رئيس الوزراء الإسباني يطالب: على أوروبا تعليق فوراً اتفاقية الشراكة مع إسرائيل

في تطور سياسي بارز، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل، إلى تعليق فوري لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. استندت دعوته إلى اتهامات بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، مطالبًا بموقف موحد من الدول الأوروبية انسجامًا مع المبادئ الإنسانية التي يتبناها الاتحاد. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وانتقادات دولية متزايدة تجاه العمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

البعد القانوني لاتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية

تنص اتفاقية الشراكة، الموقعة عام 1995 ودخلت حيز التنفيذ عام 2000، على أن الاحترام المتبادل لحقوق الإنسان يُعد شرطًا أساسياً للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين.
وفق المادة الثانية من الاتفاقية، يمكن تعليق العمل بها في حال الإخلال الجسيم بهذه المبادئ. ويدعو رئيس الوزراء الإسباني إلى تفعيل هذا البند القانوني كرد مباشر على ما تعتبره حكومته تجاوزًا صريحًا لبنود الاتفاق من قبل الجانب الإسرائيلي.

تشير تحليلات قانونية أوروبية إلى أن الاتحاد الأوروبي يملك صلاحية تعليق الاتفاق مؤقتًا في حال توافرت أدلة كافية، وهي مسألة بدأت عدد من الدول الأوروبية طرحها للنقاش السياسي الداخلي.

المواقف الرسمية لإسبانيا تجاه القضية الفلسطينية

منذ مايو 2024، تبنّت إسبانيا موقفًا أكثر حزمًا تجاه الأزمة الفلسطينية، حين اعترفت رسميًا بدولة فلسطين إلى جانب أيرلندا والنرويج.
أعقب ذلك اتخاذ عدد من الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية، أبرزها:

• إلغاء صفقات عسكرية مع شركات إسرائيلية.
• دعم دعاوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
• تعزيز التعاون الاقتصادي مع السلطة الفلسطينية في مشاريع البنية التحتية.

ويمثل موقف رئيس الوزراء الإسباني تتويجًا لهذا المسار السياسي، الذي يسعى إلى مواءمة السياسة الخارجية الإسبانية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

اقرأ ايضاً: قمة أبوظبي للمناخ تدفع بثورة التمويل المستدام: الطريق نحو غدٍ أخضر واقتصاد جديد

الوضع الإنساني في غزة وفق التقارير الدولية المعتمدة

يعزز رئيس الوزراء الإسباني دعوته بتقارير دولية موثوقة تؤكد تدهوراً حاداً في الوضع الإنساني داخل قطاع غزة منذ أكتوبر 2024، أبرزها:

• تقارير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
• بيانات “هيومن رايتس ووتش” بشأن الانتهاكات الموثقة.
• توثيق لتدمير ممنهج للبنية التحتية المدنية في غزة.

تشير هذه التقارير إلى مقتل آلاف المدنيين، من بينهم عدد كبير من الأطفال، وتعطيل أكثر من 70% من المرافق الطبية والتعليمية، وهو ما اعتبره سانشيز دليلاً على مخالفة إسرائيل لالتزاماتها الدولية.

ردود الأفعال الأوروبية والمؤشرات الأولية داخل الاتحاد

حتى الآن، تنقسم المواقف داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الاستجابة للدعوة الإسبانية:

تؤكد مصادر دبلوماسية في بروكسل أن المقترح الإسباني قد يُدرج في جدول أعمال المجلس الأوروبي المقبل في حال استمرار تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصًا في ظل مخاوف من اندلاع حرب إسرائيلية إيرانية.

انعكاسات محتملة لتعليق الاتفاقية على العلاقات الاقتصادية

تعد إسرائيل شريكًا اقتصاديًا مهمًا للاتحاد الأوروبي، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين أكثر من 36 مليار يورو سنويًا.
تشمل مجالات التعاون:

• العلوم والبحث والتكنولوجيا.
• الزراعة والدواء والطاقة.
• التعاون الأمني غير الرسمي في مكافحة الإرهاب.

في حال تم تعليق الاتفاقية، من المرجح أن يشهد التعاون في هذه القطاعات انكماشًا ملحوظًا، مع احتمالية فرض قيود على دخول المنتجات الإسرائيلية إلى الأسواق الأوروبية.
وبالمقابل، قد تسعى إسرائيل إلى توسيع علاقاتها مع دول غير أوروبية مثل الصين والهند لتعويض الفاقد من العلاقات مع الاتحاد.

تطورات الموقف الدبلوماسي الإسرائيلي في ضوء التصريحات الأخيرة

اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية دعوة رئيس الوزراء الإسباني بأنها “غير بناءة”، واتهمت مدريد بـ”الانحياز السياسي”.
قامت إسرائيل بالفعل باستدعاء سفيرها من مدريد للتشاور، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها مقدمة لمراجعة العلاقات الثنائية.
وفي المقابل، شددت الحكومة الإسبانية على أن مواقفها تأتي في إطار التزاماتها الدولية، ولا تهدف إلى التصعيد، بل إلى احترام المواثيق الحقوقية.

اقرأ ايضاً: 12 مليار درهم في ٤ أيام فقط: انفجار مبيعات عقارات دبي يدهش السوق