الخليج اليوم

انهيار متواصل: منصات التنقيب عن النفط في أمريكا تتراجع للأسبوع الثامن – ماذا يحدث؟

في أحدث بيانات صادرة عن شركة “بيكر هيوز”، سُجل انخفاض جديد في منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، ليكون هذا الأسبوع هو الثامن على التوالي الذي يشهد فيه القطاع تراجعًا ملحوظًا. وبلغ عدد المنصات الفعلية حتى يوم 20 يونيو 2025 نحو 438 منصة نفط، بعد أن تم سحب منصة جديدة من الخدمة، وهو ما يشير إلى استمرار التوجه العام نحو تقليص عمليات الحفر والإنتاج التقليدي.

يُعد هذا الانخفاض هو الأكبر منذ عام 2021، ما يضع علامات استفهام حول مستقبل الإمدادات النفطية الأمريكية، خاصةً مع تراجع منصات الغاز الطبيعي أيضًا بمقدار منصتين لتستقر عند 111 منصة، على الرغم من أنها ما تزال أعلى بمقدار 13 منصة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

اقرأ ايضاً: تصريحات عراقجي: لا ثقة في واشنطن ومقاطعة دبلوماسية حتى توقف الحرب الإسرائيلية – الموقف الإيراني يتصاعد


العوامل الاقتصادية المؤثرة في تراجع نشاط التنقيب

تتعدد الأسباب التي دفعت الشركات الأمريكية إلى تقليص عدد منصات التنقيب عن النفط، من بينها:

  • انخفاض أسعار النفط دون حاجز 67 دولارًا للبرميل، ما قلص من جدوى تشغيل بعض المنصات.
  • توجه الشركات نحو ترشيد النفقات وتقليل المخاطر التشغيلية، خصوصًا بعد الانكماش الاقتصادي النسبي خلال النصف الأول من 2025.
  • الضبابية السياسية والتوترات الجيوسياسية التي تؤثر على تدفق رأس المال الاستثماري نحو قطاع الطاقة.
  • الانتقال المتزايد نحو الطاقة النظيفة، والذي أدى إلى تراجع الشهية تجاه استثمارات الوقود الأحفوري.

تُشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) إلى أن الإنتاج الكلي قد ينخفض تدريجيًا خلال الأشهر القادمة، ما يعزز القلق من تأثير هذا التراجع المستمر في منصات التنقيب على مستقبل السوق.

تأثير تراجع المنصات على إنتاج النفط وأسعاره العالمية

إن التراجع في عدد منصات التنقيب عن النفط لا يعني فقط تقليل عدد الحفارات، بل يؤثر مباشرة على مستويات الإنتاج وعلى قدرة الولايات المتحدة في الحفاظ على موقعها كأكبر منتج عالمي. في السياق الحالي، ومع ثبات الإنتاج حول 13.5 مليون برميل يوميًا، إلا أن المؤشرات الفنية توضح إمكانية تراجع هذا الرقم إلى حدود 13.3 مليون بنهاية العام إذا استمرت وتيرة تقليص المنصات.

في المقابل، فإن الأسواق العالمية تترقب كل تحرك في هذه المؤشرات، إذ أن انخفاض الإنتاج الأمريكي يعزز من أسعار النفط عالميًا، خاصةً في ظل التوترات في الشرق الأوسط. هذه العلاقة المباشرة تجعل من بيانات الحفر الأسبوعية مؤشرًا حيويًا تستند عليه بورصات النفط حول العالم في تحديد اتجاهات التداول المستقبلية.

تحليل التوزيع الجغرافي لانخفاض منصات الحفر

عند النظر إلى التوزيع الجغرافي، نلاحظ أن التراجع لم يكن موحدًا، بل تفاوت حسب المناطق والولايات. إليك أبرز الأرقام:

  • تكساس: انخفاض بمقدار 4 منصات لتسجل 258 منصة.
  • الحوض البرميلي: فقدان منصتين ليصل إلى 271 منصة.
  • نيومكسيكو: ارتفاع مفاجئ بإضافة منصتين، لتصل إلى 92 منصة.

هذا التفاوت الجغرافي يُظهر أن بعض المناطق لا تزال تحافظ على ديناميكيتها في الإنتاج، في حين تتجه مناطق أخرى إلى تقليص النشاط بشكل حذر. وقد أظهر جدول التوزيع المُدرج سابقًا مدى التغير في أرقام المنصات مقارنة بالعام الماضي، مما يساهم في تقديم صورة تحليلية دقيقة لاتجاهات السوق المحلي.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل التنقيب في الولايات المتحدة

في ظل هذا التراجع الممتد، تتجه التوقعات إلى رسم ثلاثة سيناريوهات رئيسية:

  1. الركود المؤقت: احتمال أن تستعيد السوق توازنها إذا ارتفعت الأسعار فوق حاجز 75 دولارًا.
  2. الاستمرار في التراجع: إذا استمرت الشركات في سياسة تقليص التكاليف، فربما يتراجع عدد المنصات إلى ما دون 400 منصة مع نهاية 2025.
  3. الدفع بالتكنولوجيا: بعض الشركات قد تعتمد على الابتكار في الحفر والإنتاج لتعويض عدد المنصات القليل.

كل سيناريو من هذه السيناريوهات يعتمد على معطيات اقتصادية وسياسية مختلفة، أبرزها ما يحدث في أسواق الطاقة العالمية، وفي ملفات الشرق الأوسط، والصين، والأسواق الأوروبية.

ارتباط تحولات الطاقة بانخفاض الاستثمار في منصات النفط

من العوامل المؤثرة أيضًا في تراجع منصات التنقيب عن النفط هو التحول المتسارع نحو الطاقة المتجددة. فشركات عملاقة مثل ExxonMobil وShell بدأت بتقليص استثماراتها تدريجيًا في مشروعات النفط طويلة الأجل، والتركيز على مصادر الطاقة النظيفة كالرياح والطاقة الشمسية.

وفي تقارير اقتصادية حديثة، تم رصد انخفاض بنسبة 12% في إجمالي النفقات التشغيلية لشركات الطاقة التقليدية خلال الربع الأول من 2025. هذا يعكس رغبة الشركات في التماهي مع الضغوط البيئية والتشريعية، خاصة مع التزامها بمعايير الانبعاثات وخفض البصمة الكربونية.

في النهاية

تراجع منصات التنقيب عن النفط في أمريكا لثمانية أسابيع متتالية ليس مجرد رقم في تقرير اقتصادي، بل هو مؤشر عميق على تحولات كبرى تجري في قطاع الطاقة العالمي. ومع تزايد الضغوط من السوق والطبيعة والجغرافيا السياسية، يبقى مستقبل الحفر الأمريكي معلقًا بين التراجع والانبعاث. الأيام القادمة وحدها ستكشف إن كان هذا الانخفاض بداية مرحلة جديدة من التحول، أم مجرد استراحة قصيرة في مسار طويل من الصعود الإنتاجي.

اقرأ ايضا: صدمة في الكويت: توقيف شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!