسياسة مالية مستقرة، واستقلال البنك أصبح مكفولاً بعد حكم المحكمة العليا. رغم ضغوط ترمب، استقرار الفيدرالي هو ما تبنيه الأسواق بثقة.
لكن سيناريو ما بعد 2026 يحمل في طياته انعطافات سياسية محتملة، قد تعيد تشكيل العلاقة بين السياسة والنقد. وهو ما ينتظره العالم بفارغ الصبر.
اقرأ ايضاً: العثور على كشف أثري مذهل في مصر: مدينة إيمت الفرعونية تعود للحياة