الخليج اليوم

حماس توافق على خريطة الانسحاب الجديدة وسط تحركات دولية حاسمة!

في تحول ملحوظ لمسار المفاوضات الجارية منذ أكثر من أسبوعين في الدوحة، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم عن موافقة حماس على خريطة الانسحاب الجديدة التي طرحتها إسرائيل تحت وساطة قطرية-أمريكية-مصرية. الخريطة تمثل تقدّمًا جوهريًا في النقاشات، إذ تُظهر انسحابًا محدودًا من محور موراغ، وعودة التركيز لقضية الوجود الإسرائيلي في رفح، في ظل توقعات بتوقيع اتفاق هدنة لمدة 60 يومًا، مشمولة بتبادل الأسرى وتدفق المساعدات تحت إشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر.

في أعقاب هذا الإعلان، تتسارع التطورات الميدانية والدبلوماسية، مع ضغط دولي ملموس من الولايات المتحدة ووسط فضاءات إعلامية عربية وغربية تؤكد هذا الزخم الجديد في ملف غزة. فما مدى تأثير هذه الخطوة؟ وإلى أي مدى تمثل خريطة الانسحاب الجديدة نقطة تحول استراتيجية؟ إليكم تحليلاً معمقًا يمنحكم رؤية واضحة وموثوقة.

حماس توافق على خريطة الانسحاب الجديدة وسط تحركات دولية حاسمة!

تفاصيل خريطة الانسحاب الجديدة

كشفت جيروزاليم بوست عن أن الخريطة الجديدة تنص على بقاء القوات الإسرائيلية ضمن عمق محدود شمال محور فيلادلفيا (1.2 كم) وشمال/شرق غزة (1.1 كم)، بينما اختفت الإشارة إلى محور موراغ كميدان لاحتلال أطول .

بموجب هذا الترتيب، ينصرف التركيز إلى قضية بقاء الجنود عند مناطق رفح، وهو ما توافق عليه الطرفان جزئيًا يراه الرأي السياسي-الإستراتيجي حاسمًا . ومن الواضح أن القبول بهذه الخريطة يمتدح بفعل مرونة إسرائيلية محسوبة، وسط ضغط لتكوين “منطقة إنسانية” تُدار بوسائل رسمية بمواصفات تقنية محددة.

 خلفية المفاوضات وضغوط الأطراف الدولية

المفاوضات التي بدأت في 6 يوليو في الدوحة شهدت تدخلاً قويًا من الوسيط الأمريكي ستيف ويتكوف، إلى جانب قطر ومصر. الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر أنجزتا آليات دخول مساعدات يومية ذات تنسيق قوي .

إلا أن النقاش ظل محتدًا حول مدى انسحاب إسرائيل الفعلي. فقد رفضت حماس سابقًا جداول تركّز على احتفاظ إسرائيل بنحو 40% من مساحة غزة، بما فيها رفح، بينما رفضت إسرائيل أي انسحاب كامل من القطاع . مرونة الخريطة الجديدة تعكس نوعًا من التنازل الإسرائيلي بدعم من البيت الأبيض وترامب .

اقرأ أيضاً: أسهم البنوك تتألق وسط قفزات مفاجئة في نتائج الشركات

 الأهداف الإنسانية وتبادل الأسرى

وفقًا لمسودة الاتفاق:

العنصرالتفاصيل
مدة الهدنة60 يوماً
الأسرى الإسرائيليون28 (10 أحياء + 18 جثامين)
الأسرى الفلسطينيونعدد كبير من الأمنيين
جدول تبادل
المساعدات الإنسانيةتدفق المياه والوقود والمواد الطبية تحت إشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر

هذه الترتيبات تضمن رؤية واضحة لإدارة وقف النار، مع توضيح نقاط تسليم أسرى وجثامين وفق جدول زمني مسبق.

 الموقف الإسرائيلي بين التردد السياسي والانفتاح الدبلوماسي

تشير مصادر إعلامية عبرية، لا سيما في صحيفة “هآرتس” و”تايمز أوف إسرائيل”، إلى أن الرأي العام الإسرائيلي منقسم بشدة حول تداعيات خريطة الانسحاب الجديدة. فبينما يرى الجناح اليميني في الحكومة أن أي انسحاب جزئي يُفسَّر كضعف، يذهب المسؤولون الأمنيون لتوصيف الخطة بأنها “السبيل الأفضل لوقف القتال بطريقة تحفظ ماء وجه الجيش”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعامل بحذر، حيث أعلن في جلسة خاصة بالكنيست أنه “لن يقبل بأي اتفاق لا يضمن أمن إسرائيل الكامل على المدى الطويل”. في المقابل، أعرب مسؤولون في وزارة الدفاع عن ارتياحهم لمحتوى خريطة الانسحاب الجديدة، شريطة تنفيذها تدريجيًا وبضمانات دولية صارمة.

وفي الخلفية، يعمل جهاز الشاباك والموساد بشكل موازٍ لتقدير احتمالات انهيار الاتفاق، أو قيام حماس بإعادة تنظيم صفوفها في جنوب القطاع. هذه المخاوف، وإن كانت قائمة، لم تمنع مشاركة تل أبيب بفعالية في الجولة الحالية من المفاوضات، وهو ما يكشف جدية متزايدة غير معتادة في مثل هذه الأوضاع.

 موقف حماس – مناورة أم استراتيجية مرنة؟

بالنظر إلى تاريخ مفاوضات حماس، لطالما رفضت الحركة أي اتفاق لا يتضمن انسحاباً شاملاً من قطاع غزة. لكن التطورات العسكرية في رفح، والخسائر البشرية والمادية، دفعتها لإعادة النظر.

حسب مصادر في قناة “الميادين” وموقع “العربي الجديد”، وافقت حماس على خريطة الانسحاب الجديدة بعد أن تلقت ضمانات من أطراف إقليمية ودولية، تشمل إشرافًا أمميًا على تنفيذ الهدنة، وضمانات بعدم عودة الجيش الإسرائيلي خلال فترة ما بعد التبادل.

وهناك مؤشرات إلى أن موافقة الحركة ترتكز على محورين:

  1. تحسين شروط التفاوض بشأن الأسرى.
  2. تمكين المجتمع الدولي من تعزيز المساعدات الإنسانية، ووقف الانهيار الكامل للمرافق الحيوية.

قياديون بارزون من الجناح السياسي في حماس وصفوا الخطة بأنها “ممكنة التنفيذ، مع بقاء خطوط حمراء أهمها السيادة في رفح وشرق غزة”. وتأتي هذه اللهجة المرنة بعد ضغط قطري مكثف، وتهديدات بوقف الدعم اللوجستي في حال استمرار التصعيد.

 تحديات التنفيذ على الأرض وتوقعات المرحلة المقبلة

رغم بوادر الانفراج، إلا أن تنفيذ خريطة الانسحاب الجديدة يواجه عدة تحديات، أبرزها:

  • الضمانات الدولية: هل تستطيع الأمم المتحدة والهلال الأحمر فرض الترتيبات المعلنة داخل بيئة فوضوية؟
  • مقاومة الفصائل المسلحة الأخرى: تنظيمات مثل الجهاد الإسلامي وكتائب المقاومة الشعبية قد لا تلتزم باتفاق تم التفاوض عليه من طرف حماس فقط.
  • الحكومة الإسرائيلية المؤقتة: من المحتمل انهيار الحكومة إذا اعتُبر الانسحاب “تنازلًا مبالغًا فيه”.

في الوقت ذاته، أشارت مجلة “Foreign Policy” إلى أن البيت الأبيض وضع خطة تدخل سريعة حال فشل الاتفاق، تتضمن تشكيل بعثة مراقبة دولية صغيرة داخل غزة، تحت حماية الأمم المتحدة، لمتابعة تنفيذ بنود خريطة الانسحاب الجديدة.

من جهة أخرى، تواصل قطر ومصر الضغط الدبلوماسي عبر جولات مكوكية تهدف إلى تثبيت اتفاق التبادل وتفعيل مسارات دائمة للحوار لاحقًا.

 هل تنجح خريطة الانسحاب الجديدة في إنهاء أشهر من الدماء؟

في ظل التقارب الأخير والموافقة المفاجئة من حماس على خريطة الانسحاب الجديدة، تلوح في الأفق إمكانية حقيقية لوقف إطلاق نار شامل، وإعادة بعض الاستقرار إلى قطاع غزة. ورغم أن طريق التنفيذ لا يزال محفوفًا بالعقبات، فإن التنسيق الثلاثي بين قطر، مصر، وأمريكا يمنح الاتفاق المنتظر فرصة للنجاح.

الكرة الآن في ملعب الأطراف المنفذة، وسط ترقب شعبي وإقليمي حذر، وأمل في أن تفتح هذه الخريطة بابًا جديدًا للسلام أو على الأقل هدنة إنسانية طويلة تكسر دائرة العنف المتكرر.

اقرأ أيضًا: وزير الصحة الهندي يختتم زيارته إلى السعودية باتفاقيات متعددة

كاتب

  • doaa-alhdad

    دعاء الحداد صحفية ومحررة في موقع الخليج لايف، متخصصة في تحرير الأخبار السعودية والخليجية بدقة واحترافية. تمتلك خبرة طويلة في الصحافة الإلكترونية، وعملت سابقًا في عدة منصات إعلامية مرموقة مثل أخبار العرب، عرب نيوز، ويلا جون. تهتم بتغطية التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في منطقة الخليج، وتتميز بتحرير موضوعي ومهني يعكس فهمًا عميقًا للمشهد الإخباري الخليجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!