الأمن السيبراني في الإمارات يغيّر قواعد اللعبة بتحول ذكي لا يفهمه الجميع
شهد عام 2025 تطوراً غير مسبوق في الأمن السيبراني في الإمارات، حيث تبنت الدولة تحولاً استراتيجياً شاملاً نقلها من المفهوم التقليدي للوقاية إلى نموذج الاستجابة الذكية، مستفيدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي ومحاكاة الهجمات المعقدة. هذه النقلة لا تعكس فقط تطور البنية التقنية، بل تمثل رؤية شاملة لمستقبل الأمن الرقمي في المنطقة.
الاستراتيجية الوطنية والتعاون بين الدولة والمجتمع
وضعت الإمارات خطة أمنية وطنية تجمع بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة ومكونات المجتمع المدني، لضمان تغطية شاملة لجميع التهديدات السيبرانية المتوقعة. الاستراتيجية الجديدة تعمل وفق نموذج تكاملي يعزز الاستعداد الرقمي ويوحد الجهود على مستوى الدولة. كما أُنشئ مجلس أعلى للأمن السيبراني للإشراف على تنفيذ المبادرات، ورصد الأداء، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لتبادل الخبرات والتقنيات.
من أبرز ملامح هذه الاستراتيجية، إدراج الأمن السيبراني في المناهج التعليمية، وتدريب الموظفين من كافة القطاعات، وضمان تحديث البنية التحتية الرقمية بشكل متواصل، مما يعزز الحماية من الهجمات الحديثة والمعقدة.
مستويات الإنفاق والوعي في صعود متواصل
وصل حجم الإنفاق على الأمن السيبراني في الإمارات عام 2025 إلى نحو 670 مليون دولار، مع توقعات بزيادات سنوية نتيجة لتوسع المدن الذكية والاعتماد المتنامي على الحوسبة السحابية. هذه الزيادة تعكس التزاماً واسع النطاق من الجهات الحكومية والخاصة على حد سواء بالاستثمار في الحماية الرقمية.
وفي جانب آخر، ارتفعت مستويات وعي الموظفين بالتهديدات الإلكترونية إلى 86%، وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم. هذا الإنجاز يعود إلى برامج التدريب والتثقيف الإلكتروني المستمرة، التي ساعدت في ترسيخ ثقافة الأمن السيبراني في بيئة العمل.
التطور في نوعية الهجمات وأساليب المواجهة الذكية
تواجه الإمارات تحديات رقمية معقدة ومتجددة، أبرزها هجمات الفدية، ومحاولات حجب الخدمة، واختراقات عبر الذكاء الاصطناعي. هذه التهديدات باتت تعتمد على تقنيات متطورة، بما في ذلك البرمجيات القادرة على تغيير خصائصها تلقائيًا لتفادي الاكتشاف.
في المقابل، طورت الدولة منظومتها الدفاعية لتشمل تقنيات استجابة ذكية، قادرة على رصد الهجمات لحظة وقوعها، وتحليل مصدرها، واحتوائها فورياً. كما أدخلت محاكاة واقعية للهجمات ضمن برامج اختبار جاهزية الأنظمة، الأمر الذي زاد من كفاءة الاستجابة وسرعتها.
اقرأ أيضًا: قفزة صادمة في مبيعات الأجهزة اللوحية في الإمارات: 1.8 مليار درهم خلال عام واحد
فجوة التوعية والسلوك لا تزال تمثل تحدياً
رغم الوعي المرتفع بين الموظفين، إلا أن سلوك الإبلاغ لا يزال يمثل نقطة ضعف حقيقية. فقط 67% من الموظفين يبلّغون الجهات المختصة عند حدوث خرق أمني، بينما يتعامل البعض مع الحوادث بشكل فردي أو يطلب المساعدة من غير المتخصصين.
هذا السلوك يعكس الحاجة إلى تعزيز ثقافة الشفافية والتبليغ الفوري، وتوفير منصات سهلة وسريعة للإبلاغ عن الحوادث، مع دعم الموظفين بالتدريب النفسي والمهني لتجاوز التردد أو الخوف من الخطأ.
القطاعات الأكثر استهدافاً ومخاطر الإهمال التقني
تشير الإحصائيات إلى أن القطاعات الحكومية، المالية، والطاقة هي الأكثر تعرضاً للهجمات السيبرانية في الدولة. من أبرز أسباب هذه الهجمات، الثغرات الناتجة عن سوء التكوين في الأنظمة، والتي تشكل أكثر من 30% من الحوادث المبلغ عنها.
كما سجل ارتفاع ملحوظ في استخدام تقنيات الهندسة الاجتماعية والتزييف الرقمي، حيث أصبحت رسائل البريد الاحتيالية، والانتحال باستخدام الفيديوهات والصوتيات، من أبرز وسائل المهاجمين لاختراق الأنظمة وجمع البيانات الحساسة.
الذكاء الاصطناعي في قلب الدفاع السيبراني الإماراتي
بات الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية في منظومة الأمن السيبراني الإماراتي. تستخدم المؤسسات أدوات تحليل ذكية قادرة على التنبؤ بالهجمات قبل وقوعها، وتصنيف البيانات الحساسة، ومراقبة سلوك المستخدمين داخل الشبكات.
كما تم تطوير أدوات نسخ احتياطي غير قابلة للتعديل، ونماذج استجابة تلقائية تدار عن طريق الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تقليص الزمن اللازم لاحتواء الحوادث بشكل كبير. وبدأت المؤسسات في إجراء اختبارات محاكاة تهديدات متعددة، ما يعزز من مرونتها واستعدادها.
تطورات الأمن السيبراني في الإمارات بين عامي 2024 و2025
المؤشر | عام 2024 | عام 2025 |
---|---|---|
عدد هجمات حجب الخدمة | 58,538 | 2,301 |
ارتفاع هجمات الفدية | 18% | 32% |
نسبة الموظفين الواعيين بالتهديدات | 79% | 86% |
الإبلاغ الرسمي عن الحوادث | 54% | 67% |
الإنفاق على الأمن السيبراني | 540 مليون دولار | 670 مليون دولار |
التحول في الأمن السيبراني في الإمارات لم يكن مجرد تحديث تقني، بل هو نهج استراتيجي يعكس إدراك الدولة لأهمية الحماية الرقمية كركيزة من ركائز الأمن القومي والتنمية المستدامة. اليوم، الإمارات لا تواكب التهديدات، بل تسبقها بخطوات مدروسة، من خلال الجمع بين التكنولوجيا، الوعي، وسرعة الاستجابة.
اقرأ أيضًا: هبوط حاد في أسهم البنوك… وضغوط جديدة على أسواق الإمارات: استراتيجية المستثمرين وسط تصاعد التوترات العالمية