قمة زيلينسكي و بوتين.. هل تكتب نهاية الحرب أم تؤجل المواجهة؟
تعود الأنظار مجددًا إلى ملف محادثات السلام مع روسيا، بعد تصريحات مفاجئة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن احتمال عقد قمة مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. هذه القمة، التي وصفها البعض بـ”المفصلية”، قد تعيد تشكيل مشهد الحرب الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، خاصة بعد أن تحدثت كييف عن “تقدّم محتمل” في مفاوضات غير معلنة مع موسكو.
ورغم ما أُثير حول رغبة أوكرانيا في مشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالقمة، إلا أن موسكو لا تزال ترى أن التوقيت غير مناسب، مما يفتح بابًا واسعًا للتساؤل حول مصير قمة زيلينسكي و بوتين، وهل ستكون بوابة للسلام أم فصلًا جديدًا من التوترات؟
الرهانات الأوكرانية على اللقاء المباشر
كييف ترى في اللقاء المباشر بين زيلينسكي وبوتين مدخلًا فعليًا لكسر الجمود السياسي والدبلوماسي. ووفق تصريحات الرئيس الأوكراني، فإن النقاشات الداخلية مع الجانب الروسي بدأت بالفعل تدور حول عقد القمة، ما اعتُبره “تقدمًا ملحوظًا” في شكل الحوار.
الرغبة الأوكرانية ترتكز على اعتقاد مفاده أن اتفاق القادة قد يُمهد لحل شامل، خاصة مع انتهاء المهلة التي طرحها ترمب لوضع حد للنزاع، وهو ما دفع أوكرانيا لاقتراح موعد محدد للقمة قبل نهاية أغسطس الجاري.
موقف موسكو.. تحفظ وتردد واضح
على النقيض، تبدو موسكو أكثر تحفظًا تجاه فكرة اللقاء المباشر. المتحدث باسم الكرملين أكد أن قمة زيلينسكي و بوتين غير مطروحة حاليًا، مرجعًا ذلك إلى غياب أي توافق حقيقي بين الجانبين في ملفات التفاوض الرئيسية.
القيادة الروسية لا تُمانع عقد القمة مستقبلاً، لكنها تشترط أن تكون “الخطوة الأخيرة” ضمن سلسلة تفاهمات تمهّد لإعلان اتفاق نهائي، لا مجرد لقاء رمزي تحت ضغط دولي أو إعلامي.
مسار التفاوض الحالي.. تقدم بطيء رغم الاجتماعات
عقدت ثلاث جولات تفاوضية رسمية بين الوفدين الأوكراني والروسي مؤخرًا، ركزت معظمها على الملفات الإنسانية والأمنية، مثل تبادل الأسرى وتأمين ممرات الإغاثة. إلا أن المفاوضات لم تشهد تقدماً في النقاط الجوهرية التي تُعزز إمكانية عقد قمة بين زيلينسكي وبوتين.
الوفد الروسي أكد أنه يجب “التحضير بعناية شديدة” لأي اجتماع بين القادة، في إشارة إلى أن الطريق نحو القمة لا يزال طويلاً، ويحتاج لضمانات وتفاهمات واضحة قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة.
الدور الدولي في توجيه القمة المحتملة
الولايات المتحدة، برئاسة دونالد ترمب، تلعب دورًا بارزًا في الضغط لعقد قمة زيلينسكي و بوتين وإنهاء حرب أوكرانيا. ويُقال إن ترمب حدد مهلة زمنية للكرملين لا تتجاوز 50 يومًا لإنهاء الحرب، أو مواجهة موجة جديدة من العقوبات الصارمة.
الاتحاد الأوروبي كذلك يدفع نحو تفعيل الدبلوماسية، وإن كان أكثر ميلًا لدعم مسار المفاوضات المؤسسية. أما دول مثل تركيا وسويسرا، فتمثل المنصات المحتملة لاستضافة القمة، إن تم الاتفاق عليها لاحقًا.
السيناريوهات المطروحة لمصير القمة
- عقد القمة في موعد مقترح: وهو سيناريو تصفه كييف بـ”المرغوب”، ويعتمد على مرونة روسية مفاجئة أو ضغط دولي مكثف.
- تأجيلها إلى أجل غير مسمى: ويبدو هذا هو السيناريو الأقرب في ظل استمرار التحفظ الروسي.
- انعقادها بشكل رمزي دون نتائج حقيقية: وهو ما تخشاه كييف، حيث سيكون اللقاء مجرد واجهة إعلامية بلا مضمون تفاوضي فعّال.
ما الذي تعنيه القمة للمواطنين؟
الشارع الأوكراني يأمل أن تؤدي القمة، إن عُقدت، إلى تهدئة حقيقية تعيد الحياة الطبيعية إلى المدن الشرقية والغربية على حد سواء. أما في روسيا، فالتوجس من تقديم تنازلات سياسية أو عسكرية يجعل الرأي العام منقسمًا حول جدوى القمة.
على المستوى الاقتصادي، يرى المحللون أن نجاح قمة زيلينسكي و بوتين قد يعيد الاستقرار النسبي للأسواق الأوروبية، ويحدّ من تقلبات أسعار الطاقة والغذاء التي ارتبطت بشكل مباشر باستمرار الحرب.
مع مرور كل يوم دون اتفاق، تتعمق الفجوة بين روسيا وأوكرانيا وبينما تحاول أوكرانيا كسر الجمود عبر القنوات الدبلوماسية، لا تزال روسيا تراهن على عنصر الوقت. ورغم أن قمة زيلينسكي و بوتين تبدو بعيدة المنال حاليًا، فإنها تبقى الأمل الأكبر للانتقال من السلاح إلى السلام، في واحدة من أطول الحروب المعاصرة.
اقرأ أيضًا: ارتفاع مفاجئ في الأسهم الأوروبية بعد اتفاق تجاري مثير بين أمريكا واليابان