إنفاق الصين المالي يقفز 3.4% ويشعل توقعات النمو الاقتصادي العالمي
أعلنت وزارة المالية الصينية أن إنفاق الصين المالي سجل نمواً بنسبة 3.4 % على أساس سنوي خلال النصف الأول من عام 2025، ليصل الإجمالي إلى حوالي 14.13 تريليون يوان (نحو 1.98 تريليون دولار). هذا التوسع المالي، رغم تباطؤه مقارنة بزيادة 4.2 % في الأشهر الخمسة الأولى، يعكس استمرار الحكومة في ضخ الموارد لدعم الاقتصاد وسط ضغوط تجارية وضريبية خارجية. في هذا المقال، نستعرض بدقة دوافع وأبعاد هذا القرار الاقتصادي، ونحلّل آثاره المحلية والدولية في ستة محاور رئيسية غنية بالمعلومات والتحليلات.
الإنفاق المالي للصين في سياق أوسع للسياسات التحفيزية
استمر نموذج إنفاق الصين المالي في النصف الأول كأداة رئيسية للحفاظ على النمو، إذ جاءت هذه السياسة في إطار جهود الحكومة لمواجهة تراجع الطلب الخارجي الناتج عن الحرب التجارية والركود العقاري. وتماشى التوسع المالي مع خطة الاستثمار في البنية التحتية، بما في ذلك مشروع سد هائل في التبت بقيمة تقارب 170 مليار دولار تم الإعلان عنه في يوليو 2025 كجزء من خطط تحفيز الاقتصاد بتوجيه صاف نحو الصناعة المحلية والنمو الإقليمي .
أبرز المحاور الإنفاقية وتوزيع الموارد
قالت مصادر رسمية إن إنفاق الصين المالي ارتفع في عدة مجالات حيوية: الضمان الاجتماعي والتوظيف بنسبة 9.2 %، العلوم والتكنولوجيا 9.1 %، التعليم 5.9 %، الصحة 4.3 %.
جهود مثل تخصيص ما يقرب من 398 مليار يوان للبحث العلمي الأساسي والتكنولوجيا المتقدمة ضمن المبادرة Sci‑Tech Innovation 2030، تُظهر تركيز السلطات على تحقيق استقلالية تقنية واستدامة طويلة الأجل.
تراجع الإيرادات المالية وتأثيره على العجز
بالرغم من النمو في الإنفاق، انخفضت الإيرادات المالية الوطنية بنسبة 0.3 % لتصل إلى نحو 11.56 تريليون يوان، مع تراجع الإيرادات المركزية 2.8 % وتسارع الإيرادات المحلية بنسبة 1.6 %.
ما يعزز هذا الاتجاه هو الانخفاض الملحوظ في مبيعات أراضي الدولة، التي سجلت انهيارًا بنسبة 6.5 %، مما أدى إلى اتساع فجوة الميزانية إلى مستوى قياسي بلغ حوالي 2.57 تريليون يوان بينما ارتفع العجز بنسبة 45 % مقارنة بالعام السابق.
اقرأ أيضًا: توثيق الكرة السعودية يُشعل أغسطس.. أسرار تاريخية تكشف لأول مرة
تحليل الجدول السياسي والاقتصادي للسياسة المالية
في جلسة “الدورتين” الوطنية في مارس 2025، وافق البرلمان الصيني على خطة عجز بحوالي 4 % من الناتج المحلي، مع تخصيص 11.86 تريليون يوان سندات جديدة لتغطية الدين المحلي وتحقيق التنمية الاقتصادية القصوى خلال العام .
وبالرغم من هذه الديناميكية الإنفاقية، يظهر إنفاق الصين المالي توجهاً حذرًا، يوازن بين الحفاظ على الاستقرار المالي وضرورة التحفيز في ظل تباطؤ النمو وتعثر القطاع العقاري.
انعكاسات الإنفاق المالي على النمو والتوظيف
نمت اقتصاد الصين بنسبة 5.3 % في النصف الأول من 2025، متجاوزاً المستهدف الحكومي البالغ 5 %، بحسب إحصاءات رسمية، مما يعكس حدّة فعالية سياسات التوسع المالي رغم الضغوط الخارجية.
وقد دفع البنك الدولي إلى التوصية بمواصلة إنفاق حكومي مدروس لتعزيز الاستهلاك وتحفيز الاستثمار المحلي، لتفادي تأخر النمو نحو 4 % عام 2026 كما هو متوقع.
كيف يؤثر إنفاق الصين المالي على الأسواق العالمية؟
تحذيرات من آسيا والتوترات مع الولايات المتحدة دفعت الشركات والمستثمرين لإعادة تقييم تعرضهم للدوائر الاقتصادية الصينية. ومع ذلك، يرى محللون من بنك Barclays أن قوة الإنفاق الداخلي في الصين وشبكة الاستثمارات الحكومية تخلق فرصًا جديدة في أسواق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة، خصوصًا في قطاعات الطاقة والتعدين والبطاريات والتكنولوجيا.
كما أن التوسع في المشاريع الضخمة الدولية ضمن مبادرة الحزام والطريق (BRI) خلال النصف الأول من العام يتجاوز 124 مليار دولار، مما يعزز الطلب العالمي على الموارد ويعزز دور الصين في العقد الاستثماري الدولي.
جدول مقارنة لحركة الإيرادات والإنفاق الرئيسية
البند المالي | النسبة (%) | القيمة (تريليون يوان) |
---|---|---|
نمو الإنفاق الكلي للصين المالي | +3.4 | ≈ 14.13 |
نمو الإنفاق على الضمان الاجتماعي | +9.2 | — |
نمو إنفاق العلوم والتكنولوجيا | +9.1 | — |
نمو الإنفاق على التعليم | +5.9 | — |
نمو الإنفاق على الصحة | +4.3 | — |
انخفاض الإيرادات الكلية | −0.3 | ≈ 11.56 |
الإيرادات المركزية | −2.8 | ≈ 4.86 |
الإيرادات المحلية | +1.6 | ≈ 6.70 |
العجز المالي | — | ≈ 2.57 |
رؤية مستقبلية وتقييم السياسات
هل يستطيع إنفاق الصين المالي أن يدعم استمرار النمو دون زيادة مفرطة في الديون؟ الجديد أن الحكومة تدرس توسيع إصدار السندات الخاصة ودعم السيولة عبر برامج تمويليّة، إلى جانب إطلاق مبادرات استهلاكية جديدة مثل دعم التجارة مقابل التوفير في الأجهزة لتحفيز السوق المحلية وتحريك السيولة الحقيقية للمستهلكين.
إضافة إلى ذلك، تستهدف الحكومة تعزيز الإنفاق في مجالات الذكاء الاصطناعي والطباعة المتقدمة والطاقات الخضراء ضمن استراتيجية “أقوى في العلوم والتكنولوجيا” الماحية.
سجل إنفاق الصين المالي زيادة قوية 3.4 % في النصف الأول من 2025، ويوضح كيف تستجيب الدولة لضغوط اقتصادية خارجية عبر تحريك الإنفاق في القطاعات الاجتماعية والتقنية. لكن ذلك يأتي في ظل إيرادات متراجعة وعجز قياسي، مما ينذر بمرحلة مالية دقيقة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الاستدامة المالية وتحفيز النمو.
للقراء والمستثمرين، فإن متابعة تطورات الاستثمارات الحكومية ومؤشرات الديون العامة والإنفاق المحلي سيكون أساسيًا لفهم مسار الاقتصاد الصيني في النصف الثاني من 2025 وما بعده.
اقرأ أيضاً: خيارات نتنياهو بشأن حرب غزة تفتح فصلاً جديدًا… تعرف على السيناريوهات الثلاثة الحاسمة